ثورات قبائل البدو ضد
إبراهيم باشا أدت إلى التقارب بينهما ليستطيعوا مواجهته
الكابتن بروس يكتب تقريره عن موانئ
فارسية سيستخدمها قراصنة
رأس الخيمة
بعد عودة خميس أخبرنا بأن خليل آغا
الحاكم التركي يعتقد بأن طريق
القطيف أسهل
لعدم التكهن بموعد عودتي
إلى الرئاسة في بومبي أخذت معي
سفينة للمراسلات السريعة
أرسلت الشيخ البدوي إلى خليل آغا
حاملاً رسالة مني أخبره فيها عن رغبتي
في مغادرة الإحساء
خليج القطيف يمتد إلى ما يقارب
عشرين ميلاً في العرض ويحده عنق
رملي طويل في الشمال
تقع جزيرة تاروت في وسط الخليج
وقرب قمته وتمتد على مسافة
عشرة أميال من الشمال الغربي
قلعة القطيف لها ثلاثة أبواب
وضلعها الواسع في الجهة البحرية
والبناء السكني بالزاوية الشمالية
تجارة القطيف تنقل من البحرين منتوجات الهند ومفتاح التجارة مع البحرين بالقطيف والعجير
تقلب ميزان التجارة نتيجة عدم
استقرار الأمور الأمنية في البلاد
وهجرة البدو إلى الشمال
كتب – عبدالرحمن صالح الدوسري:
يواصل د.عيسى أمين الحديث عن رحلة جورج فورستر سادليير وكتابه «رحلة عبر الجزيرة العربية» وفي هذه الحلقة سنجد الكثير في الأمور والشخصيات التي لم تكن موجودة في الحلقة السابقة، وتم التركيز هنا على ما حدث للسفينة ميركوري التي استقلها سادليير لاستكمال رحلته إلى بوشهر وغاصت في الرمل لجهل ربانها بالمنطقة، ولكن تدخل أرحمه بن جابر وأنقذهم بمساعدتهم بعدة سفن من أسطوله وانتشل السفية ميركوري من الغرق في خليج مسقط وهو في طريقه إلى مدينة بوشهر.
خليج مسقط - 17 مايو 1819
وقال سادليير إنه كتب رسالة للسير أيفان بارث رئيس المجلس الحاكم في بومباي- Sir Evan Nadean Bart.- President and Governor in Council, Bombay، جاء فيها:» يشرفني أن أقدم لكم تقريراً عن مقابلتي لصاحب السمو الإمام وشرح بعض المواضيع التي لم يتضمنها تقريري السابق، لقد انتهزت الفرصة في لقائي معه وسألته عن مدى استعداده للتعاون والموافقة على إنزال الجنود المشاركين في العملية القادمة في جزر أو سواحل تابعة له، وهنا أنقل لكم موافقة الإمام على المساعدة لأي جزء من القوات المذكورة والإشراف على ما يترتب من احتياجات أثناء الإنزال والعمليات العسكرية، وحتى بعد انتهائها أعتقد أن لدى مجلسكم الآن صلاحية اختيار الموقع للإنزال بدل خليج مسقط.
وكنت قد تطرقت في حديثي مع صاحب السمو لشرعية المناطق وتبعيتها، وأكد السلطان أن جزيرة قشم خاضعة للسلطان.
وكانت كذلك منذ عهد السيد سلطان، أما عن جامبرون وميناء خمير فإنها موانئ مؤجرة حسب شروط الاتفاقية الموقعة بين السلطان والشاه الفارسي مقابل ثلاثة آلاف تومان سنوياً، وأود أن أخبركم بأنه ومنذ سقوط البريمي تم طرد القراصنة من ميناء الفجيرة، وأقترح أن يوضع هذا المكان تحت الحراسة، لأنه الموقع الوحيد علي هذا الجانب من الرأس، والذي يمكن أن ينفذ منه هؤلاء الأشقياء، وتبعاً للتعليمات فقد قمت بالاتصال بقائد الأسطول في الخليج وطاب لي أن أطلع القبطان لوخ على كل المعلومات التي لدي، وكل ما جمعته سواء بالسمع أو المشاهدة منذ وصولي إلى هذا المكان ونصحني القبطان لوخ بالتوجه إلى السفينة ميركوري لتنقلني إلى بوشهر، وأشعر بالامتنان تجاه المسؤول العسكري عن الأسطول في ميناء مسقط لسماحه لي بحرية الاتصال أثناء إقامتي في مسقط».
