عواصم - (وكالات): أنهى وزراء خارجية السعودية والولايات المتحدة وروسيا وتركيا اجتماعاً عقدوه في العاصمة النمساوية فيينا لبحث الأزمة السورية، دون التوصل إلى موقف مشترك بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قوله إن «الأطراف الأربعة اتفقت على مواصلة المشاورات، وإن الاجتماع لم يتوصل لاتفاق مشترك بشأن مصير الأسد». وكان الوزير السعودي قد شدد في وقت سابق على أنه «لا دور لبشار الأسد في أي حكومة سورية مؤقتة». من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن «الاجتماع الذي عقد لاستطلاع أفق سياسي للحرب السورية قد أثمر أفكاراً قد تغير مسار ما يجري في البلد».
وأعرب كيري عن قناعته بأن اجتماع الأمس كان مثمراً وبناءً، مرجحاً عقد لقاء آخر بحلول 30 أكتوبر الحالي، ضمن ما وصفه باجتماع موسع. وحول مصير الأسد، قال كيري إن «غالبية دول أوروبا، عشرات إذا لم نقل مئات من الدول تدرك أن بشار الأسد يحدث ديناميكية تجعل السلام مستحيلاً، وإننا لن نكون قادرين على فعل شيء، حتى لو أردنا ذلك، في حال بقائه». ولفت إلى أن مشاركة إيران في اجتماع مماثل لم تكن واردة وقال «حتى الآن، إيران ليست حول الطاولة». أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقد قال إنه «يريد مشاركة مصر وإيران في أي محادثات مستقبلية بشأن سوريا». وقال إنه يجب ترك «الشعب السوري» يقرر مصير رئيسه. وشدد لافروف على ضرورة توسيع الاجتماع بحيث يشمل دولاً أخرى وقال «الاجتماع الرباعي غير كاف (...) يجب توسيعه». ولفت خصوصاً إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي واللاعبين الإقليميين مثل مصر وإيران وقطر إضافة إلى الأردن والإمارات العربية المتحدة.
وأورد كيري الدول نفسها باستثناء إيران، وركز خصوصاً على دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا. وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني التي حضرت إلى النمسا للمشاركة في اجتماع للرباعية الدولية حول الشرق الأوسط عن «الأمل في أن تكون إيران طرفاً في عملية» التشاور حول سوريا. يشار إلى أن الموقف الروسي يرفض الدعوات التي تطالب برحيل الأسد، وتقول موسكو إن مصير القيادة السورية لا يحدده سوى الشعب السوري عبر الانتخابات.
وقالت مصادر في فيينا إن الاجتماع لم يتوصل إلى اتفاق مشترك بشأن مصير الأسد في المرحلة الانتقالية وإن الورقة التي ضغط بها الروس من أجل إبقاء الأسد في هذه التسوية قد صعّبت الموقف وربما أجلت الحديث عن أي تسوية سياسية. وأضافت أن المجتمعين اتفقوا على خطة سياسية تستند إلى مخرجات مؤتمر «جنيف1»، وعلى استمرار المشاورات لإيجاد حل للأزمة السورية المستمرة منذ نحو 5 سنوات. واختتمت الدول الأربع اجتماعها عقب اجتماع ثنائي ضم الوزيرين الأمريكي والروسي، سبقه اجتماع ثلاثي التقى خلاله كيري بنظيريه السعودي عادل الجبير والتركي فريدون سينيرلي أوغلو.
ويعتقد بعض الدبلوماسيين والمحللين أن روسيا قد تتمكن من استغلال نفوذها لدى الأسد -فضلاً عن قوتها العسكرية التي استخدمتها مؤخراً- في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع. وأعلن لافروف أن موسكو تؤيد إجراء محادثات بين حكومة الأسد «وجميع أطياف» المعارضة السورية.
وصرح في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني ناصر جودة «موقفنا المشترك هو أننا نحتاج إلى دعم الجهود لعملية سياسية في التسوية السورية». وأوضح أن «ذلك يتطلب بدء محادثات واسعة بين ممثلين عن الحكومة السورية وجميع أطياف المعارضة السورية الداخلية والخارجية بدعم من لاعبين خارجيين». يشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن أمس الأول أن الأسد أبلغه أثناء زيارته الأخيرة لموسكو بأنه مستعد للتفاوض مع بعض جماعات المعارضة المسلحة إذا كانت ملتزمة حقاً بالحوار ومكافحة تنظيم الدولة «داعش». وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين في موسكو أن روسيا تعتبر الأسد محورياً في أي عملية تجري في سوريا. وأضاف «لم يثبت أنه من الممكن التفرقة بين المعارضة المعتدلة وبين مختلف المنظمات المتطرفة والإرهابية».
