المنامة - مشعي البريكان:
صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس وزراء البحرين يمثل مداً فكرياً وثقافياً واندماجاً بين الأصالة والحداثة في نظرته وتحليله للأمور، وتلك حكمة يهبها الله لمن يشاء.. تحاصرك الأفكار والخواطر وأنت في طريقك لتقابل هذه القامة الرفيعة ذات التاريخ والثقل السياسي والفكري.. يحمل في قلبه محبة خاصة لخادم الحرمين الشريفين وللشعب السعودي ويدعو لهم دائماً بأن ينصرهم الله على من عاداهم.. الجلوس في حضرة شخصية بحجم قيمة ومقام الأمير خليفة بن سلمان، لا تستدعي تحديد «بوصلة» أو رسم «خريطة» عند إجراء حوار صحافي مع سموه، فهو لا يكلف المحاور «عناء» الاستيضاح، فهو صريح في حديثه وواضح كل الوضوح.. مواقف الأمير «خليفة بن سلمان» واضحة وجلية لمن يعرفون سموه، ويتابعون مسيرته ودوره المشهود في نهضة وتطور بلاده، وأيضاً لمن يعرفون جيداً ما يحمله البحرينيون وغيرهم من أبناء الخليج والعرب لسموه من محبة وتقدير.
سمو الأمير خليفة بن سلمان رجل غمرته الأمم المتحدة بجوائزها لدوره في البناء والتنمية ومتمرس وبارع وله إلمام تام بالمنطقة وتاريخها وحكامها وقبائلها ورجالاتها ومناطقها، وما يشغل باله هو تدافع المتغيرات وما آلت إليه الأوضاع عربياً وإقليمياً ودولياً وله رؤية واضحة حيال كل ذلك، لكنه لم يغفل ولو للحظة في حديثه معي بأن يتوقف ويعرب عن اعتزازه وتقديره لخادم الحرمين الشريفين والقيادة والشعب السعودي ومواقفها الصلبة مع البحرين وكأنه ينسج قصيدة في حب المملكة وشعبها.. كلماته وآراؤه لا يشوبها أي غموض، إجاباته تصدر عن رجل يعرف ماذا يريد أن يقول لك، يحدثك باسترسال وبوضوح تام بما يدور في منطقتنا وفي العالم، وتستشعر على الفور خبرته الكبيرة وحنكته، ولهذا فإننا لا نبالغ حين نقول إن «الحكمة» صفة تقترن دائماً بشخصية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، والذي كان لنا معه هذا الحوار:
العلاقات البحرينية السعودية
أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء أن العلاقات بين البحرين والسعودية لا يمكن اختزالها في كلمات، فهي علاقة بين شقيقين وجارين يرتبطان بتاريخ ومصير مشترك، وأثبتت وتثبت على مر التاريخ قوتها ورسوخها ومتانتها، وقد حرص الأجداد والآباء على رعايتها والبناء عليها، وتوارثنا جميعاً عنهم الترابط والالتحام فيما بيننا، ومازلنا على هذا العهد سائرون.
وشدد سموه، في حديث مع صحيفة الرياض السعودية، على أن المواقف السعودية تجاه البحرين لا تحتاج إلى دليل فهي مشهودة ومعلنة على مسامع العالم أجمع، فالسعودية هي بعد الله الدرع الحصين للبحرين في العديد من المواقف التي تعرضت لها خاصة فيما يتعلق بمتطلبات الأمن والاستقرار.
وقال سموه، نحن في البحرين لا ننسى مواقف السعودية ومساندتها ودعمها المتواصل والمستمر للبحرين، وهي مواقف مسجلة في تاريخ البلدين بأحرف من نور، لأنها أبرزت واقع الترابط والتفاعل القوي فضلاً عن المشاعر الجياشة والمحبة الصادقة التي يحملها البحرينيون قيادة وشعباً في قلوبهم ووجدانهم، للأشقاء في السعودية وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في كل ما يقوم به من أجل شعبه والشعوب العربية والإسلامية، بل وشعوب العالم أجمع.
