أكد تقرير لوكالة أبناء البحرين (بنا) أن كلمة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى التي ألقاها أمس أمام الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشورى مع بدء انطلاق دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الرابع، عبرت عن تطلعات المواطنين وتوقعاتهم بشأن حياة نيابية مقبلة أكثر تماساً مع احتياجات الشعب وطموحات الرأي العام، كما مثلت الكلمة حقيقة يسعى ممثلو الأمة من نواب المجلسين لتجسيدها على أرض الواقع باعتبارهم مساهمين رئيسيين في الحياة السياسية بالمملكة، وعنصراً فاعلاً في تطوير التجربة الديمقراطية والمشروع الإصلاحي للعاهل المفدى.
وأشار التقرير، الذي بثته «بنا» أمس إلى أن ذلك يبدو واضحاً بالنظر إلى مضامين كلمة جلالة العاهل المفدى والمعاني والدلالات التي حملتها، وعكست في مجملها ذلك التقدير الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة للسلطة التشريعية بمجلسيها، ومدى الثقل والمكانة الذي تتمتع به ضمن مدركات العاهل المفدى وتصوراته، والدور المناط بنواب الشعب، وهو دور كبير ومقدر، في اجتياز المرحلة الحالية التي تمر بها البحرين والمنطقة، خاصة لجهة التعاطي مع التحديات الاقتصادية والأمنية، التي تفرضها مستجدات المنطقة والعالم، وتتطلب أقصى اهتمام ممكن لتجنب تداعياتها السلبية الخطيرة.
القارئ المدقق لمحتوى الكلمة السامية يستطيع أن يستشف العديد من الخلاصات والعبر، لعل أهمها، ذلك التأكيد السامي على أولوية المواطن ومحوريته في منظومة اهتمام الحكومة ووعي القيادة الرشيدة، وهو الاهتمام الذي شغل حيزاً كبيراً من مفردات الكلمة السامية، حيث وصف بأنه «الثروة الحقيقية للوطن»، خاصة عندما أبرز جلالته أكثر من مرة أن أي إجراءات حكومية يمكن أن تتخذ لمعالجة الوضع الاقتصادي، لن يمس المواطن من قريب أو بعيد، وذلك في رسالة واضحة بأن الخدمات التي تقدمها الحكومة لأهل هذا البلد الكريم لن يتم تقليلها أو المساس بها في ظل البرامج والإجراءات لدعم الميزانية والتخفيف من الأعباء المالية التي تتحملها الدولة.
وتأكد ذلك ثانية، عندما أشار جلالة العاهل المفدى إلى أن التحديات الاقتصادية التي تمر بها المملكة، وهي تحديات شملت دول المنطقة والعالم، ولا تقتصر على البحرين وحدها، وتفرض نهجاً معيناً للتعامل معها، لن تؤثر على البرامج التنموية والمشروعات الطموحة التي تتبعها البلاد، حيث أكد جلالته في وعد وبشرى خيرة، بمواصلة هذه البرامج والاستمرار فيها دون توقف وبما يشمل كافة القطاعات والخدمات الحيوية، وخص سموه بالذكر أكثر القطاعات والمشروعات حيوية وتماساً مع احتياجات الشارع ومطالب الجماهير، وهي مشروعات البنية الأساسية والتعليم والصحة والإسكان وغيرها.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث ختم العاهل المفدى كلمته السامية بإعادة التأكيد على المضي قدماً، ورغم كل ما تواجهه البحرين من تحديات، نحو تحقيق المزيد من الإصلاح وتنمية المجتمع، في إشارة واضحة لذلك الارتباط الوثيق بين مسيرة التطور الديمقراطي والتحديث التنموي الذي يشمل كافة المجالات، والذي لا يمكن أن يتحقق النجاح في أي منهما دون النجاح في الجانب الآخر، ويعكس إيمان القيادة الرشيدة القوي وقناعتها المطلقة بمحورية دور المورد البشري البحريني، هدف وموضوع عمليتي الإصلاح والتحديث، في قيادة نهضة المملكة والارتقاء بأسس ومسيرة تنميتها.
