واشنطن - (وكالات): يتزايد اللاعبون بالأزمة السورية، ولكل أهدافه الاستراتيجية، ولعل أبرز التحالفات ما هو بين روسيا وإيران، وسط تساؤل مراقبين ومحللين عن مدى استمرار هذا التحالف في ظل اختلاف أهداف الدولتين. وتناولت صحف أمريكية بالنقد والتحليل التحالف الروسي الإيراني في سوريا، وأوضحت إحداها أن لكل من روسيا وإيران أهدافها التي تختلف عن الأخرى على المدى البعيد في سوريا، وسط الجدل المتزايد الذي تثيره الحرب التي تعصف بالبلاد منذ نحو 5 سنوات.فقد نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالاً تحليلياً مطولاً للكاتب ياروزلاف تروفيموف قال فيه إن روسيا وضعت يدها بيد إيران في الحرب بسوريا، وذلك في محاولة من الدولتين إنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتساءل الكاتب: هل يعتبر هذا التحالف بين موسكو وطهران تحالفاً طويل المدى، أم سرعان ما يتبدل مع تغير المصالح كلما تطور الصراع؟ وأوضح أن الغطاء الجوي والاستخباري والأسلحة المتطورة التي توفرها روسيا تشكل التكملة الضرورية التي تحتاجها القوات الإيرانية التي ينشرها الحرس الثوري الإيراني على جبهات القتال داخل الأراضي السورية.وأشار الكاتب إلى أن الجبهة الموحدة التي تشكلها روسيا وإيران بالشرق الأوسط تمثل تحدياً للولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة، ولكن لكل من موسكو وطهران أهدافها الخاصة، مما يتيح الفرصة للخلاف فيما بينهما، خاصة إذا لم تسر خطة القتال في سوريا كما ينبغي لها أن تكون في الأشهر القادمة. وأضاف الكاتب أن روسيا تسعى لإيجاد عالم متعدد الأقطاب بحيث تكون موسكو أحد كبار اللاعبين فيه، خاصة في أعقاب تراجع الدور الأمريكي على المسرح الدولي، كما إن موسكو تسعى لحماية نفوذها على ساحل البحر المتوسط ممثلاً في قاعدتها البحرية على الساحل السوري. وأشار إلى أن أهداف إيران تختلف عن تلك التي لدى روسيا، وأن طهران ترغب في بسط النفوذ الشيعي بالمنطقة، كما إن المسؤولين الإيرانيين يدعون علناً إلى تغيير بعض الأنظمة السنية في المنطقة، ناهيك عن الحديث الظاهري في القضاء على دولة إسرائيل. وأضاف أن إيران تسعى لتقويض وإضعاف الأنظمة في لبنان وسوريا والعراق بدعمها ميليشيات شيعية تعمل بالوكالة، بينما لا ترغب روسيا في إذكاء الفتنة الطائفية بالمنطقة في ظل أن 15% من سكان روسيا هم من المسلمين السنة الذين يعيشون في بعض المناطق التي لها تاريخ من الاضطرابات.وأشار إلى أن روسيا تنظر بعين الشك والريبة بالنسبة إلى تحالفها مع إيران، وأن الدولتين الآن تتنافسان في سوريا، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يذكر أثناء لقائه الأسد بموسكو قبل أيام شيئاً عن الدعم الذي قدمته إيران للنظام السوري منذ الحرب التي بدأت في سوريا في 2011 وأن بوتين بدلاً من ذلك قال إن السوريين كانوا يناضلون ويقاتلون وحدهم ضد الإرهابيين على مدار تلك السنين. وأضاف الكاتب أن علاقة الإمبراطورية السوفيتية مع إيران كانت معقدة عبر التاريخ، وأن موسكو سبق أن دعمت نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إبان حربه مع إيران، وأن الإيرانيين في المقابل دعموا بعض المجاهدين المناوئين للاتحاد السوفيتي في أفغانستان.وأضاف أن ميليشيا «حزب الله» الشيعية المدعومة من إيران خاضت بعض المعارك ضد الثوار السوريين المناوئين للنظام السوري في بعض المناطق السنية، وأن إيران دعمت الأسد بالمال والمقاتلين الشيعة العراقيين والأفغان الذين تجندهم داخل إيران نفسها.وأشار إلى أن إيران تدعم قوات الدفاع الوطني في سوريا التي تعد قوات موالية لإيران أكثر من موالاتها للأسد، بينما تحاول روسيا دعم وبناء الجيش السوري التابع للنظام من أجل محاولة استعادته القوة القتالية التي فقدها على مدار أربع سنوات، والذي يعاني انخفاضاً في المعنويات، ويجد صعوبة في تجنيد المزيد من السوريين حتى من بين العلويين أنفسهم.وأضافت أن روسيا تريد أن تتعامل مع حكومة في سوريا على عكس إيران التي تتعامل مع ميليشيات تعمل بالوكالة في البلاد، وقال إن هذه الاختلافات بين موسكو وطهران لاتزال تكتنفها حالة من الصمت، وأنها لم تظهر على السطح بشكل واضح بعد.وأوضح أن كلاً من الرئيس بوتين وآية الله علي خامنئي لا يريدان إظهار هذه الخلافات، وذلك لمنع انجراف إيران أكثر إلى المعسكر الغربي في أعقاب اتفاق البرنامج النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى.من جانبها، تساءلت صحيفة «ذي كريستيان ساينس مونيتور» إذا ما كان الهجوم الذي يعتزم «حزب الله» شنه على الثوار المتمركزين في مدينة القنيطرة السورية على الحدود الإسرائيلية سيؤدي إلى الإضرار بالتحالف الروسي الإيراني؟وأضافت أن الهجوم المتوقع من جانب ميليشيات «حزب الله» على مناطق بالقرب من جبهة الجولان المحتلة سيشكل اختباراً للمدى الذي يمكن للطيران الروسي أن يلعبه في أنحاء سوريا. وأشارت إلى أن القنيطرة تقع تحت مسؤولية قوات دولية تابعة للأمم المتحدة، وظيفتها الفصل بين القوات السورية والإسرائيلية في أعقاب حرب 1973.