عواصم - (وكالات): أعلن الحرس الثوري الإيراني مقتل الجنرال حسين همداني أحد كبار مستشاري الحرس الثوري مساء أمس الأول في ريف حلب الشرقي بسوريا، وتزامن ذلك مع التقارير التي تؤكد وجود مئات المقاتلين الإيرانيين في سوريا تمهيداً لتنفيذ هجوم بري، بينما بات تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي أمس على مشارف مدينة حلب إثر اختراق سريع لصفوف فصائل معارضة مقاتلة أخرى تستهدفها الضربات الروسية بشكل أساس. ولم يوضح الحرس الثوري الإيراني ظروف مقتل همداني لكن «داعش» أعلن أنه قتل خلال قصف مطار كويرس. والجنرال همداني، أرفع ضابط إيراني يقتل منذ بدء النزاع في سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن همداني كان مكلفاً بكسر الحصار المفروض على المطار من قبل التنظيم المتطرف منذ مايو الماضي.
وذكر بيان للحرس الثوري أن همداني قتل في ريف حلب على يد عناصر تابعة لـ «داعش»، وقال إن القتيل سقط «خلال تأديته مهامه الاستشارية».
وقالت وكالة الأناضول للأنباء إن همداني هو نائب الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وأضافت أنه كان مسؤولاً عن العمليات التي ينفذها لواءا «الفاطميين» والزينبيين» اللذان أرسلتهما إيران لمساندة نظام الأسد، فضلاً عن عمليات «حزب الله» اللبناني في سوريا. وأوضح بيان الحرس أن همداني كان أحد كبار مستشاري الحرس الثوري و»اضطلع بدور مصيري في الدفاع عن ضريح السيدة زينب وتعزير جبهة المقاومة الإسلامية» في الصراع الدائر بسوريا. وخاض همداني الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988 وتولى منصب نائب قائد الحرس الثوري الإيراني في 2005.
وقالت مصادر لـ «رويترز» الأسبوع الماضي إن مئات الجنود الإيرانيين وصلوا منذ أواخر سبتمبر الماضي للمشاركة في هجوم بري كبير مقرر في غربي وشمالي غرب سوريا، لكن إيران تنفي وجود أي قوات عسكرية لها في سوريا.
من جهة أخرى، أشارت وكالة أنباء «إيرنا» الإيرانية الرسمية، إلى سقوط صواريخ روسية بمحافظة أذربيجان شمال غرب البلاد وهو الاتجاه الذي كان من المقرر أن تعبر منه الصواريخ التي أطلقت من بحر قزوين في طريقها نحو أهداف في سوريا، وذلك رغم الرفض الروسي للتأكيدات الأمريكية بسقوط الصواريخ في إيران.
وأكدت الوكالة بالاستناد إلى شهود عيان سقوط «جسم طائر» في المحافظة، قالت إنه انفجر وتناثرت شظاياه في المكان. كما أكد قائم مقام مدينة تكاب في محافظة أذربيجان، إيرج ثقفي، سقوط الجسم الطائر في قرية قزقابان، التي تبعد 35 كيلومتراً عن المدينة، قائلاً إن «الجسم الطائر انفجر بعد سقوطه مما أدى إلى كسر زجاج نوافذ البيوت القريبة من محل السقوط». الى ذلك، يواصل جيش الرئيس بشار الأسد بدعم من «حزب الله» الشيعي اللبناني والطيران الحربي الروسي عمليته البرية ضد الفصائل الإسلامية في مناطق وسط وشمال غرب البلاد لا وجود لتنظيم الدولة فيها. وسيطر «داعش» على بلدات عدة شمال مدينة حلب إثر معارك عنيفة مع الفصائل المقاتلة. وأكد التنظيم المتطرف في بيان أنه وصل فعلياً إلى «مشارف مدينة حلب». ووفق مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن فإن ما يحصل هو بمثابة «أكبر تقدم لـ «داعش» باتجاه حلب». وبعد سيطرته على بلدات عدة شمال حلب، لم يعد تنظيم «داعش» يبعد سوى 10 كيلومترات عن الأطراف الشمالية للمدينة و3 كيلومترات عن مواقع القوات الحكومية في منطقة الشيخ نجار الصناعية خارجها.
وتشهد مدينة حلب معارك مستمرة منذ صيف 2012، وتسيطر قوات النظام على غرب المدينة في حين تسيطر فصائل بينها جبهة النصرة - ذراع القاعدة في سوريا - وأخرى إسلامية وغيرها على الأحياء الأخرى.
وقال مظفر، أحد الطباخين العاملين مع قوات النظام في المنطقة، «أصبح «داعش» على مقربة من مواقع الجيش السوري، ولكن نعتقد أنهم أذكى من مهاجمتنا تفادياً للرد الروسي». وأوضح عبد الرحمن أن التنظيم المتطرف «يستغل التشتت في صفوف الفصائل المقاتلة التي تستهدفها الغارات الروسية في محافظات عدة».