ولا يمكن فصل هذه المعاني السامية التي تعطي للإنسان البحريني ثقله ومكانته عن ذلك التقدير الكبير الذي يوليه جلالة العاهل المفدى لمؤسسات الدولة المختلفة باعتبارها الأساس الركين للنمو والتطور، ولا يمكن لأي عمل وطني مشترك أن يتم دون أي منها، وهنا يمكن النظر لثلاث إشارات مهمة ركزت عليها الكلمة الملكية، الأولى عندما أكد جلالته على دور السلطة التشريعية في خدمة البلاد وتعزيز قيم الديمقراطية ومشروع الإصلاح، وتقديره لحرصها التام على القيام بمهامها المنوطة بها، وهي مهام جسام، انطلاقاً من التزامها الدستوري الأصيل بخدمة الوطن والمواطنين، وإيمانها الثابت الذي لا يتزعزع بمفاهيم الديمقراطية النابعة من الثقافة والقيم الوطنية العريقة التي سطرها الميثاق الوطني الجديد.
الإشارة الثانية، أشاد فيها جلالة العاهل المفدى بدور وجهود السلطة التنفيذية والحكومة في تحقيق ما تصبو إليه البحرين من طموحات وشعبها الأبي من تطلعات، موجها الشكر والتقدير لكل من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وذلك لمساعيهما الدؤوبة والمستمرة لمتابعة تنفيذ وتطوير برنامج العمل الحكومي وبالتعاون مع كافة فئات المجتمع وبما يلبي احتياجات المواطنين وتطلعاتهم، وهي معادلة تؤكد عمق التوجه السامي بضرورة التعاون بين أجهزة الدولة وسلطاتها والمسؤولية المشتركة التي تجمعهم من أجل استمرارية ومواصلة الجهد بهدف تحقيق الخير لهذا الوطن وأبنائه الكرام.
الإشارة الثالثة كانت من نصيب مؤسسة أخرى من مؤسسات المملكة الراسخة، وهي قوة دفاع البحرين، التي أولاها جلالة العاهل المفدى وتضحيات جنودها البواسل كل ثناء وتقدير، خاصة لما بذلته من جهد في الذود عن حياض الوطن والأمة والعقيدة والإنسانية سواء في داخل البحرين أو ضمن مشاركتها ومساهمتها الواضحة والفاعلة في قوة التحالف العربي لاستعادة الشرعية باليمن الشقيق، ولذلك لم يكن غريباً أن يوجه جلالته بضرورة استذكار وتخليد مثل هذه الجهود، حيث خصص الـ 17 من ديسمبر سنوياً للاحتفاء بالشهداء، كما وجهت وزارة التربية والتعليم بالعمل على توثيق وتدريس مشاركات البحرين وجنودها البواسل في هذه الملحمة التي تعكس دور المملكة العروبي والإسلامي.
ونظراً لأن البحرين ليست بمعزل عن المنطقة والتطورات الحاصلة فيها، سيما تلك التي تهدد أمن واستقرار دولها، والتي باتت تمتد بتداعياتها ومخاطرها إلى كل الشعوب العربية، ومنها شعب البحرين، فقد أولى العاهل المفدى اهتماماً واضحاً بضرورة حماية أجواء الهدوء والطمأنينة التي عاش في كنفها مواطنو البحرين منذ عقود وسنوات، وربط بين ذلك والمستقبل الواعد والزاهر الذي ينتظر البلاد، محذراً من مغبة مؤامرات الإرهاب والإجرام التي حيكت بليل ضد المملكة، ونجحت في وأدها في مهدها، وذلك بفضل عقول رجالاتها ووعي مجتمعها اليقظ والرافض أي محاولة لاستهداف أمن وأمان أهل هذا الوطن الكريم.
إشارات عديدة أخرى، لم تكن بعيدة عن رؤى جلالة العاهل المفدى، وشملت أوضاع الخارج كما أوضاع الداخل أيضاً، وعبرت عن حس بحريني عال بالمخاطر التي تحدق بالوطن العربي كله، خاصة عندما أشاد جلالته بقرار الشقيقة السعودية من خلال عاصفة الحزم والأمل لتثبيت الشرعية في اليمن، ودور البحرين في إطارها، كما طالب جلالته بعمل عربي جماعي في إطار جامعة الدول العربية من أجل الدفاع عن قضايا الأمة العادلة سواء في سوريا أو في فلسطين.