كتب - علي الشرقاوي:
في كل الأوقات، يلعب القدر دوره في توجيهك نحو تجربة جديدة، وقراءة مختلفة، والالتقاء بشخصية لم تعرفها من قبل وهذا ما حدث معي، حينما كنت أبحث عن الفنانة التشكيلية الحروفية العراقية العالمية فريال الأعظمي، محاولاً التعرف عليها من خلال عيون فنانين ونقاد آخرين، فقادني بحثي عن الأعظمي إلى اكتشاف فخر النساء زيد، الفنانة التشكلية العربية العالمية، التي استطاعت أن تغزل نسيجها وحدها وهي تستفيد من المدارس العالمية، متأثرة بالسوريالية في ذروتها في الثلاثينات من القرن الماضي، ومتواصلة بما تطرحه من التمرد على الأشكال الواقعية.
قبل فترة شهد مزاد كريستيز للأعمال الفنية العربية والإيرانية والتركية الحديثة والمعاصرة الذي أقيم في دبي أنفاس المزايدين، وسط تنافس محموم على اقتناء لوحة فريدة للأميرة فخر النساء زيد (1901-1991) (تركية-أردنية) المعنونة Break of the Atom and Vegetal Life والتي حققت 2,741 مليون دولار أمريكي مسجلة بذلك ثاني أعلى رقم عالمي لفنان من منطقة الشرق الأوسط بعد العمل الذي حمل اسم «الجدار» للفنان الإيراني العالمي برويز تنافوليو الذي بيع خلال مزاد كريستيز بدبي عام 2008 مقابل 2.8 مليون دولار أمريكي. وتؤكد الأرقام التي حصدتها أهم عشرة أعمال عرضت خلال مزاد كريستيز، وفي مقدمها لوحة الأميرة فخر النساء زيد.
ولقد شكلت أعمال الرسامين والنحاتين الشرق أوسطيين محط أنظار كبار المقتنين حول العالم. ومن المعروف أن أعمال فنانين شرق أوسطيين من أمثال فخر النساء زيد وبرويز تنافولي وبول غيراغوسيان وشفيق عبود تستأثر باهتمام المقتنين العالميين منذ ستينيات القرن العشرين، وازداد الاهتمام بها مع بدء انعقاد مزادات كريستيز بمنطقة الشرق الأوسط التي اجتذبت موسماً بعد آخر كبار المقتنين من أرجاء المنطقة ومن حول العالم.
يشار إلى أن لوحة Break of the Atom and Vegetal Life أنجزتها فخر النساء زيد 1962 في أوج إبداعاتها، وهي لوحة فريدة من أهم أعمالها على الإطلاق. وتأثرت الفنانة الأردنية التركية في أعمالها بجمالية الحروف العربية والصوفية والثقافة البيزنطية والثقافة الغربية، وتستعين في هذه اللوحة بتوليفة بارعة من الألوان والخطوط المتآلفة حيث يتسلل اللون الأرجواني إلى عالم اللون البنفسجي، فيما يرى صدى اللون الأخضر والأحمر والأزرق في عالم اللون الأسود.
ولم تسجل اللوحة المذكورة رقماً قياسياً عالمياً فارقاً لفنانة معاصرة من الشرق الأوسط فحسب، بل أيضاً تصدرت فخر النساء زيد قائمة الفنانات الشرق أوسطيات من حيث ثمن الأعمال المباعة في مزادات علنية. وسجلت فخر النساء زيد رقماً قياسياً سابقاً عام 2010 عندما بيعت إحدى لوحاتها بمزاد انعقد بالعاصمة البريطانية بسعر يفوق المليون دولار أمريكي بقليل.
وأي متابع لأعمالها المغايرة وغير المألوفة سيلاحظ مباشرة أن فخر النساء اسم على مسمى، فهذه الفنانة التي اشتغلت على إبداعاتها استطاعت أن تكون نسيجاً وحدها على ما يقارب نصف قرن من الزمان، واستطاعت أن تضع بصمتها على منجزها التشكيلي.
