القدس المحتلة - (الجزيرة نت): يسعى الاحتلال بكل ما أوتي من قوة لإذلال المواطنين المقدسيين وتحويل حياتهم لجحيم لا يطاق، عبر سلسلة جديدة من الإجراءات العقابية، لكن مراقبين أكدوا أن سياسة بناء الجدران لن تؤدي إلى توفير الأمن، وربما ستتسبب بتأجيج الغضب وزيادة العمليات الفدائية. وأصبح دخول بلدة العيسوية شرق مدينة القدس المحتلة أمراً شبه مستحيل بعد الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها سلطات الاحتلال ضمن سياسة العقاب الجماعي بحق المقدسيين بالقدس الشرقية.وأغلقت قوات الاحتلال في الأيام الماضية كافة مداخل العيسوية باستثناء المدخل الشرقي، وأجبرت نحو 18 ألف نسمة من سكان البلدة على سلوك طريق واحدة للدخول أو الخروج من القرية، ويستغرق الوصول للحاجز العسكري على مدخل البلدة عدة ساعات أحياناً، لتبدأ عنده قصة إذلال أخرى تتمثل في التفتيش العاري لبعض السكان.وتعكف سلطات الاحتلال على بناء جدران عنصرية في الأحياء المقدسية، خاصة حول قريتي جبل المكبر والعيسوية، بزعم «توفير الأمن» بعد سلسلة عمليات الطعن الفردية التي نفذها فلسطينيون، ويأتي ذلك في إطار العقوبات الجماعية التي أقرت في اجتماعات الحكومة الإسرائيلية المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية «الكابينيت»، والرامية إلى خنق الفلسطينيين بالقدس وتقطيع أوصال أحيائهم عن بعضها.وتقول المواطنة المقدسية هبة حمدان «إن الدخول والخروج من بلدة العيسوية أصبح أمراً مأساوياً ولا يقتصر على الوصول للحاجز، بل يتخطى ذلك للتفتيش المذل الذي يتعرض له السكان يومياً».وأضافت «شوارع البلدة ضيقة وتزدحم بمئات بل آلاف السيارات، والبنية التحتية تعيسة ولا تحتمل هذا الوضع بتاتاً».وتابعت «لدي طفلان عندما يخرجان لاستنشاق الهواء قليلاً يسرعان للدخول بسبب قنابل الغاز المدمع التي يطلقها الجنود باستمرار، إنهم يلحقون بنا الأذى حتى داخل بيوتنا، وبعد نصب الحواجز الجديدة يسألني طفلي ونحن داخل السيارة هل سيطلق الشرطي النار علي؟ أنا أضع حزام الأمان لن يحرر لنا مخالفة؟ أطفالي يعيشون رعباً وإرباكاً».أما هاني داري فيؤكد أن بلدة العيسوية أصبحت تعاني من شلل تام في مظاهر الحياة اليومية بسبب مضايقات الاحتلال المختلفة، ويضيف «كسكان تأثرنا نفسياً بسبب إجراءات التفتيش المذلة على الحاجز، وتعرضت شخصياً لهذا التفتيش، إذ يجبرنا الجنود على رفع ملابسنا والاستدارة بشكل مهين، ومع ذلك لن أترك العيسوية لأن جميع المقدسيين في كل الأحياء يعيشون نفس الواقع».ويؤثر الإغلاق شبه الكامل لبلدة العيسوية بشكل أساسي على دخول وخروج المرضى والطلبة، إذ توفيت المقدسية هدى درويش على الحاجز الجديد، بينما يضطر 3 آلاف طالب مدرسي لاجتياز الحاجز يومياً متوجهين لمدارسهم بالقدس.من جانبه، قال الخبير الأمني يوسف الشرقاوي «إن كل ما تتبعه إسرائيل من إجراءات بالقدس يهدف في النهاية إلى طمأنة المستوطنين».وأضاف «العمليات البطولية التي حدثت بالقدس كانت غير متوقعة وأصابت القيادة الإسرائيلية والمستوطنين بالرعب، فهم مرتبكون جداً رغم هاجسهم الأمني الذي دفعهم لبناء الجدران وتسليح المستوطنين وفصل الأحياء العربية عن اليهودية».وقال «إذا نجحت إسرائيل في إقامة الجدار داخل القدس فهذا سيدل أكثر على الهمجية والعنصرية الصهيونية»، مشدداً على أن المقدسيين بحاجة لقيادة توجه النضال الفلسطيني على الأرض، لاستكمال مسيرة المدينة لرسم ملامح الاستقلال والحرية.بدوره، أكد مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق خليل التفكجي أن «بناء الجدران وعزل الأحياء خطة تعود لعام 1967، عندما وضعت النظرية الأمنية الإسرائيلية في فصل الأحياء الفلسطينية، وعندما وسعت حدود بلدية القدس بضم أحياء عربية جديدة أحيطت هذه البلدات بالشوارع والمستعمرات لتسهيل السيطرة عليها عند وقوع اضطرابات أمنية».وأضاف «صرح زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان قبل فترة بأن إسرائيل ليست بحاجة لجبل المكبر وأم طوبا، ولم تكن هناك في ذلك الوقت حاجة للدواعي الأمنية لتصريحاته، بل هي سكانية ديمغرافية بامتياز».وتابع «عندما ننظر للمكعبات الإسمنتية نلاحظ أن إسرائيل تجرب هذه الإجراءات لتراقب ردود الفعل، والحديث عن كونها دائمة أو مؤقتة يعود لاتخاذ قرار سياسي إسرائيلي، لكننا نعلم أنهم يريدون أغلبية يهودية وأقلية عربية بالقدس».
970x90
970x90