عواصم - (وكالات): قتل عدد كبير من الضباط والجنود الإيرانيين منذ مطلع أكتوبر الحالي في سوريا، ما يؤشر إلى الالتزام المتنامي لطهران بهدف دعم نظام الرئيس بشار الأسد بالتعاون مع روسيا، وضلوعها في العمليات القتالية بالبلاد.
وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن الملازم ثاني في اللواء 33 التابع لوحدات الحرس الثوري الإيراني مسلم نصر قد قتل في سوريا خلال مواجهات مسلحة مع المعارضة السورية في محيط مدينة حلب، ليرتفع عدد القتلى الإيرانيين إلى 12 خلال يومين. وأوضحت الوكالة أن نصر قتل خلال قيامه بمهام عسكرية لمواجهة من أسمتهم «الإرهابيين التكفيريين» شمال سوريا.
من جهة أخرى، نقلت الوكالة أن خان علي يوسفي، وهو من الأفغان المقيمين في إيران، قتل هو الآخر خلال معارك مع المعارضة السورية بحلب.
وكانت وكالات إيرانية قد ذكرت أن 11 عسكرياً إيرانياً، بينهم ضباط في الحرس الثوري وقياديون في قوات التعبئة الإيرانية «الباسيج»، قتلوا في سوريا باشتباكات مع قوات المعارضة خلال يومين.
وقالت الوكالات إن معظم هؤلاء سقطوا في المعارك الدائرة في محافظة حلب. وبذلك يرتفع عدد القتلى العسكريين الإيرانيين منذ إعلان الحرس الثوري زيادة أعداد مستشاريه العسكريين في سوريا إلى نحو 27 قتيلاً.
ومن كبار قادة الحرس الثوري الذين قتلوا في سوريا اللواء حسين همداني، الذي شارك في الحرب الإيرانية العراقية بين 1980 و1988، وقتل في 8 أكتوبر الحالي بيد تنظيم الدولة «داعش» بمنطقة حلب، إضافة إلى ضابطين برتبة عقيد.
وبعد مقتله في 8 أكتوبر الحالي، رفعت صور كبيرة لهمداني على طول طرق في طهران وداخل حدائق تكريماً له.
وبدأ هذا الضلوع المتعاظم يثير جدلاً بين رواد الإنترنت الإيرانيين. ولم يتردد بعضهم في طرح تساؤلات حول هذه الاستراتيجية. وهي المرة الأولى منذ عام 2011، تاريخ بدء النزاع السوري الذي خلف حتى الآن نحو 250 ألف قتيل، التي تعلن إيران فيها رسمياً عن هذا العدد من القتلى في فترة قصيرة جداً.
وقالت السلطات الإيرانية إن الضحايا الآخرين هم «متطوعون» يتولون حماية الأضرحة المقدسة في سوريا.
ورسمياً، لا ترسل إيران جنوداً إلى سوريا بل فقط «مستشارين» هم أعضاء في الحرس الثوري. وتحت قيادتهم، يقاتل عناصر «حزب الله» الشيعي اللبناني إضافة إلى «متطوعين» إيرانيين وعراقيين وأفغان.
ومساء الإثنين الماضي، قال المسؤول الثاني في الحرس الثوري الجنرال حسين سلمي للتلفزيون العام إن «الجيش السوري بدأ يعيد تنظيم صفوفه منذ أشهر عدة وقد طلب منا مساعدة إضافية على صعيد المشورة. من هنا، قمنا بزيادة عدد مستشارينا العسكريين».
وأقر بأن «هذا الأمر أدى إلى ارتفاع عدد شهدائنا «في سوريا» علماً بأنه ليس كبيراً، بل يفوق ما سجل في الماضي».
وأكد سلمي أن المستشارين الإيرانيين «لا يمكنهم البقاء في غرف مقفلة، ينبغي أن يكونوا على الأرض».
وتابع «على المستوى التكتيكي، نقدم نصائح إلى القادة العملانيين في الجيش السوري، وعلى الصعيد التقني نساعد هذا الجيش في تأمين المعدات وصيانتها».
ولم تدل طهران أبداً بإحصاءات عن عدد الإيرانيين الموجودين في سوريا، لكن مسؤولاً أمريكيا أكد منتصف أكتوبر الحالي أن ما يناهز ألفي إيراني أو مقاتل تدعمهم طهران يشاركون قرب حلب في هجوم على فصائل المعارضة.
ويتم تنسيق هذا الهجوم مع نظام الأسد وروسيا التي تشن منذ نهاية سبتمبر الماضي غارات جوية كثيفة على ما تسميه «المجموعات الإرهابية» وبينها تنظيم الدولة.
وقال أمير محبيان المحلل السياسي الإيراني القريب من السلطة إن «الروس يقصفون من الجو ولكن لابد من هجمات برية». ولم يستبعد من هذا المنطلق إرسال قوات إيرانية برية: «لا خيار لدينا ونحن جاهزون لذلك»، واصفاً هذا الأمر بأنه «خيار استراتيجي» لشل القدرات القتالية لتنظيم «داعش» وتجنب حرب شاملة.
وفي ظاهرة لافتة في إيران، بدأ مقتل المقاتلين الإيرانيين يثير جدلاً على المواقع الإلكترونية وبينها موقعا وكالة فارس للأنباء القريبة من المحافظين والتلفزيون الرسمي.
وكتب أحد رواد الإنترنت «علينا ألا نخسر قادتنا بهذه السهولة» متحدثاً عن «خطأ». ورد عليه آخر «صديقي، ليس للإسلام حدود، علينا أن نساعد المظلوم الذي يحتاج إلى مساعدة أينما كان».
وأبدى العديد من هؤلاء الرواد استعدادهم لـ«التطوع» لمقاتلة التنظيمات المسلحة «بمجرد إشارة» من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
لكن أحدهم ويدعى حسن هادي طلب منهم التريث، فقد سبق له الذهاب إلى سوريا «لفترة معينة» ولاحظ أن القتال هناك مسألة «معقدة» تتطلب قدرات محددة.
واعتبر أنه ينبغي معرفة «ثقافة» البلاد، «اللغة العربية مع اللهجة السورية، فضلاً عن معرفة جيدة بالمناطق وأحياء مختلف المدن» إضافة إلى «المبادئ الأساسية لحرب الشوارع في مدن سوريا الرهيبة».