وأكد سموه أن علاقات البلدين تزداد تطوراً وقوة، وأن مجالات التعاون بينهما اتسعت لتشمل مختلف المجالات، وبما يحقق طموحات البلدين بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، ويلبي آمال وتطلعات الشعبين.
ووجه سموه تحية مقرونة بصادق التمنيات وأرفعها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بدوام الصحة والسعادة والهناء واطراد التقدم والنماء للشعب السعودي.
وأعرب سموه عن تمنياته بالخير دائماً للسعودية ولقيادتها الحكيمة ولشعبها، وقال سموه إن السعودية لا تتوانى عن مساندة أشقائها في كل مكان من العالم العربي أو الإسلامي، بل ومواقفها على الصعيد الدولي مشهودة وهى تحظى باحترام وتقدير كبيرين بفضل سياساتها المتوازنة ودفاعها عن الحق، وانتصارها للقضايا العربية والإسلامية، فالنهج السعودي في التعامل مع الأحداث والمستجدات أثبتت على الدوام فاعلية وهو موضع تنوير واحترام من الجميع.
وأكد سموه أن التصدي للإرهاب والأعمال الإجرامية لا يمكن أن يتحقق إلا بتضافر وتعاون من الجميع، وأن البحرين تنسق وتتعاون مع السعودية في التصدي للظاهرة الإجرامية وحماية دول المنطقة من محاولات الإرهابيين الذين يهدفون إلى زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا الآمنة والمسالمة.
ورداً على سؤال حول نظرة «عاصفة الحزم»، أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أننا نعيش في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء ومن يمتلكون القدرة على التحرك في الوقت المناسب لإجهاض أي توجه توسعي يستهدف المنطقة وخيراتها، وأن التحالف الذي قادته السعودية لتنفيذ «عاصفة الحزم» لحماية الأشقاء في اليمن مما يتهددهم وحماية المنطقة من تفجر صراع عسكري بغيض جسد هذه الحقيقة واقعاً وأظهر للعالم بأسره.
وأضاف سموه أننا في المنطقة لا يمكن أن ندع مصائر بلادنا وشعوبنا في مهب الريح، وأننا قادرون بتضافر الجميع على التحرك لفرض الأمن والاستقرار ووأد بذور الصراعات والحروب الأهلية والأطماع الخارجية في مهدها وقبل أن تستفحل وتتفاقم.
ونوه سموه إلى أن تحرك السعودية السريع ودعوتها لتشكيل التحالف أثبت مدى الحكمة والقراءة الواعية للأحداث وتطوراتها من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتجاوب قادة الدول من الأشقاء مع هذه الدعوة، وهذا التحرك الواعي سيؤتي ثماره ونتائجه في المستقبل القريب.
وأشار سموه إلى ما حدث وضع العالم بأسره أمام مسؤولياته وأوضح أنه لا يمكن السماح للأمور والأوضاع أن تتداعى وأن يقف الآخرون أمامها موقف المتفرجين، مشدداً سموه على ضرورة أن يدرك الجميع أن تلك التداعيات لو حدثت لا سمح الله لن تقتصر على أهل المنطقة وحدهم بل ستطال العالم أجمع وستهدد أمنه واستقراره.
ودعا سموه دول العالم إلى التعاون والتكاتف من أجل صون الأمن والاستقرار وحماية السلم الدولي من خلال التحرك الجماعي لحل الصراعات وإزالة التهديدات من مختلف مناطق العالم، فلا يمكن الحديث عن السلام في بعض الجوانب وإغفاله في جوانب أخرى.
وحول رؤية سموه لواقع ومستقبل العمل الخليجي المشترك، أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أن المرحلة الراهنة تتطلب جمع الكلمة والعمل من أجل استقرار دائم، وأن تعمل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على التعاطي مع كل مرحلة بما تتطلبه مسيرة المجلس، والنأي بدوله عن أية أخطار وتحديات تهدد دول المنطقة في أمنها واستقرارها، وتوظيف كافة الإمكانات والطاقات نحو التطوير والبناء والتنمية.