رحلة قاسية بسبب الرياح
ويؤكد د. عيسى أن رحلة سادليير « في السابع من يونيو 1819 إلى بوشهر كانت متعبة، وذلك بسبب الرياح الشمالية الغربية الشديدة والتي لم نتوقعها في هذا الوقت من السنة، كانت الأمواج عاتية والبحر هائجاً والأجواء عاصفة، وبعد كل ذلك وصلنا عصراً لبوشهر في السابع من يونيو، لقد كنت في عجالة من أمري، لذا غادرت السفينة بسرعة لكي أمكّن السفينة من مواصلة مسيرتها إلى «هليلة Halli aah» للتزود بالماء على بعد عدة أميال من بوشهر، حيث كان المخزون المتبقي يكفي يوماً واحداً فقط، في هذا اليوم كتبت الرسالة التالية:
إلى صاحب الفخامة السير أيفان نبيان بارث الحاكم العام ورئيس المجلس، بومبي، «سيدي يطيب لي أن أبلغكم بوصولي بوشهر في السابع من هذا الشهروأبدي اعتقادي بأن إقامتي هنا لن تزيد عن الوقت اللازم لإعداد السفينة مرة أخرى بعد رحلة قاسية بسبب الرياح الشمالية الغربية العاتية، ولقد علمت منذ وصولي أن صاحب السعادة إبراهيم باشا قد عزم على زيارة مكة بعد شهر رمضان مباشرة، وكما أعتقد سيعود من هناك إلى مصر، ولقد قام بتعيين ضابط مسؤول يقوم بالأعمال أثناء غيابه، ولذا فإنه من أهم الأمور لديّ الآن الوصول إلى إبراهيم باشا قبل التعيين المرتقب، ومع احتمال صعوبة تحقيق ذلك إلا أني سأبذل جهدي لتحقيق هذه المسؤولية، ولكنني لا أدري هل سيكون ميناء القطيف أو الآخر الواقع في العجير نقطة البداية بالنسبة لي، لذا أترك هذا القرار لاختيار القبطان والبول «Walpole» ، لقد اضطر صاحب السعادة إبراهيم باشا إلى تغيير مساره، وذلك لمعاقبة بعض القبائل البدوية، ولاسترداد ما سلبته من غنائمه، وبالفعل تمكن من إنجاز ذلك، وأتمنى أن يكون ذلك بداية في سيادة الأمان في تلك المناطق والطرق، ومع أنني أشك في ذلك، فإن الوقت لم يكن كافياً لاستتباب الأمن في هذه المناطق المحتلة، وربما يؤدي ذلك إلى استخدام جزء كبير من قوات الباشا لمنع تكرارها، وبالتالي سيمنع ذلك الباشا من مشاركتنا في المهمة القادمة، لقد أدت ثورات البدو المتتالية إلي إثارة البلبلة في خطط إبراهيم باشا، وعرقلت تحركاته، ولكن يسعدني أن أذكر بأن هذه الثورات ليست ناتجة عن تصرفات الباشا تجاه هذه القبائل وبعكس ذلك لقد تقرب الباشا من القبائل، وبالفعل ألحق بمعسكره الشيخ «عرار بن سعدون» شيخ بني خالد والذي تم عزله وشمل بعطفه محمد بن عرار ومجيد بن عرار وأعاد إليهما الأملاك وأعاد لهما الكرامة والجاه مرة أخرى، وفي الحقيقة تعرضوا لكراهية كل من ارتبط بسعود، وبقي مجيد بن عرار في الإحساء، أما أخوه محمد فكان في منطقة قريبة من ذلك مع قبيلته، وأعتقد أن هذا أدى لسيادة الأمن بمنطقة الإحساء، كذلك تواجد فرقة من الجيش التركي لا تزيد عن خمسمائة جندي.
