رام الله - (أ ف ب): اعتبر محللون سياسيون فلسطينيون أن «الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن في خطابه المتلفز مساء أمس الأول تغيير قواعد اللعبة السياسية مع إسرائيل وبداية مرحلة جديدة وأسلوب نضال وكفاح جديد سياسي وقانوني يترافق مع انتفاضة شعبية فلسطينية منظمة وواسعة عرفت إعلامياً باسم «انتفاضة السكاكين» ضد الاحتلال الإسرائيلي، يعتقدون أنها ستطول، لافتين إلى أنه «أول خطاب له يخلو من أي ذكر لخيار المفاوضات».
وقال أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت عبدالناصر النجار إن «خطاب الرئيس عباس هو إعلان عن تغيير قواعد اللعبة السياسية مع إسرائيل التي كانت تعتمد خيار المفاوضات فقط من أجل تكريس حل الدولتين الذي فشل فشلاً ذريعاً بسبب العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف ضد الشعب الفلسطيني».
وأضاف «دخلنا مرحلة جديدة بدأت منذ خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة الذي فتح الباب واسعاً لانطلاق الهبة الشعبية العارمة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية خاصة أن خطابه أعلن فيه عدم نهاية الالتزام الفلسطيني بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل».
وأكد عباس في خطاب مسجل بثه التلفزيون الرسمي وهو الأول له منذ اندلاع موجة العنف الراهنة أن الفلسطينيين ماضون في «الكفاح الوطني المشروع للدفاع عن النفس والمقاومة الشعبية السلمية»، وذلك في وقت سقط فيه أكثر من 30 شهيداً في أسبوعين من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وحذر الرئيس الفلسطيني من أن استمرار «الإرهاب» الإسرائيلي «ينذر بإشعال فتيل صراع ديني يحرق الأخضر واليابس، ليس في المنطقة فحسب، بل ربما في العالم أجمع»، مشدداً على أنه «يدق ناقوس الخطر أمام المجتمع الدولي للتدخل الإيجابي قبل فوات الأوان».
واعتبر النجار أن «الرئيس عباس كأنه يقول إنه لا عودة للوراء وإن الهبة الجماهيرية خلقت واقعاً جديداً وإنه سينظر للأمام ويسير مع خيارات شعبه الذي سئم المفاوضات». وأضاف أن الرئيس الفلسطيني «رمى الكرة في الملعب الدولي وقال إن اللعبة تغيرت تماماً وكان حاسماً بذلك. لقد شدد على أن الاتفاقات انتهت عملياً وإسرائيل تتحمل مسؤولية إنهائها وفشلها ومسؤولية فشل خيار تحقيق حل الدولتين وفق صيغة المفاوضات السابقة الذي أصبح تنفيذه غير واقعي».
وهذه أول مرة منذ انتخابه رئيساً للسلطة الفلسطينية في يناير 2006 لا يأتي فيها عباس في خطاب مماثل على ذكر خيار المفاوضات، علماً بأنه كان مهندس اتفاق أوسلو الذي وقع بين الفلسطينيين والإسرائيليين في 1993.
بدوره، قال المحلل السياسي عبدالمجيد سويلم إن خطاب عباس هو إعلان لبدء «استراتيجية فلسطينية جديدة مدعومة شعبياً وتتوافق مع نبض الشارع الفلسطيني المحبط من المرحلة السابقة التي فشلت في وصول الشعب الفلسطيني إلى حريته واستقلاله». وأضاف أن «عباس أعلن كسر الواقع القائم الذي حاولت تكريسه إسرائيل، وقال إننا مستمرون بالنضال الشعبي والسياسي والقانوني للوصول إلى أهدافنا التي سينتصر شعبنا في تحقيقه». ورأى «إن عباس حسم أن الاتفاقات مع إسرائيل انتهت».
وفي خطابه قال عباس «لن نبقى رهينة لاتفاقات لا تحترمها إسرائيل، وسنواصل الانضمام إلى المنظمات والمعاهدات الدولية، وملفاتنا الآن حول الاستيطان والعدوان (...) أمام المحكمة الجنائية الدولية وسنقدم ملفات جديدة حول الإعدامات الميدانية التي تمارس بحق أبنائنا وبناتنا وأحفادنا».
أما أستاذ العلوم السياسية عماد غياظة فقال «لقد اعتدنا على صراحة وصدق الرئيس عباس رغم الانتقاد الذي كان يوجه له بسبب استمرار المفاوضات، لكنه الليلة لم يتطرق إلى المفاوضات وأرسل عدة رسائل جميعها تعبر عن مرحلة وسياسة جديدة بدأتها القيادة الفلسطينية بعد استنفاد كل فرص المفاوضات مع إسرائيل».
ورأى غياظة أن «الخطاب لم يغلق خيار السلام بل أكد تمسك الفلسطينيين بالسلام والعدل والحرية والتمسك بالقانون الدولي كعنوان للمرحلة المقبلة».
واعتبر أن «عباس يريد حصاداً سياسياً للشعب الفلسطيني من خلال نضال يتلاءم مع طبيعة المرحلة التي تمر بها المنطقة. لقد ظهر أنه يتحكم بالمرحلة بقوة مدعوماً بتحرك شعبي في كل المدن الفلسطينية وخاصة القدس. لقد تجاهل كل الاشتراطات السابقة ولم ينبذ العنف بل حيا الشهداء وخاصة الأطفال وذكر أسماءهم».
وأضاف أن الرئيس الفلسطيني أعلن «موقفاً صريحاً وواضحاً عن العدوان على القدس والمقدسات الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى، مؤكداً أن هذا خط أحمر للفلسطينيين ولكل المسلمين».
وقال «إن خطاب عباس كان رداً على خطاب نتنياهو رغم أنه تجاهل ذكر اسم نتنياهو في خطابه نهائيا»، معتبراً أن هذا الرد هو عبر اعتماد «سياسة جديدة وأسلوب نضال وكفاح جديد سياسي وقانوني يترافق مع حركة شعبية فلسطينية منظمة وواسعة ضد الاحتلال أعتقد أنها ستطول».
وتوقع غياظة أن تكون «المرحلة المقبلة مدعومة شعبياً على عكس المفاوضات السابقة وبالتأكيد سيحاول خلالها الشعب الفلسطيني انتزاع حقوقه بنفسه وعلى الأرض ووفق القانون الدولي الذي لا يستطيع أحد أن يقف ضده سوى إسرائيل».