عواصم - (وكالات): التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس في منتجع سوتشي على البحر الأسود، ولي ولي العهد السعودي، ووزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث بحث معهما تداعيات الأزمة السورية، فيما أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الرياض وموسكو سيزيدان التعاون بشأن سوريا ومحاربة الإرهاب، معرباً عن أمله في إجراء المزيد من المحادثات الأسبوع المقبل، مشدداً على أن «بلاده تريد حكومة انتقالية في سوريا تؤدي في النهاية إلى رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد عن السلطة»، بينما أعلن نظيره الروسي سيرغي لافروف أن «روسيا مستعدة للعمل مع الجيش السعودي بشأن سوريا». ميدانياً، يواصل الجيش السوري مدعوماً من «حزب الله» الشيعي اللبناني وسلاح الجو الروسي تقدمه في محافظات عدة وسط وشمال غرب البلاد، في وقت تحدثت فيه منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» عن استخدام قنابل عنقودية روسية جديدة ومتطورة للمرة الأولى في النزاع. واجتمع بوتين مع الأمير محمد بن سلمان أمس في أقوى محاولة من موسكو للتواصل مع الدول الداعمة للمعارضة السورية منذ انضمام روسيا للصراع بتنفيذ غارات جوية. والتقى بوتين مع الأمير محمد بن سلمان على هامش سباق جائزة روسيا الكبرى ضمن بطولة «فورمولا1»، في سوتشي أمس. ويأتي ذلك بعد أسبوعين تقريباً من بدء موسكو حملة قصف على معارضي الأسد.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي ظهر إلى جانب نظيره الروسي سيرغي لافروف إن «الرياض لديها مخاوف بشأن سياسة روسيا»، مضيفاً أن «لديه بعض القلق بشأن العملية الروسية في سوريا»، بينما قال لافروف إن «موسكو تتفهم مخاوف السعودية وأن الدولتين تتفقان على هدف منع إقامة خلافة إرهابية في سوريا». وذكر لافروف أن «روسيا مستعدة للعمل مع الجيش السعودي بشأن سوريا». والتقى الرئيس الروسي ولي عهد أبوظبي لبحث الأمن في الشرق الأوسط والصراع في سوريا.
وقال بوتين للشيخ محمد بن زايد على هامش سباق الجائزة الكبرى الروسي للسيارات في سوتشي «أرحب بفرصة الحديث عن الوضع في المنطقة خاصة في ضوء الأعمال الإرهابية الأخيرة في تركيا». وكان الكرملين قد أكد في بيان أن الجانبين «سيوليان اهتماماً خاصاً للتطورات في الشرق الأوسط، خصوصاً في سوريا، بما يشمل الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب الدولي». من جهتها، نقلت وكالة إنترفاكس عن بوتين قوله إن «روسيا لا تريد التورط بحرب دينية في سوريا». في المقابل، أعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مقاطعته للمحادثات التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا بسبب انتقادها للمقترح والضربات الروسية في سوريا.
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائراتها قصفت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 63 هدفاً «إرهابياً» في محافظات حماة واللاذقية وإدلب والرقة.
وأكدت موسكو أنها دمرت 53 موقعاً يستخدمها «الإرهابيون» فضلاً عن مركز قيادة و4 معسكرات تدريب و7 مستودعات ذخائر. وجدد بوتين التأكيد أن موسكو لن ترسل قوات برية لتقاتل إلى جانب القوات النظامية في سوريا حيث بدأت روسيا منذ نهاية سبتمبر الماضي حملة غارات جوية مكثفة. وأوضح أن الهدف من التدخل العسكري هو «الحفاظ على استقرار السلطات الشرعية وتوفير الظروف لتنفيذ تسوية سياسية». وحقق الجيش السوري تقدماً على جبهات عدة في عمليته البرية الواسعة ضد الفصائل الإسلامية المقاتلة في ريف حماة الشمالي باتجاه الطريق الدولي دمشق - حلب وفي تلال ريف اللاذقية الشمالي والشمالي الشرقي وفي ريف إدلب الجنوبي. ويبدو أن الجيش السوري يحاول تحصين مواقعه في حماة خلف قوس يمتد من غرب خان شيخون جنوب إدلب على الطريق الدولي وصولاً إلى كفر نبودة غربا.