سفينة للمراسلات السريعة
وأكد سادليير أنه أخذ معه سفينة للمراسلات السريعة لتقديم المعلومات اللازمة عن إبراهيم باشا ليتعاون معه، وقال:»لأنني لا أستطيع في الوقت الحالي التكهن بموعد عودتي إلى الرئاسة في بومبي - لأمور لا أستطيع السيطرة عليها- وسوف تقوم هذه السفينة بنقل المعلومات بصورة سريعة عن موقف الباشا مع أنني شخصياً أشك في أنه سوف يوافق على دعوتنا دون الرجوع للسلطات العليا في مصر، هذا إلى جانب عدم السيطرة التامة على المناطق التي أخضعت حالياً، والحاجة إلى إبقاء أعداد كبيرة من الجنود في هذه المناطق للمحافظة عليها. وبما أن الكابتن بروس «Captain Bruce» قد كتب تقريره عن الموانئ الفارسية، وتلك التي تستخدمها رأس الخيمة أجد أنه لا داعي من ذكر ذلك في تقريري ولكن أرى أن يُعتبر سكان هذه الموانئ معادين لبريطانيا ومعاملتهم كذلك.
وفي 9 يونيو 1819 كتب ساديير رسالة للسيرايفان نبيان بارث الحاكم العام في بومبي:»يشرفني أن أخبر مجلسكم أنه، ونظراً للصعوبات «التي من الممكن أن أواجهها عند تنقلي في رحلتي القادمة»، وذلك لأن النقود التي أحملها كبيرة، ولا تناسب المناطق التي سوف أزورها، لذا قررت أخذ من الكابتن بروس « المقيم السياسي في بوشهر « مبالغ مالية معدنية ذات قيمة صغيرة تناسب الغرض، وسأقوم بإيداعها لدى أحد الصرافين الموثوق بهم في الإحساء، وقد بلغت المبالغ المذكورة ثلاثة عشر ألف روبية مقابل رصيد استلام لدى السيد بروس، أرجو أن يقوم مجلسكم الموقر بإجراء اللازم في ذلك».
ميركوري والمصاعب
يضيف د.عيسى أنه في 16 يونيو 1819 واجهت السفينة ميركوري مصاعب على بعد أميال من بوشهر لانقطاع المرساه، ولذا أرسلت بعض السفن من بوشهر لانتشال المرساة من البحر، وفي نفس اليوم انتقلت للسفينة التابعة للشركة - شركة الهند الشرقية - فيستال «Vestal»، والتي تم إرسالها لتأخذ مكان السفينة ميركوري قرب الساحل العربي استغرقت الرحلة من بوشهر إلى ساحل القطيف يومين 16-18 يونيو، ولكن ولسوء قيادة قبطان السفينة التصقت بالقاع الرملي وبقينا فيها طوال الليل، أرسلت الشيخ خميس حاملاً رسالتي إلى الحاكم التركي في القطيف، وطلبت منه إرسال سفينة لتنقلنا إلى العجير، حيث المسافة أقرب إلى الإحساء، وأحسن نقطة انطلاق للسفينة التي سأرسل بواسطتها المراسلات، تقدم الشيخ خميس بطلب مرافقتي للدرعية، وفي الحقيقة وجدت أنه الشخص المناسب، إذ سكن في هذه السواحل عدة أشهر، وقام برحلتين إلى الدرعية إلى جانب معرفته بالبدو القاطنين في الطريق وشيوخهم، لم يرجع الشيخ خميس بعد ولغاية صباح اليوم التالي، ولم نتمكن من الحصول على ربان يساعدنا في إخراج السفينة من الرمل، وفشلت كل محاولاتنا في الوصول إلى ممر مائي يعيدنا إلى الجهة الجنوبية من الخليج، في ظهرية التاسع عشر من يونيو أرسل « أرحمه بن جابر» سفينة تهنئنا بسلامة الوصول، وكان بودي أن اكتشف مخبأ هذا الشرس، والذي أعتقد أنه يقع في الجزء الجنوبي من الخليج، ولم تنجح السفينة المرسلة من أرحمه بن جابر في إخراجنا من المأزق، وبقينا على وعد من أرحمه بن جابر في المساعدة، وبالفعل نفذ وعده وأرسل إلينا اثنين من أذكى بحارته، وتمكنا بالفعل من قيادة السفينة للممر الخاص بالسفن والذي يقع في الجزء الشمالي من الخليج.