حياتها جزء من تجربتها الفنية
وللتعرف على شيء من حياتها وإبداعاتها لابد من المرور على الكثير من الكتابات التي تناولت سيرتها ومنها الموسوعة الحرة التي تقول إن فخر النساء ولدت 1901 في إسطنبول من عائلة فنية معروفة، بالإضافة إلى أن والدها كان رئيساً للوزراء ودبلوماسياً ومصوراً ومؤرخاً، وكانت والدتها من المهتمات بالثقافة الإسلامية وبالمدارس الصوفية بالإضافة لاطلاعها الواسع على منجزات الثقافة الإنجليزية والفرنسية وهو ما دفعها أن تكرس هذه المنابع المعرفية ليعترف أبناؤها منها فحرصت فخر النساء على تعلم اللغات وتعلم فنون عزف البيانو والرسم بالإضافة لدراسة التاريخ الإسلامي والتصوف، وبذا نشأت هذه الفنانة نشأة جادة ورصينة إذ دخلت أكاديمية الفنون في إسطنبول وسرعان ما برزت وتميزت إذ اكتشفت مدارس الفن الحديث بالأخص على يد الفنان التركي الرائد «نامق اسماعيل» في أواخر العشرينات من القرن الماضي، وفي عام 1928 سافرت إلى باريس وعملت هناك في مرسم ستالباخ وروجر بيرزيري في أكاديمية رنسون، وما لبثت أن انتقلت بعد ذلك إلى برلين في الأعوام 35 - 1939 وتعرفت هناك على الفن الألماني بدءاً من منتصف الأربعينات وانتهاء بالحرب العالمية الثانية انطلق منجز فخر النساء إذ طافت أوروبا وأقامت العديد من المعارض في باريس ونيويورك وبروكسل وروما وبرلين وزيوريخ وأنقرة حيث زاد عدد معارضها عن 50 معرضاً شخصياً.
وتقول فخر النساء «عندما أرسم، أشعر أن سائل تلك الشجرة يرتفع نحو الغصن الذي أقف عليه أو إلى أعلى الغصون التي أتمنى أن أصل إليها، ثم يتدفق من خلالي ليتحول إلى أشكال وألوان في لوحتي. إنني نوعٌ من وصلةٍ تحسّ وتنقل ذبذبات كل شيءٍ في العالم».
التجريد في تجربة فخر النساء
يكاد جميع الدراسين لأعمال فخر النساء زيد يتفقون على حقيقة أن فنها «تجريدي» ومع ذلك تتباين الآراء حول نشأة هذه التجريدية لكن اغلبها تربط ذلك بالثقافة الإسلامية فهنالك دارسون لفنها مثل «سيزر تانزوك» و»اندريه موروا» يعتقدون أن رسمها نشأ من الزخرفة الإسلامية والثقافة العثمانية والموروث العربي والفارسي. كما أن فنها بشكل عام لا يخلو من لمسات رومانية وبيزنطية ومسيحية، ويرى «دينيس شوفالييه» و»كيث ستيون» أن شخصيتها هي مزيج من الثقافة الإسلامية والأوروبية ولذا من الصعب وضع أعمالها في خانة واحدة أو تصنيف محدد، ولقد حرصت فخر النساء في مقابلات معها على التأكيد بأنها لا تعتبر نفسها نتاجاً للتراث التركي، والمدرسة التركية في الرسم، بل إنها تغلغلت في الحداثة التشكيلية ممثلة في مدرسة باريس واستخلصت منها كثيراً من المحصلات والنتائج لكن بيئتها الشرقية ظلت تملك تأثيراً مشهوداً في أعمالها.
