تلك الوجوه البريئة التي سريعاً ما يمضي الزمن لتكبر وتفقد براءتها، دون عودة لتحقيق ما تأخرت التربية في تحقيقه، وهنا يندب الوالدان حظهما: لماذا لم أهتم بتعليمه؟ لماذا لم أعطه من وقتي؟؟
فيبقى الطفل كالمُشرّد بين هنا وهناك حتى بعد أن يكبر وتبقى بعض الأمور عالقة في داخله لا هي تمضي ولا تعود به لإصلاحها وفك عقدتها وجميعها تُدرج نتائجاً تحت الجملة الأولى: «أمي تعمل وأبي لا أراه كثيراً».
أود التوضيح بادئ ذي بدء بأنه ليس ذنب الطفل أن تكون له أم لا تريد الانزعاج بالصياح والصراخ أو لا تحبذ إهمال نفسها والاهتمام كل الاهتمام بحياة طفل وتتركه عند الآخرين ليعتنوا به طوال اليوم، أو أب يجتهد في عمله ليل نهار ويغفل واجبه الأساسي وهو تواجده قرب طفله في وقت محدد من كل يوم، أو أن يعود إلى المنزل ليرتاح ويترك هموم الطفل لوالدته وكأنها هي المعنية فقط به وبحياته وبتربيته وليس ذلك أمراً مشتركاً يجب أن يجتهد هو أيضاً فيه.
في زمن الرسول (ص) وبعده، كانت النساء تستعن بجواري لمعاونتهن في أمور المنزل من تنظيف وطبخ وقليل من أمور التربية، وكان الأبناء ينشؤون أفضل نشأة بمساهمة الأب المسؤول عنهم والذي كان يسعى لأن يكون أبناؤه أفضل الأبناء عند الله منزلة، فيعلمونهم أصول الدين: من صلاة وصيام وأحكام شرعية تمهد لهم طريقهم العقلي في رحاب الدين، ولا يتركون ذلك لعاملات أجنبيات، أو لبرنامج ديني في جهاز لوحي فيه شيء قليل من الصحة، إنها لمسؤولية كبيرة بل عظيمة يُحاسب عليها الأبوان، وليس أي شخص آخر.
إن الخطر الذي نواجهه لا تظهر نتائجه الآن لذلك لسنا نعي مدى تأزم الوضع، ولكنه يظهر حين يكبر الطفل ويجد بأنه يختلف عن الآخرين، وأحياناً كثيرة يختلف عما يريد أبواه له أن يكون، وذلك ما يجعلنا نقف وجهاً لوجه مع أسلوب حياة دخيل ساهمنا في الترحيب به بيننا، وجعلناه يجالس أطفالنا بدل أن نفعل ذلك بأنفسنا.
لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو الواجب الحقيقي للوالدين: هل هو العمل أم التربية؟
أما الإجابة فأتركها لكم أعزائي القراء.
سوسن يوسف
نائب رئيس فريق البحرين للإعلام التطوعي