بغداد - (الجزيرة نت): قضى مصطفى النعيمي أكثر من عامين في سجون الجيش العراقي قبل 5 سنوات، بعدما اعتقلته القوات الأمنية من منزله في حي الأعظمية وسط العاصمة بغداد، واتهمته بالانضمام لجماعة إرهابية.
وعلى مدى عامين، لم تعرف الأسرة موعد الإفراج عنه، كما أنها لم تقف على إجراءات واضحة أو مسار قانوني يجري اتباعه بشأن مصطفى، الذي ترك خارج السجن طفلاً وزوجة فضلاً عن والديه، لم يتمكنوا جميعاً من زيارته إلا مرات قليلة ومتباعدة.
وتمثل حالة النعيمي نموذجاً لعمليات اعتقال عشوائي لكثير من العراقيين، بقي بعضهم في السجون مدداً طويلة، وصلت إلى أكثر من 5 سنوات بسبب ما يعرف باسم «المخبر السري»، الذي يرشد عنهم، وتكون النتيجة استمرار اعتقالهم فترات طويلة دون محاكمة أو حتى تحقيق.
ويحكي النعيمي أن القوات الأمنية العراقية عندما اعتقلته لم تكن تحمل مذكرة قضائية، حيث اعتقلته بشكل عشوائي مع عدد من المواطنين، وأمضوا عامين وأربعة أشهر في السجن، دون أن يحقق أحد معهم، وبعد ذلك قال المسؤولون عن السجن إنهم ليسوا «إرهابيين»، وقرروا الإفراج عنهم.
وأضاف أن عائلته بقيت بلا معين، كما تضرر عمله، ثم خرج من السجن دون تعويض أو محاسبة للجهة التي اعتقلته بشكل عشوائي.
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق مدحت المحمود قد اعترف -في وقت سابق- بوجود 498 مخبراً سرياً كاذباً في بغداد، مؤكداً إحالتهم إلى المحاكم بعد تقديمهم أخباراً كاذبة، لكن قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي لعام 1971 يرفض في المادة 73 الكشف عن هوية المخبر السري الذي قدم إخباراً بالجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي والجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد.
ويعلن مجلس القضاء في كل شهر الإفراج عن عدد من المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم، ويصل الرقم إلى أكثر من ألف شخص شهرياً، أغلبهم كانوا ضحية المخبر السري.
النائبة البرلمانية عن اتحاد القوى الوطنية لقاء وردي قالت إن «المخبر السري كان سبباً في وجود آلاف الأبرياء داخل السجون العراقية دون سبب، وأنها مجرد تهم مفبركة، وهذا ما تسبب في انتهاكات لحقوق الإنسان وغياب العدالة التي تحدثت عنها الحكومات العراقية».
وأضافت أن «أعداداً كبيرة من المعتقلين لم يتم التحقيق معهم ولا حتى محاكمتهم، وكأنهم اعتقلوا لأجل الاعتقال، وليس لوجود تهم جادة عليهم، ومن ثم يخرجون بعد سنوات بلا إدانة، لكن حياتهم تضررت وسمعتهم لحق بها الأذى، واجتماعياً خلقت لهم مشاكل كبيرة، كل هذا بسبب الاعتقال غير المبني على معلومات دقيقة».
وخلال أغسطس الماضي، أفرجت السلطات القضائية العراقية عن 8536 متهماً لم تثبت إدانتهم في ما نسب إليهم، بينهم 7255 موقوفاً أخلي سبيلهم في دور التحقيق، فضلاً عن 1281 آخرين في دور المحاكمة.
مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان مصطفى سعدون قال إن «السنوات الماضية شهدت اعتقالات واسعة قامت بها الحكومة العراقية، وأغلب تلك الاعتقالات -إن لم تكن جميعها- كانت دون وجود أمر قضائي ودون وجود تهم حقيقية لأغلب المعتقلين، وهذا ما تثبته وتؤكده عمليات الإفراج التي يقوم بها مجلس القضاء الأعلى للمعتقلين».
وأضاف أن «بقاء المعتقل لأشهر وسنوات دون وجود تحقيق أو محاكمة مخالف لمبادئ حقوق الإنسان ومخالف للقوانين العراقية التي تؤكد ضرورة أن تكون عملية الاعتقال مبنية على وجود مذكرة من القاضي وهذا ما لم يحصل، لذا هناك مئات الآلاف -ربما- مازالوا في السجون». وأكد سعدون ضرورة أن «تتوخى الحكومة الحذر في عمليات الاعتقال، وأن تلتزم بالمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وعدم ترك المعتقلين فترات طويلة دون محاكمة».