ولقد كانت فخر النساء عاشقة للطبيعة ولبيئة الشرق، وكان تعاطيها للتجريد مبيناً على فهم الطبيعة والإحساس بها، ويبدو أنها تؤمن بمقولة «إن ما هو واقعي هو تجريد في حد ذاته» وتشير معظم لوحاتها إلى فترة محددة من حياتها أو إلى الأماكن التي زارتها وعاشت فيها وإلى الأحداث التي تأثرت بها لكنها تمتزج بخصائص رمزية وتجريدية كثيفة. ويذهب اندريه موروا إلى القول: «إن فخر النساء تستمد قوة تجربتها من الخطوط التجميلية المجردة وأحياناً تجسد ذلك عبر خطوط مائية مغرية، لوحاتها ليست مجرد تمازج بين الذوق واللون والأشكال وهي متحررة في وعيها تستخدم اللون دون مغالاة وإلهامها الداخلي هو الذي يتكلم..».
الأثر الصوفي في أعمالها
قال عنها الناقد (موريس كوليس) وهو واحد من العديد من النقاد الذين توقفوا عند المؤثرات الشرقية في فن فخر النساء، إنها حملت معها هويتها الشرقية بكل عمقها وعبرت هذه الهوية عن نفسها في فنها وربما يكون الجانب الصوفي في تناولها للمواضيع والأحداث مفتاحاً لشرح الطبيعة التجريدية لأعمالها. ويذهب (شفالييه) أن هناك مساحة من (الإلهام الشعري) في منجز فخر النساء يظهر في الأعمال المتأثرة بالصوفية كموضوعات كربلاء والدراويش. ويذهب هذا الناقد إلى أن كل عمل من أعمالها سواء اللوحات الزيتية أو المائية او الحجرية بصرف النظر عن أزمتها هي علامة على قدرتها المتجددة على الإبداع وعلى قوتها المتجددة، وهذه الأعمال تظهر فنانة لا تتوقف عن التفاعل مع الموروث الصوفي.
ويقول (جاك لاسانيه) بأن نظرة فخر النساء الأولى للعالم الخارجي انطلقت عبر فسيفساء ملونة متسمة بالتفاصيل وبالمشربيات العربية وكل ذلك بقي يحضر في أعمالها بهذه الدرجة أو تلك، مشيراً أن أعمالها تقدم ذكريات حميمة ومشاعر ومؤثرات ممتزجة بصوفية شفافة، تجلت فيها بغداد، مدينة الشرق الرائعة ونهر دجلة وبابل وكربلاء فكانت مصدراً لثروتها اللونية، لقد خلقت عالماً لونياً صوفياً في أعمالها وكانت ألوانها واضحة وطازجة وحتى عندما تكون ألوانها داكنة فإن ومضة من الضوء المنبثقة من الداخل تغمر اللوحة بكاملها.
مؤثرات وانعكاسات
في فنها
يمكن وصف فن فخر النساء بأنه قوة في حالة فعل، تتطور باستمرار، وكان هذا الفعل يتخذ شكل السطح الذي يسمح بحدوث متغيرات جمالية تتكرر وتتجدد باستمرار، وقد اعتادت تلوين المواد كما تلون السطوح، وهي لم تكن تنظر للوحات كأسطح مجردة بل كعالم تشكيلي، صوفي، مرئي.
ووظفت فخر النساء الخط في أعمالها، ولنتأمل جداريتها الضخمة (انشطار الذرة) والمعروضة في معرضها الاستعادي وكذلك لوحة (سهى) المستوحاة من التراث الشعبي الفلسطيني والتتابع الخطي واللوني الدائري المتتابع في لوحتها أليس في بلاد العجائب ولوحة الدراويش والجرافيك الغامض وسواها. فعبر الخط الذي تميزت به هذه الأعمال وغيرها دخلت فخر النساء إيقاع البساطة المحفزة على الكتابة، إنها علامات كثيفة تمتزج بموضوع اللوحة، ربما كانت قد تأثرت بالرسام (سي تومبلي) وتجربته التي انجزها أواخر الخمسينات والمسماة (كتابة رتهجئة) إلا أنها ظهرت في الستينات بمنجز مختلف، نوع تركيبي على سطح اللوحة يشبه التخطيط. وبدا واضحاً امتلاك فخر النساء إيقاعاً قوياً للخطوط بدت السيطرة عليه واضحة.
