كشف مصدر لـ «الوطن» أن «لوبي» من الأطباء الاستشاريين في مجمع السلمانية الطبي يقود حملة لرفض قرار وزارة الصحة بتطبيق نظام الحضور والانصراف على الأطباء أنفسهم، وهو القرار الذي يشمل كافة العاملين في المجمع.
وعمل الأطباء الاستشاريون في السلمانية خلال الفترة الماضية دون نظام للحضور والانصراف، ما أدى إلى حالة من «التسيب الإداري» في العمل، حيث تراجعت ساعات عملهم اليومية والأسبوعية، خاصة أن معظمهم لديهم عيادات خاصة خارج المجمع، ويفضلون قضاء ساعات عمل أكثر فيها لمراجعة مرضاهم في العيادات الخاصة، وفي كثير من الأوقات يفضلون إجراء عمليات جراحية في مستشفيات خاصة لحسابهم الخاص.
وأشار المصدر إلى أن نتائج عدم التزام الأطباء الاستشاريين بساعات عمل معينة ونظام حضور وانصراف خاص، أدى إلى تكدس المئات من المرضى في مجمع السلمانية، وقوائم انتظار طويلة مازالت تنتظر العلاج، حيث أن كثيراً من الاستشاريين لم يعد لديهم الوقت لانشغالهم بعياداتهم الخاصة مع استمرار صرف الراتب من وزارة الصحة، بالإضافة إلى أن هؤلاء الاستشاريين الكفاءات لا يدربون الأطباء تحت التدريب وطلبة الطب.
وتساءل المصدر حول هذه الظاهرة «جميع موظفي الحكومة يعملون خلال ساعات معينة، ولديهم نظام حضور وانصراف يلتزم به الجميع، والأطباء الاستشاريون يعتبرون من موظفي الحكومة.. فلماذا لا يلتزمون هم أيضاً بمثل هذا النظام؟».
وحاول «لوبي» الأطباء قبل فترة الاتصال بجهات حكومية من أجل ممارسة ضغوطات على وزارة الصحة لإلغاء القرار، ولكن هناك توجهاً حكومياً واضحاً بضرورة تطبيق الأنظمة والإجراءات على الجميع دون استثناءات، ومازال العاملون بـ»السلمانية» بانتظار معرفة توجهات الوزيرة الجديدة، وينتظرون منها حسماً في هذه المسألة لإنهاء معاناة المرضى، ومعالجة مشكلة عدم التزام الأطباء بساعات العمل التي يذهب ضحيتها المريض.
وأجرت «الوطن» اتصالاتها مع عدد من الأطباء الاستشاريين والعاملين بمجمع السلمانية الطبي، للتعرف على الآراء بشأن الالتزام بساعات العمل ونظام الحضور والانصراف.
وقال أحد الأطباء إن «الأطباء يناقشون وعوداً قدمتها الوزيرة الجديدة سيتم الإعلان عنها خلال أسبوعين، ولكن من غير المعروف ما إذا كانت ستسمح باستمرار (تسيب) الأطباء الاستشاريين، أم تلزمهم بنظام العمل الذي ينبغي تطبيقه على الجميع؟»، مؤكداً أن قرار الحضور والانصراف منصف للطبيب، ومهم أكثر للمريض، ولا يمس مكانة الطبيب الاستشاري أو تقديره.
وحول تأثير غياب هذا النظام على الأداء الطبي، أوضح الطبيب أن غالبية الأطباء الاستشاريين لا يحضرون الأنشطة التدريبية المقامة للأطباء المتدربين أو حتى لطلبة الطب، ما يؤثر سلباً على نقل الخبرات وينعكس بالتأكيد على المرضى لاحقاً.
وتحدثت إحدى الممرضات حول أحد الأطباء الاستشاريين الذي «لا يكترث بساعات العمل نهائياً، وبسبب غياب نظام للحضور والانصراف والمحاسبة الإدارية، فإنه كثير السفر في أيام الأسبوع العادية التي يفترض أن يعمل فيها، وفي إجازات نهاية الأسبوع، وهذا يتم بدون إشعار إدارة مستشفى السلمانية، أو حتى إعلام الاستشاريين الآخرين ليتولوا مهام الطبيب نفسه خلال فترة سفره».
وبينت أن عدداً من الأطباء الاستشاريين لا يرغبون في أن تتم محاسبتهم أو مساءلتهم إدارياً على ساعات العمل لأنه لا يهمهم العمل بالمستشفى الحكومي بقدر اهتمامهم بعملهم في العيادات الخاصة.
وبدأت طبيبة متدربة حديثها مستغربة من عمل بعض الأطباء الاستشاريين، حيث «يبدأ عملهم أحياناً بمجرد تسجيل الحضور صباحاً، ثم الانصراف سريعاً إلى عياداتهم الخاصة خارج مجمع السلمانية الطبي، والعودة لاحقاً بعد الساعة الثانية والربع لتسجيل الانصراف!».
وقالت «كثير من الأطباء الاستشاريين يرفضون استقبال حالات مرضية جديدة أو يعالجون مرضاهم رغم أن حالاتهم تدخل ضمن نطاق تخصص الطبيب الاستشاري، وبسبب عدم التواجد المستمر يضطر المرضى في أوقات كثيرة إلى طلب تغيير الطبيب الاستشاري المعالج».
وأكدت ممرضة أخرى أن مجموعة من الأطباء الاستشاريين مازالوا على قناعة بأنه لن تكون هناك عقوبات أو مساءلة إدارية على الحضور والانصراف من إدارة مجمع السلمانية الطبي أو وزارة الصحة، ولذا نجدهم لا يكترثون بتسجيل حضورهم وانصرافهم كل يوم. وفي جولة لـ»الوطن» لمتابعة قضية نظام الحضور والانصراف، لاحظت أن عدداً من الأطباء الاستشاريين يركنون سياراتهم في الصباح قرب قسم الأطراف الصناعية، حيث تسهل عملية تسجيل الحضور في الجهاز الموجود في القسم من الخارج، ولا يمكن أن يشاهدهم أحد من المسؤولين، وبعدها يغادرون المستشفى حتى نهاية العمل ظهراً، ونفس الظاهرة تتكرر في مبنى الفاتح، حيث توجد أجهزة تسجيل الحضور والانصراف. واتخذت وزارة الصحة مؤخراً إجراءات مهمة لتقليل المصروفات وترشيد الإنفاق وضمان الضبط الإداري للعاملين في القطاع الطبي الحكومي.