وقال مقاتلون إن طائرات حربية روسية قصفت مسلحين معارضين لا ينتمون لـ «داعش» مما ساعد القوات الموالية للأسد على إحراز تقدم ميداني واستعادة أراض وإلحاق انتكاسة جديدة باستراتيجية واشنطن وحلفائها.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الجيش السوري و«حزب الله» استعادا السيطرة على بلدة تل سكيك في محافظة إدلب بعد قصف روسي مكثف. وبذلك تصبح القوات الحكومية السورية أقرب إلى مواقع يسيطر عليها مقاتلو المعارضة على طول الطريق السريع الذي يربط المدن الرئيسة في سوريا. ويسيطر على المنطقة تحالف للمعارضة لا يشمل «داعش». ونقلت صحيفة «الوطن»، المقربة من نظام الأسد، «واصل الجيش قلب الطاولة على التنظيمات المسلحة في أرياف حماة وإدلب واللاذقية حيث اقترب من حدود مدينة خان شيخون». وفي ريف حماة الشمالي، قال مصدر عسكري إن «الجيش السوري يوسع نطاق عملياته البرية حول مدينة مورك شرقاً ومعان شمالاً» ولاتزال الاشتباكات مستمرة في مناطق عدة تحت التغطية الجوية الروسية. وعلى جبهة أخرى، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «قوات النظام تتقدم في جبهة محور سهل الغاب جنوب إدلب، إحدى أهداف العملية البرية حالياً، وهو عبارة عن مثلث يصل حماة باللاذقية وإدلب، ويقود «حزب الله» العمليات فيه».
ويخوض «جيش الفتح» الذي يضم جبهة النصرة - ذراع تنظيم القاعدة في سوريا - وفصائل إسلامية أبرزها حركة أحرار الشام منذ أشهر مواجهات عنيفة ضد قوات النظام للسيطرة على سهل الغاب. وبحسب عبد الرحمن، فإن إحدى أهداف العملية البرية الحالية هو الدخول إلى منطقة جسر الشغور وكسر الحصار عن بلدتي الفوعة وكفريا في إدلب عن طريق السيطرة على سهل الغاب وتأمين ريف اللاذقية الشمالي. ويقتصر وجود النظام في إدلب، الواقعة تحت سيطرة «جيش الفتح»، على المسلحين الموالين في الفوعة وكفريا. وفي إطار العملية البرية ذاتها، قال مصدر عسكري ميداني «يستكمل الجيش السوري عملياته في ريف اللاذقية الشمالي ويحكم سيطرته على قرية كفردلبة بشكل كامل». وبدأ الجيش السوري منذ أيام عدة، مدعوماً للمرة الأولى بغطاء جوي من الطائرات الروسية، عملية برية واسعة في مناطق وسط وشمال غرب البلاد لا وجود فيها لتنظيم الدولة «داعش». ودخل النزاع السوري المتشعب الأطراف منعطفاً جديداً مع بدء روسيا شن ضربات جوية قالت إنها تستهدف «المجموعات الإرهابية»، في حين تعتبر دول غربية أن هدفها الفعلي دعم قوات النظام في ضوء الخسائر الميدانية التي منيت بها في الأشهر الأخيرة.
وتفادياً لأي احتكاك جوي بينهما، أعلنت واشنطن وموسكو عن تقدم في المباحثات بينهما حول تأمين الأجواء السورية المكتظة بحركة المقاتلات. وظهرت إشكالية تامين المجال الجوي السوري مع دخول روسيا عسكرياً النزاع في سوريا في 30 سبتمبر الماضي، في حين تقود الولايات المتحدة تحالفا ينفذ غارات في سوريا منذ سبتمبر 2014 ضد المتطرفين.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن المعسكر التدريبي التابع لـ «داعش» الذي استهدفته المقاتلات الفرنسية كان يأوي مقاتلين «فرنسيين وناطقين بالفرنسية»، مؤكدة بذلك معلومة نشرتها صحيفة «جورنال دو ديمانش» الفرنسية.
من جهة ثانية، أعلن القائد السابق للحرس الثوري، جيش النخبة في النظام الإيراني، الجنرال محسن رضائي أن الجنرال الإيراني حسين همداني احد قادة الحرس الثوري الذي قتل الأسبوع الحالي في سوريا، شارك في «80 عملية» في البلد الذي يعيش تحت وطأة الحرب.
وأضاف خلال تشييع همداني، أن الأخير «زار سوريا منذ عام 2011، حيث أسس قوات الدفاع الوطني الموالية للنظام وشارك في 80 عملية».