وبصدد المؤثرات التي اقترنت بتجربة الفنانة الرائدة تقول الناقدة (زينب يامان) وهي ناقدة مرموقة في الفن التشكيلي التركي، إنه خلافاً لمعاصريها من الفنانين لم تولِ فخر النساء اهتماماً للجانب الأيديولوجي في لوحاتها ورغم أنها قضت معظم حياتها في خضم الأحداث السياسية وشاهدت التغيرات في العالم الغربي إلا أنها حافظت على استقلال خلاق. ولقد اقتسمت حقبة زمنية عاشتها مع فنانين مختلفين تأثرت بهم وأثرت فيهم ولذا كانت لها ريادة في المزاوجة بين الحداثة الغربية والشاعرية الشرقية.
ويقول الناقد طاهر عبد مسلم إن الحديث عن هذه الفنانة المبدعة الرائدة التي مزجت تيارات وتجارب واتجاهات وبيئات وثقافات عبر اللوحة يتسع باتساع تجربتها وغنى رحلتها الإبداعية الغزيرة بالتجريب والتجديد والاكتشاف.
عالم غير محدود بالرؤية
وتقول د.سامية تواتي عن تجربة فخر النساء إنها ولدت في عائلة عثمانية بارزة يتعطش أفرادها للكتب والفنون، وكانت تشاهد منذ ولادتها ضربات فرشاة أخيها والرسوم الزيتية التي كانت تبدعها والدتها سارة عصمت هانم، على الملابس الحريرية المعلقة على جدران منزلها. وبدأت فخر النساء بالرسم منذ باكر صباها وأنجزت رسوماً شخصية منذ أن كان عمرها اثنتي عشرة سنة. كان والدها محمد شاكر باشا دبلوماسياً وجنرالاً ومصوراً ومؤرخاً، وأعتبرت زيد والعديد من أفراد عائلتها نماذج للغنى الثقافي العثماني. وكانت زيد بين أولى النساء اللاتي التحقن بأكاديمية الفنون الجميلة في إسطنبول 1920، حيث درست على يدي الرسام التركي نامق إسماعيل. ثم سافرت 1928 إلى باريس وتدربت في محترف ستاهلباش وروجر بيسيير داخل أكاديمية رانسون.
اقترنت في زواجها الأول بالأديب التركي عزت مليح دفريم، أحد الكتاب المساهمين في جريدة «ثروت فنون» (ثروة الفنون)، وهي نشرة طليعية اختصت بإعلام قرائها حول الحركات الفكرية والثقافية في أوروبا، وخاصة الفرنسية منها. ولد من هذا الزواج كل من فاروق (1921 ـ 1942) ونجاد دفريم (1923 ـ 1995)، الذي سيصبح فناناً بارزاً فيما بعد، وشيرين دفريم (1926 ـ 2011) وهي ستكون ممثلة ومخرجة لاحقاً. أغنت الزيارات السنوية إلى مختلف المدن الأوروبية مع زوجها مصادر إلهام فخر النساء وأدخلتها عالم الفن الحديث. أقامت مع مجموعة من ثلاثة عشر فناناً آخرين أطلقت على نفسها اسم «مدرسة باريس الجديدة» معرضاً في باريس القرن العشرين التي رحبت بالمواهب الشابة من مختلف البلدان ومهدت بالتالي الطريق إلى نشوء حركات فنية مختلفة. كانت باريس مركز كل من حركتي السريالية والتجريدية الفنيتين، وقد ساهمت هذه الساحة الخصبة كثيراً في تعريف زيد على تنوع هائل من الأساليب والتقنيات على أيدي أساتذة الفن الحديث. وعلى نفس القدر من الأهمية، أتاح ذلك لفخر النساء إيجاد مأواها الروحي، فهي، مع تعدد الجوانب القومية في شخصيتها، لم تعتبر نفسها يوماً نتاج التراث التركي وحده. تناولت زيد في أعمالها الفنية مواداً ومواضيع مختلفة تمتد من مشاهد الحياة اليومية إلى رسوم أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء الشخصية. كانت تلجأ إلى المغالاة في رسم الملامح، وهو الأسلوب الأيقوني البيزنطي، والوجوه الطويلة مع الأعين الواسعة والمستديرة التي يمكن تشبيهها ببورتريهات الفيوم المصرية. وفي الرسم الشخصي الذي أنجزته لزوجها الأمير زيد، ذهبت فخر النساء أبعد من مجرد تصوير الملامح المرئية لتدخل عميقًا في شخصية صاحب الرسم وتصف الجانب الداخلي من هذه الشخصية كما لو أنها تنجز «رسماً لروحه»، وهو كشف بصري أكثر إخلاصاً للواقع من خلال ضربات فرشاة معبرة وألوان حية.
