رغم أنني بلغت من العمر عتياً إلا أن الظروف الحياتية والمعيشية وغيرها حالت دون إتاحة الفرصة للقيام بجولة سياحية للدول التي حباها الله بكل مقومات السياحة الشيقة والممتعة، مثل المساحات الشاسعة الخضراء، والجبال الشاهقة، والأنهر والشلالات، وصفاء الجو من الملوثات مثل الغبار وغيره، والشواطئ الرملية النظيفة، وغيرها من النباتات والأشجار الوارفة التي تفتح النفس وتعيد للأرواح حيويتها وشبابها، مثل خدمة المساج المحركة للدماء في الأبدان المتعبة.
مؤخراً وبمشيئة الله عزمت الترحال إلى سريلانكا مع حملة المواسم الحسنة السمعة والصيت وبإشراف مندوبها المخضرم وخفيف الدم والروح عبدالله عيسى اليعقوب الملقب بأبي نور، لن أبالغ لو قلت إن السفر مع الحملة كان رحلة ناجحة جداً وفي غاية السلاسة والمتعة من حيث التنظيم الجيد المدروس، والتقيد بالوقت، وتنظيم البرامج والجولات السياحية لمشاهدة كثير من معالم تلك الديار التي أخالها قطعة من الجنة نظراً لما تتمتع به من مناظر خلابة.
إن سريلانكا من الدول التي حباها الله بكل مقومات السياحة، فهي جميلة ورائعة بكثرة أنهارها، وشلالاتها، ووديانها، والارتفاعات الشاهقة بجبالها المكسوة باللون الأخضر، جبال تفوق في علوها مستوى الغيوم. سريلانكا من الدول التي لا يمل الإنسان من زيارتها خاصة إذا علمنا أن أهلها يمتازون بالطيبة والبساطة، وبخلاف شعوب كثير من الدول، وبخاصة العربية والإسلامية منها.
معظم الجبال في سريلانكا مكونة من تربة حمراء خصبة وصالحة للزراعة. السريلانكيون رغم هزالة أو رشاقة أبدانهم إلا أنهم يضجون حيوية ونشاطاً، ويعتمدون على أنفسهم في زراعة أصناف كثيرة من المواد الغذائية التي تسقيها الأمطار مثل الأرز، والعدس، والفواكه وغيرها من أصناف كثيرة. سكان المنطقة يمتازون بالطيبة واللطافة والأدب مع الغرباء ما يحبب الناس فيهم وبخاصة في نسائهم السمراوات الحسان. الأسعار عامة عندهم مناسبة قياساً بالأسعار في كثير من الدول. لقد لفت نظري وجود سيارات يابانية مدون عليها (HYBRID) فهي تعمل بالبنزين والهيدروجين، أتمنى لو جلبنا عدداً منها على سبيل التجربة، وأود أن ألفت أنظار المواطنين أن صرف العملة الأمريكية فئة المائة دولار في سريلانكا أفضل بفارق مقداره 2000 ربية سريلانكية، بمعنى لو صرفنا تلك الفئة من الدولارات في مقابل الربية في البحرين سيكون الناتج 12000 ربية بينما لو صرفناها في سريلانكا ستكون النتيجة 14000 ربية. أرأيتم الفرق؟. لن أبالغ لو قلت: لو أردت إبراز كل ما رأيت ولمست في سريلانكا التي يجهل الكثير منا ما تمتاز به من روائع الطبيعة فلن أستطيع أن أوفيها حقها من الإطراء والمديح.
باختصار شديد أستطيع القول: إن سريلانكا قطعة من الجنة أودعها الله في أرضه. ومن الملفت للنظر أن السريلانكيين يعتمدون في تنقلاتهم على أنواع من الدراجات النارية التي تجنبهم الاختناقات المرورية، لابد من القول إن إصحاب الدراجات التي تسمى تك تك لا يختلفون مع الأسف كثيراً عن أقرانهم من أصحاب سيارات الأجرة الذين لا يتقيدون بالتسعير الرسمية.
لقد ذهلت لكثرة مزارع الشاي المترامية الأطراف التي يعتمد في جمع أوراقها على النساء لقاء أجور بسيطة. وتجنباً للإطالة أقول: إن السفر مع حملة المواسم يجعلك على الدوام «باسم».
لقد قام مرافقنا مندوب الحملة بدوره تجاهنا بأمانة وبكفاءة عالية وراقية نالت إرضاء الجميع. ولابد من القول إن الرحلات الترفيهية السياحية النظيفة محببة لنفوس الأسوياء ففيها الأنس وتفريج الضيق، والهم الجاثم على صدورنا جراء الأحداث المؤسفة المحيطة بدولنا.
أعود لأقول: إن الرحلات الترفيهية تتيح الفرصة لكسب مزيد من المعارف والمعلومات. السفر والترحال يكسب الإنسان تجربة وخبرة ومزيداً من التأمل في ملكوت الله وخلقه. الذي ساهم في إنجاح الرحلة يكمن في نوعية المرافقين الذين كانوا على درجة كبيرة من الوعي والتآلف والتعاون. لقد رتب لنا المندوب الذي كان يمتاز بقهقهة مميزة برامج زيارات لأماكن سياحية رائعة لم نكن لنحلم برؤيتها، أماكن غاية في الروعة والجمال، قضينا فيها سويعات غاية في المتعة والسعادة.
ليس هذا فحسب بل بذل الرجل جهوداً جبارة في سبيل تقديم العناية اللازمة لمرافق عزيز علينا أصيب بوعكة صحية حادة كادت أن تودي بحياته، ولم يكتف الأخ أبونور بهذا بل رتب لحرم صاحبنا المريض كل ما تحتاج إليه لمتابعة حالة زوجها في المستشفى. للأمانة أقول: إن مندوب الحملة تحمل مسؤوليته تجاه كل الأفراد بكل أمانة وكفاءة، ولم نلمس منه إلا كل ما يسر، ويحفز على السفر مع حملة المواسم.
لقد تواجد أحد الفنانين بيننا، وقد زاد حضوره الرحلة بهجة وسروراً، فلقد أتحفنا وأطربنا الفنان عبدالرحمن القائد أثناء التحرك بالباص من منطقة لأخرى بأغانٍ على حد قوله للفنان الخليجي الكبير المرحوم عوض الدوخي. ختاماً أقول: إن من الثمرات المفيدة في السفر الجماعي التعرف على نماذج مختلفة من الرفقاء، من بينهم شخصيات غاية في اللطف والتواضع رغم علو مكانتهم، من بينهم العقيد أحمد الملقب بأبي يوسف الذي كان ودوداً وفي غاية البساطة مع الجميع، سائلاً المولى أن يبارك في أعمارنا لنقوم بمزيد من السفر إلى دول العالم لنرى عظمة الله في خلقه وفي ملكوته.
‏?
أحمد محمد الأنصاري