تعز - (الجزيرة نت): يرى مراقبون أن تصعيد المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح القصف على تعز جنوب البلاد، يأتي نتيجة تراجعهم من مناطق استراتيجية إلى صنعاء وصعدة وعمران، حيث يزداد تضييق الخناق عليهم، مما يدفعهم للقصف عشوائيا على تعز، التي بات معظم أهلها بحاجة لإغاثة عاجلة.
وبات كل شيء في مدينة تعز اليمنية مستهدفا بالقصف والموت والدمار، فلم يسلم البشر أو الشجر أو الحجر من قصف ميليشيا الحوثيين وقوات صالح، فضلا عن الحصار الذي يمنع عن الأهالي الغذاء والدواء.
ويصيب القصف اليومي أحياء المدينة ومستشفياتها ومساجدها، كما لا تفرق قوات الحوثيين وصالح بين مدني وعسكري، فيسقط عشرات المدنيين يوميا جراء القصف الذي يصفه كثيرون بأنه «ممنهج ومركز»، ويستهدف قتل المواطنين بشكل مباشر.
وتقول المواطنة حنان الفتح إن شقيقها الشاب ماجد قتل مع العشرات عندما كان يعبر الشارع إثر سقوط صواريخ كاتيوشا الأسبوع الماضي.
ويقول الأهالي إن القصف ازداد عنفاً مؤخراً بعد تحقيق المقاومة الشعبية والجيش الوطني بمساندة قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «إعادة الأمل» بقيادة المملكة العربي السعودية، تقدما في مختلف جبهات القتال، خاصة بعد السيطرة على مضيق باب المندب والتقدم إلى ميناء المخاء الاستراتيجي على البحر الأحمر.
ويرى مراقبون أن العنف المتزايد من قبل الحوثيين جاء بعد اندحارهم من مناطق ومواقع استراتيجية والتضييق عليهم في العاصمة صنعاء، حيث تم طردهم من أغلب مناطق مأرب الغنية بالنفط والغاز، واقتربت المقاومة والجيش الوطني والتحالف من أسوار معاقلهم في صنعاء وصعدة وعمران.
ويقول الكاتب اليمني عارف أبوحاتم إن المدنيين هم الضحية الأولى للعنف، فمنذ شهر مارس الماضي أصبح 90% من سكان محافظة تعز -البالغ عددهم نحو 4 ملايين- بحاجة إلى إغاثة عاجلة، مؤكداً أن تعز هي النسخة اليمنية من مدن الرقة والزبداني في سوريا، وأن شوارعها كأطلال مخيم اليرموك بدمشق.
ويضيف أن «تعز لم يعد فيها حجر على حجر، حيث اختلط الدم بالتراب بالصراخ بالجوع بالظمأ بالبارود بحمى الضنك، وأصبح اسم تعز التي كانت عاصمة للثقافة مرادفاً للموت والحصار والجوع».
ووفقاً لتقرير «ائتلاف الإغاثة الإنسانية»، فإن عدد الضحايا في تعز وصل إلى 1562 قتيلاً و15641 جريحاً، بينما أصاب القصف أكثر من 3 آلاف منزل، مما تسبب في نزوح 70% من سكان المدينة، وتسريح 90% من موظفي القطاع الخاص، وإغلاق 20 مصنعاً، و95% من المستشفيات.
إلى ذلك، يرى محللون عسكريون أن زيادة القصف من قبل الحوثيين على تعز يستهدف إرهاق حاضنة المقاومة الشعبية، التي جعلت من تعز بؤرة لاستنزاف ميليشياتهم وكبدتهم مئات القتلى وآلاف الجرحى.
ويعتقد الخبير في شؤون النزاعات المسلحة علي الذهب أن «الحرب في تعز ستكون معركة مصير يتقرر بها ما بعدها، وأنها بالنسبة لصالح والحوثيين العقبة الكأداء التي لو انكسرت أمامهم لذلت لهم بقية العقبات».
ويشير إلى أن جماعة الحوثيين تؤمن بمبدأ «النصر بأي ثمن»، وأنها دأبت عليه منذ تقدمها نحو صنعاء عام 2014، معتبراً أنه مبدأ يخالف أعراف الحرب وقوانينها.
ويرى الذهب أن التحالف العربي كان متراخياً إزاء ما يقترفه الحوثيون بحق المدنيين في تعز، مما أغراهم بارتكاب المزيد من «جرائم الحرب»، وأكد أن سياسة الأرض المحروقة التي يمارسها الحوثيون «مؤشر انهزام لا انتصار».