وعلق الخبير في المجموعات الجهادية رومان كاييه أن «»داعش» أعلن مرات عدة نيته شن هجوم على حلب من دون أن ينفذه فعلياً»، مشيراً إلى أنه «كان ينتظر اللحظة المناسبة واستغل الضربات الروسية ضد الفصائل المقاتلة للتقدم». وبالنسبة لتوماس بييريه، خبير الشؤون الإسلامية في جامعة ادنبرة، فإن «الروس يركزون ضرباتهم على الفصائل المقاتلة ولا يستهدفون «داعش» سوى نادراً».
إلى ذلك، كررت فرنسا اتهامها لروسيا بأن حملتها الجوية تهدف إلى حماية النظام السوري عوضاً عن استهداف متطرفي «داعش». وقال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان إن «80 إلى 90 % من العمليات العسكرية الروسية منذ نحو 10 أيام لا تستهدف «داعش» بل تسعى خصوصاً إلى حماية بشار الأسد». ودخل النزاع السوري المتشعب الأطراف منعطفاً جديداً مع بدء روسيا في 30 سبتمبر الماضي بشن ضربات جوية قالت إنها تستهدف «المجموعات الإرهابية»، في حين تعتبر دول غربية أن هدفها الفعلي دعم قوات النظام في ضوء الخسائر الميدانية التي منيت بها في الأشهر الأخيرة. وأعلن لودريان أن المقاتلات الفرنسية قصفت معسكر تدريب تابعاً للتنظيم المتطرف في معقله في الرقة شمالاً، مضيفاً أن «مقاتلتين من طراز «رافال» ترافقهما مقاتلات أخرى من الطراز نفسه انطلقت من الإمارات العربية المتحدة واستهدفت معقل «داعش» شمال البلاد، كما حصل في الغارة الأولى لفرنسا.
وبحسب المرصد السوري، قتل 16 متطرفاً من «داعش» وأصيب 20 في ضربات جوية نفذتها الطائرات الفرنسية ضد معسكر للتدريب جنوب مدينة الرقة.
وبين هؤلاء 3 تقل أعمارهم عن 18 عاماً كما يوجد بين القتلى أحد قادة التنظيم أبو عبدالله البلجيكي.
وبدأ الجيش السوري منذ يومين عملية برية واسعة وسط وشمال غرب البلاد مدعوماً للمرة الأولى بغطاء جوي من الطائرات الروسية. وأكد الكرملين أن الجيش الروسي سيواصل ضرباته العسكرية طوال الفترة التي سيستغرقها هجوم الجيش السوري البري.
كذلك، أعلن الجيش الروسي أنه قصف 60 «هدفاً إرهابياً» في سوريا في الساعات الـ 24 الأخيرة في تكثيف لضرباته منذ بدء التدخل العسكري في 30 سبتمبر الماضي، وفق ما نقلت وكالات الأنباء الروسية.
وأعلن الجيش السوري أن المساندة الروسية كانت فعالة لقواته، لافتاً إلى أنه أحرز تقدماً في منطقة الجب الأحمر الجبلية بين محافظتي حماة في وسط البلاد وريف اللاذقية غرباً. وهي تعتبر ذات أهمية استراتيجية لإشرافها على منطقة سهل الغاب، التي تخوض فصائل «جيش الفتح» وهو تحالف من فصائل إسلامية تضم جبهة النصرة، مواجهات منذ أشهر للسيطرة عليها.
وقال مصدر عسكري «للمرة الأولى انسحب عدد من الفصائل المسلحة التي تحاصر بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب لتغطي الفراغ الناتج عن انهيارات المسلحين في منطقة سهل الغاب».
وبحسب عبد الرحمن، فإن الحملة البرية «تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية مناطق سيطرة النظام في محافظتي حماة واللاذقية، لتشن قوات النظام بعد ذلك هجوماً مضاداً لاستعادة محافظة إدلب شمال غرب البلاد».
وفي تطور آخر، أعلن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر في لندن أن الرئيس باراك أوباما وافق على تغييرات عدة في برنامج تدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة والذي علق نهاية سبتمبر الماضي بسبب نتائجه المخيبة للآمال. في شأن متصل، أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية أن الولايات المتحدة ستقلص برنامجها لتدريب المعارضة السورية المعتدلة لقتال «داعش» وستركز بدلاً من ذلك على تدريب وتسليح القادة المخضرمين.
ونهاية سبتمبر الماضي، أعلن البنتاغون أن واشنطن «علقت» البرنامج لإعادة النظر فيه بعدما كانت أطلقته في بداية العام بكلفة 500 مليون دولار ليشمل 5 آلاف من مقاتلي المعارضة السورية بهدف التصدي لـ «داعش». لكن نتائجه جاءت كارثية، فالتدريب شمل فقط مجموعتين من 54 و70 مقاتلاً. وفي يوليو الماضي، تعرضت المجموعة الأولى لهجوم من جبهة النصرة، ذراع القاعدة في سوريا.
في السياق ذاته، أعلن البيت الأبيض أن واشنطن لا تدرس إقامة مناطق حظر طيران في سوريا.