التجريدية والصوفية
ويعد أسلوب زيد الفني، رغم أنه تجريدي في الغالب، فريداً وينزع إلى البعد الصوفي، وتظهر أعمالها عدداً من أوجه التشابه مع المدرسة الوحشية (1905 ـ 1907) في الأسلوب البصري والاستخدام الجريء للألوان الصافية، ومع بيكاسو (1881 ـ 1973) والتكعيبيين وتركيزهم على الأشكال الهندسية، وأيضاً تراكيب بييت موندريان (1872 ـ 1944) التجريبية وخطوطه السوداء السميكة. توصلت فخر النساء إلى أسلوبها الفريد بشكل أكثر ذاتية وبرعت في تجريب الألوان المائية وتكوينات الطباعة الحجرية والكولاج (اللصق) والمنحوتات بالراتنج والزجاج الملون. في 1990، ضم معرض زيد في باريس «بين الشرق والغرب، لوحات زيتية ورسوم: معرض استعاد تجاربها على العظام التي تمثل رسوماً شخصية ووجوهاً وأشكالاً.
ولقد أثرت فخر النساء بحركة الفن التركي الحديث كما في خارجها، وباعتبارها من رواد الأسلوب التجريدي في تركيا الحديثة، انضمت زيد 1942 لمجموعة من الفنانين الأتراك الشبان عرفت باسم مجموعة « د» وعرضت معهم أعمالها. لاحقاً وبعد مرور خمسة أعوام على وفاة زوجها الثاني في 1970، استقرت زيد في عمان، الأردن، حيث مازال يعيش ابنها رعد في الوقت الحالي. أنشأت في منزلها هناك معهد فخر النساء زيد الملكي للفنون الجميلة حيث تولت تعليم مجموعة من فناني المستقبل. ومع أن هذا المعهد استمر لأربع سنوات فقط، فقد ترك إرثها الفني الهام تأثيره على العديد من الفنانين المعروفين، بما فيهم سهى شومان التي أسست «دارة الفنون: مؤسسة خالد شومان» وهو مركز للفنون البصرية وللثقافة في عمان.
وشاركت فخر النساء طوال مسيرتها الفنية في حوالي 50 معرضاً، في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط. تعود بداياتها في الولايات المتحدة إلى سنة 1950 حيث عرضت سلسلة من اللوحات التجريدية الضخمة في غاليري هوغو وأعقب ذلك العديد من المعارض الدولية.
فن تجريدي شرقي
ووصف كبار نقاد القرن الماضي فنها بأنه» ثقافة عثمانية، ذوق فارسي، علمٌ فني إسلامي مطعم بالآثار البيزنطية والرومانية»، حتى هي بنفسها عجزت عن تحديد هويتها الفنية جراء احتضانها عدة شخصيات ثقافية، مما شكل تحدياً لمن يبحث عن انتمائها الفني والثقافي في تاريخ الفن الحديث. النقاد الأتراك سلطوا الضوء على تصرفها الأوروبي، والأوروبيون شددوا على فنها الشرقي المفعم بالرسائل السياسية. ولأن الفنون التصويرية في الفن الإسلامي كانت ممنوعة، ولم يكن يسمح برسم المعالم الطبيعية، فانكفأت فخر النساء على رسم الصور بأسلوب الـ«كروشيه» أو التطريز والفسيفساء، بجرأة تحدت التقاليد والقيود، وجمعت المعتقدات المتضاربة في ألوانٍ تصرخ بانسجام تام.