طوسون باشا - 1794-30 سبتمبر 1816- Tosun Pasa، هو أحمد طوسون باشا بن محمد علي باشا، ولد عام 1210هـ - 1795، وكان كأبيه، عزماً وحزماً ومحباً للأعمال العظيمة، حتى إنه لما عظم أمر الدولة السعودية، في شبه الجزيرة العربية، وآنس منه ما تقدم من صفاته، سيره وهو فتى، لم يبلغ العشرين من عمره، في الحملة الأولى عليهم ، فأبحر عام 1226هـ -1811م، من السويس فنزل في ينبع وامتلكها، وزحف بجنوده على السعوديين، وكانوا في قوة عظيمة، فردوه إلى ينبع ولما علم والده بذلك، أمده بنجدة ، فاشتد بها أزره، وتقدم إلى المدينة، فأطلق عليها النار، وهدم بعض السور، ثم دخلها وأثخن في حاميتها، حتى سلمت، فأرسل مفاتيحها إلى والده، فبعث بها إلى الآستانة، وانتشر خبر فتح المدينة في الحجاز، فخارت عزائم المقاتلين، وتركوا مكه خوفاً من أهلها، فأتاها طوسون باشا، ودخلها، وكتب لوالده بذلك، فسر كثيراً لما أوتي على يد ولده من الفتح، الذي لم يتأت لكثير من القواد يومئذ.
وفي صيف 1228هـ -1813م زحف السعوديون على طوسون باشا وجنده، لعلمهم أنهم لن يتحملوا حر تلك الأصقاع، فاستولوا على كل ما بين الحرمين، فلما بلغ أباه ذلك سار بنفسه لنجدة ولده فنزل جدة في 30 شعبان 1228هـ، وبعد أن أقام بمكة مدة يسيرة وأدى فريضة الحج، قضت الأحوال بعودته إلى مصر فغادر الحجاز وظل طوسون يقاتل السعوديين فكان الظفر حليفه في كثير من المواقع وتقدم إلى نجد إلاّ أنه اضطر إلى التوقف لقلة المؤن وهو لم يبلغ الدرعية، ثم رجع إلى المدينة المنورة، واسترد السعوديون أكثر المواقع، التي استولى عليها.
وبلغه حدوث قلاقل في مصر، فخف برجاله إلى ينبع، واستبقى حامية في المدينة، ثم أبحر إلى السويس، وأتى بموكب عظيم إلى القاهرة، فاحتفل به احتفالاً شائقاً، ولم يلبث أن توجه إلى الإسكندرية، حيث كان أبوه وابنه عباس بك، الذي ولد أثناء غيابه، وبلغ سنتين من العمر، وتولى فيما بعد حكم مصر.
ولم يقم طوسون باشا بالإسكندرية مدة يسيرة حتى فاجأته المنية، غض الشباب، في 7 ذي القعدة عام 1231هـ - 30 سبتمبر 1816، فأتى بجثته إلى القاهرة، ودفن فيها، وكان جميل الطلعة، متوقد الذهن، ميالاً للعلم، ذا بأس وحزم، وتركت وفاته وقعاً شديداً في قلب والده محمد علي باشا.