حيفا - (الجزيرة نت): كما في انتفاضة القدس والأقصى في أكتوبر 2000، هبّ فلسطينيو الداخل لنصرة شعبهم والدفاع عن القدس والأقصى منذ تصاعد انتهاكات الاحتلال فيهما تزامناً مع الأعياد اليهودية نهاية الشهر الماضي.
وكلما اقتربت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من المسجد الأقصى كان رد الفلسطينيين ثورة عارمة، سواء في الأراضي المحتلة عام 1967 أو بباقي الأراضي الفلسطينية، رغم محاولات الاحتلال للتفرقة بين الفلسطينيين وإبعاد عرب الداخل عن القضية الفلسطينية.
وتشهد البلدات العربية بالأراضي المحتلة منذ مطلع الشهر الحالي مظاهرات واشتباكات مع الشرطة التي اعتقلت حتى الآن 140 شاباً، وتهدد بمواصلة القبضة الحديدية ضد من تسميهم «المخلين بالنظام».
كما بادر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لمحاولة امتصاص غضب فلسطينيي الداخل بدعوتهم «لعدم الانجرار وراء المتطرفين والمحرضين». وتابع نتنياهو في بيانه «نحن نعيش معكم ونؤمن بالتعايش، ومن السهل للغاية فتق الخيوط التي تربط بعضنا بعضا فلا تنخدعوا بذلك».
بيد أن فلسطينيي الداخل -الذين يشكلون 17% من سكان إسرائيل- يحمّلون الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن التدهور الأمني والاعتداءات على العرب بعد دعوته الإسرائيليين لحمل السلاح قبل أسبوع، وتحريضه على العرب وقياداتهم.
ورأى الشيخ صالح لطفي القيادي في الحركة الإسلامية ومدير مركز الدراسات المعاصرة في أم الفحم أن «مشاركة فلسطينيي الداخل في الانتفاضة الحالية تأتي من القاعدة ومردها عدة عوامل، على رأسها الارتباط الوطني والروحي للشباب في الداخل بالأقصى الذي يشكل جزءا من هويتهم».وقلل من جدوى السياسات والتشريعات العنصرية الظالمة والاعتداءات غير المسبوقة في العقد الأخير التي تستهدف بها إسرائيل هوية فلسطينيي الداخل ومحاولة سلخهم عن شعبهم، ومحاولة «شيطنة» قياداتهم الوطنية والإسلامية.
وأشاد «بتبلور روح نضالية لدى قطاع كبير من الشباب والنساء الذين فشلت إسرائيل في تدجينهم بالاستعداء أو الاحتواء»، لافتا إلى «دور المنتديات الاجتماعية في رفع وتيرة النضال والاحتجاج، والتغذية المتبادلة بين الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر».
ورجّح الشيخ صالح «ألا تستمر الانتفاضة لشهور بسبب تدخل دول عربية وأجنبية لإيقاف الشباب المنتفضين من قبل القيادات السياسية، إضافة إلى عدم تحمس حركة المقاومة الإسلامية «حماس» للتصعيد بسبب واقعها في غزة والضفة، وبسبب حسابات السياسة والمصلحة»، على حد قوله. من جانبه، أكد الشاب سامي - أحد قادة «الحراك الشباب» الذي يقود المواجهات المستمرة من مدينة الطيبة - أن «انتهاكات إسرائيل بالأقصى أغضبته ودفعته للاحتجاج، رغم أنه غير متدين»، على حد وصفه نفسه.
وأوضح الشاب -الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً- أن «الحراك الشبابي الذي يقود المواجهات والتظاهرات الداعمة للأقصى هو تنظيم ميداني ولا ينتمي لأي حزب تشكل داخل أراضي 48 قبل سنوات لإنقاذ النقب من التهويد، ولا يأتمر بتوجيهات من جهة عليا أو مركزية».
وأضاف الشاب -الذي يعكس واقع آلاف الشباب العرب- أن «مشاهد القتل والبطش والإعدامات الميدانية التي يتناقلها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، يومياً أسهمت في تأجيج نار الغضب داخله».
بدوره، رأى المؤرخ المختص في التاريخ الفلسطيني عادل مناع أنه «من الطبيعي أن ينضم فلسطينيو الداخل للهبة الحالية، لأن الأقصى رمز موحد لهم مثلما كان في الانتفاضة الثانية عام 2000».
وأضاف أن «ثورة البراق التي اندلعت عام 1929، نشبت في الأساس بسبب محاولة سيطرة الصهيونية على حائط البراق، أما اليوم فالمعركة تدور على كل الحرم القدسي الذي تسعى حكومة نتنياهو لتقسيمه زمانيا ومكانيا».
وأرجع مناع استمرار الهبات المتتالية بسبب القدس إلى «تخوف الفلسطينيين -متدينين وعلمانيين- من مساعي الاحتلال لتقسيم الأقصى على غرار الحرم الإبراهيمي بالخليل». وأشار مناع إلى أن «القيادة الفلسطينية بقيادة الحاج أمين الحسيني والرئيس الراحل ياسر عرفات قادت ووجهت انتفاضتي عام 1929 و2000 على التوالي، بعد نشوبهما تلقائيا، أما في الانتفاضة الحالية فالرئيس محمود عباس يعمل علانية على تهدئتها».