وقال سموه نحن نمر بوقت دقيق يستوجب المزيد من التشاور والتنسيق، وأن يكثف قادة دول المجلس من لقاءاتهم في ظل العمل الخليجي المشترك، وإيجاد صيغ جديدة للعمل تتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية التي تشوبها تطورات وظروف دقيقة وبما يسهم في تحقيق أهدافنا في الأمن والاستقرار والنمو.
وأضاف سموه أن ثقتنا لكبيرة في ظل القيادة الواعية والحكيمة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون في العمل الجاد ومضاعفة الجهود في استمرارية التنسيق والتشاور في مختلف المجالات بما يعزز من جهود دول المجلس على صعيد التنمية ويحفظ لها الأمن والاستقرار.
وفيما يتعلق بالأوضاع العربية الراهنة، أعرب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء عن شعوره بالألم لما آلت إليه الأوضاع في العالم العربي، إذ جاء اليوم الذي يغادر فيه الآلاف من الناس منازلهم ويهجرون بلدانهم ويعرضون أنفسهم للمخاطر والأهوال بحثاً عن فرصة العيش الآمن في بلاد أخرى من العالم بفعل الصراعات والحروب الداخلية.
وأكد سموه أن المنطقة العربية تخوض معركة مصير وتشهد أحداثاً جساماً، وأن إنقاذها من كل ما يحدث يكمن في التعامل مع هذه الأحداث بحكمة وأن تكون المصلحة الوطنية ومصالح العرب العليا هي المحرك للجميع، وأن يستعيد العالم العربي قدرته على الفعل والتحرك الجماعي لحماية دوله وتأمين مستقبل شعوبه.
وفيما يخص التدخلات الخارجية لزعزعة أمن واستقرار دول الخليج العربية، أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أن دول ومجتمعات الخليج العربي عاشت في وئام وتعايش دون إثارة نعرات أو محاولة شق الصفوف وبث الفرقة وتفجير صراعات لم تكن تؤرق تلك المجتمعات مثلما يحدث اليوم، وأن التبصر فيما نشهده في الوقت الحاضر يوضح دون عناء حقيقة ما تتعرض له دول المنطقة.
وأشار إلى أن تفجر الصراعات تفجر في فترة زمنية قصيرة وفي أكثر من بلد في توقيت واحد تفسيره هو أن هناك من يتدخل ويسعى لإشعال النيران في مجتمعاتنا وأشغلنا عن البناء والتنمية، مؤكداً سموه أن هذا الأمر يستهدف الجميع ويتم تنفيذه بشكل مرحلي بحيث ينتقل من بلد إلى آخر تباعاً ولن يستثني أحداً.
وفي الشأن المحلي، أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أن البحرين وطن للجميع وبلد ينبذ الكراهية والانقسام وهي بلد للتقارب والتعايش بين الأديان، فليس لدينا تفرقة بين مواطن وآخر، وشعب البحرين أثبت في مختلف المواقف التاريخية أنه شعب واع وعصي على الفرقة لأنه يدرك خطر الشقاق والاختلاف.
نجاحات البحرين الاقتصادية
وفي الجانب الاقتصادي، أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء أن النجاحات التي حققتها البحرين على صعيد التنمية البشرية هي نتاج لمنظومة متكاملة من العمل الدؤوب تشاركت فيه سواعد جميع أبناء الوطن، وكانت ترجمة حقيقية لإرادة أبناء البحرين المتحفزة للنمو والارتقاء في كل المواقع.
وقال سموه إننا نشعر بالفخر والاعتزاز بما وصلنا إليه من درجات متقدمة على سلم التنمية البشرية وبالمكانة التي أصبحت مملكة البحرين تحتلها إقليمياً ودولياً في مجال التنمية البشرية بشهادة العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية.
وشدد سموه على أن النجاحات التي حققتها البحرين في مجال الاقتصاد وغيره ترجمة لجهد جماعي أسهم فيه جميع المواطنين كل في موقعه، إذ إن دافع الجميع هو الرغبة في رفعة الوطن وتقدمه.