وأشارت تقارير صحافية إلى أن تسوية روسية مطروحة تتمحور حول بقاء الأسد لفترة انتقالية قد تكون سنة ونصف، تجرى خلالها انتخابات رئاسية، مع تلميح بليونة تركية تجاه الاقتراح، في مقابل رفض سعودي.
وذكرت مصادر أن الأسد سيتوجه قريباً إلى طهران حيث يلتقي مسؤولين إيرانيين كبار.
من ناحية أخرى، قال لافروف إن روسيا والأردن اتفقا على تنسيق تحركاتهما العسكرية بشأن سوريا عبر إقامة «آلية عمل خاصة» في العاصمة الأردنية عمان.
وأقامت روسيا تعاوناً وثيقاً مع حكومات العراق وسوريا وإيران وجميعها ضمن تحالف شيعي فضفاض يسعى لتحقيق أهداف تختلف عما تسعى إليه الولايات المتحدة وحلفاؤها. لكن الأردن بلد سني سكانه وحليف وثيق لواشنطن ولذلك فإن اتفاقه مع موسكو قد يمثل تحولاً في التحالفات المنخرطة في الصراع السوري.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده ستعرض في الأمم المتحدة قراراً يحظر إلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين في سوريا.
ميدانياً، قالت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء في إيران إن حارساً شخصياً للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد قتل في سوريا بينما كان يدافع عن مزار ديني قرب مدينة حلب. وقالت الوكالة «قتل عبد الله باقري نياراكي - الذي كان لفترة حارساً للرئيس محمود أحمدي نجاد - قرب حلب أمس الأول». في السياق ذاته، قال متحدث باسم الحرس الثوري الإيراني لوسائل إعلام محلية إن اثنين من عناصر قوات الأنصار التابعة للحرس الثوري قتلا في سوريا أمس.
وقتل 4 قادة ايرانيين هذا الشهر في القتال في سوريا. وقتل قائد آخر بالحرس الثوري الإيراني في سوريا في يونيو الماضي.
وفي تطور آخر، قتل 14 مدنياً أمس جراء غارات جوية استهدفت مدينة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة وسط سوريا، لم يعرف إذا كان مصدرها طائرات تابعة للنظام أم روسية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
من جهة ثانية، تمكن تنظيم الدولة من قطع طريق حيوي لقوات النظام شمال البلاد، تستخدمه لنقل إمداداتها من وسط البلاد باتجاه مناطق سيطرتها في مدينة حلب.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «قتل 14 مدنياً بينهم 6 أطفال في مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي جراء 3 غارات لم يعرف إذا كانت من طائرات حربية تابعة لقوات النظام أم روسية». وتسيطر الفصائل المقاتلة على تلبيسة منذ عام 2012، وفشلت كل محاولات قوات النظام لاستعادتها منذ ذلك الحين. وتكمن أهميتها في أنها تقع على الطريق الرئيسة بين مدينتي حمص وحماة وسط البلاد. وتخضع مدينة حماة لسيطرة قوات النظام التي تسيطر أيضاً على مدينة حمص، مركز المحافظة، باستثناء حي الوعر المحاصر. وبدأت قوات النظام بإسناد جوي روسي هجوماً برياً في ريف حمص الشمالي في 15 أكتوبر الحالي في محاولة لقطع طرق إمداد الفصائل بين المحافظتين.
وأفاد المرصد بمقتل 446 شخصاً بينهم 151 مدنياً جراء الغارات الجوية الروسية في سوريا منذ نهاية الشهر الماضي.
وأوضح أن «بين القتلى المدنيين 38 طفلاً و35 امرأة»، فيما يتوزع القتلى في صفوف المقاتلين البالغ عددهم الإجمالي 295 عنصراً بين «189 مقاتلاً من الفصائل و31 من جبهة النصرة - ذراع تنظيم القاعدة في سوريا - مقابل 75 مقاتلاً من «داعش»».
وفي ريف حلب الجنوبي الشرقي، تمكن «داعش» من السيطرة على طريق خناصر أثريا، الذي يعد الشريان الوحيد بين مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب، ومناطق سيطرته جنوب ووسط وغرب سوريا.