وأكد سموه أن الصحافة تعتبر شريكاً فاعلاً فيما تحقق من منجزات ومكتسبات، وأنه يحرص دوماً على الالتقاء بالصحافيين وأصحاب الرأي فهم جنود الوطن ودورهم في الدفاع عن وطنهم محل اعتزاز وتقدير.
ورأى سموه أنه في ظل الأوضاع الحالية بالمنطقة التي تتسم بتسارع الأحداث فإن المسؤولية باتت مضاعفة على الصحافة المحلية والعربية في انتهاج رقابة ذاتية وأن تتحلى بقيم الحرية المسؤولة، لاسيما في ظل اتساع مساحة الحرية والانفتاح، فالكلمة أمانة كبيرة ينبغي لمن يحملها أن يتحلى بالدقة والموضوعية والنزاهة.
المواقف السعودية
تجاه البحرين
العلاقات البحرينية السعودية ضاربة بجذورها في التاريخ، وتعد أنموذجاً للعلاقات الأصيلة.. كيف تقيمون سموكم هذه العلاقات وما هي رؤيتكم لمستقبلها؟
بداية، يسرني أن ألتقي بكم وأن أعبر من خلالكم عن اعتزازي وفخري بما يربط بلدينا من أواصر المحبة والإخاء، وأنتهز الفرصة لأحيي من خلالكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي نكن له كل محبة وتقدير واحترام، فقد أعاد بعزمه وحزمه ومواقفه التاريخية، إحياء صحوة أمتنا العربية وهيبتها وحفظ كيانها وسيادتها، وجمع شملها.
ونؤكد أن ما يربط بين بلدينا وشعبينا أبلغ من أن تعبر عنه الكلمات، ومكانة أرض الحرمين في قلوبنا ووجداننا لا يمكن أن نختصرها في بضع كلمات، فهم الأخوة والسند والدرع الحصين للأمتين الإسلامية والعربية، ومواقف المملكة العربية السعودية تجاه البحرين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسائر الدول العربية والإسلامية في مختلف الظروف تبرهن على نهج راسخ في نصرة الحق ولم الشمل والحفاظ على كيان الأمة وسيادتها.
كما أعبر عن تقديري لصحيفة الرياض العريقة والرصينة وللصحافة السعودية والدور الوطني الذي تقوم به محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً في تنوير الرأي العام، وإثرائه بما تقدمه من معلومات وتحليلات والارتقاء بالثقافة العامة.
والواقع، أن العلاقات بين البحرين والشقيقة السعودية، لا يمكن اختزالها في كلمات، فهي علاقة بين شقيقين وجارين يرتبطان بتاريخ ومصير مشترك، وهي علاقات أثبتت وتثبت على مر التاريخ قوتها ورسوخها ومتانتها، وقد حرص الأجداد والآباء على رعايتها والبناء عليها، وتوارثنا جميعاً عنهم الترابط والالتحام فيما بيننا، ومازلنا على هذا العهد سائرون بإذن الله.
ونحن في البحرين لا ننسى مواقف السعودية ومساندتها ودعمها المتواصل والمستمر للبحرين، وهي مواقف مسجلة في تاريخ البلدين بأحرف من نور، لأنها أبرزت واقع الترابط والتفاعل القوي فضلاً عن المشاعر الجياشة والمحبة الصادقة التي يحملها البحرينيون قيادة وشعباً في قلوبهم ووجدانهم، للأشقاء في المملكة العربية السعودية الشقيقة، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله وسدد خطاه، في كل ما يقوم به من أجل شعبه والشعوب العربية والإسلامية، بل وشعوب العالم أجمع.. فتحية مقرونة بصادق التمنيات وأرفعها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بدوام الصحة والسعادة والهناء واطراد التقدم والنماء للشعب السعودي.
وإننا لنؤكد على أن علاقات البلدين الشقيقين تزداد تطوراً وقوة، وأن مجالات التعاون بينهما اتسعت لتشمل مختلف المجالات، وبما يحقق طموحات البلدين بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، ويلبي آمال وتطلعات الشعبين الشقيقين في البحرين والسعودية.