إرحمة يحذرنا من العجير
في عصر يوم 20 يونيو ألقت السفينة مراسيها بعد أن فقدنا يومين نتيجة غباء الربان القادم من بوشهر وحذرنا أرحمه بن جابر من الاقتراب من العجير في السفينة الكبيرة لعدم مناسبة المياه حولها لذلك، وعلمنا أنه حتى مع استخدام السفن الصغيرة فإن المسافة بينها وبين الساحل كبيرة وتتميز سواحل البحرين أيضاً بصعوبة الاقتراب منها في الليل لكثرة الشعب المرجانية وإمكانية الاقتراب من الساحل في النهار فقط فإن أي التفاف حولها للوصول إلى العجير سوف يحتاج إلى النهار كله، عندما عاد الشيخ خميس نقل إلينا بعض المعلومات وأخبرني بأن خليل آغا الحاكم التركي يعتقد بأن طريق القطيف أسهل لنا، ولذا قررت التخلي عن فكرة الذهاب للصبيح أو الالتفاف حول جزيرة البحرين، وقررت النزول للقطيف في الصباح، وبلغني أنباء عن رغبة خليل آغا في زيارتي بعد الظهر، واعتقدت أن طلقات المدافع التي سمعتها تعني أنه غادر القلعة، ولكن أخبرني أحد البدو أن خليل آغا مريض، ولن يتمكن من الزيارة اليوم، ولكنه وعد بالقيام بها في صباح الغد مع رجاء منه لمساعدته في محنته وإرسال الطبيب الملحق بالسفينة فيستال «Vestal» لعلاجه، وبالفعل تم ذلك، أما المدافع فلقد كانت تطلق تحية للسفينة فيستال التي أطلقت مدفعيتها عند اقترابها من الساحل، وفي 22 يونيو لم يحضر خليل آغا فأرسلت المرافق الفارسي «الميرزا» للاستفسار عن صحته، وهناك وجد مشرف العريعر في حضرة خليل آغا، ومشرف بن عريعر، - هو ابن أخ محمد بن عريعر زعيم بني خالد - أخبرني مشرف العريعر بأن الوالي التركي « خليل آغا « ، الذي عينه محمد آغا كاشف - حاكم الإحساء - قد قيد صلاحياته بعكس الأوامر الصادرة له بتعيين مشرف في موقع المسؤولية، ولكن رفض الوالي التركي دعوى مشرف، وطلب منه أن يكتب لعمه في طلب الرجال والجمال لمرافقتي إلى الإحساء، أبلغني « الميرزا « أن خليل آغا يود بقائي إلى أن تصله التعليمات بالسماح لي بالمغادرة إلى الإحساء، ويحذرني من الثقة العمياء بالبدو، جاءني مشرف في المساء محاولاً إقامة نوع من الصداقة بيننا وأنا بطبيعة الحال كنت موافقاً على ذلك، وعندما عاد « القاصد « المرسل إلى عم مشرف أخبرني الأخير أن قبيلته هي الوحيدة التي تستطيع إعطائي الحماية اللازمة، لذا كتبت رسالة إلى العم شاكراً له روح الصداقة التي تربط قبيلته مع رجال الدولة الإنجليزية العاملين في هذه المناطق، انتظرنا - أنا وطبيب السفينة فيستال - وصول الخيل والمرافقين للطبيب لزيارة الآغا، وطال انتظارنا حتى منتصف النهار، حين قرر الطبيب العودة للسفينة دون إعطاء أية تعليمات للآغا المصاب بوعكة سببها شراهته في الأكل.
مغادرة الإحساء
في صباح يوم 24 يونيو 1819 أرسلت الشيخ البدوي إلى خليل آغا حاملاً رسالة مني أخبره فيها عن رغبتي في مغادرة الإحساء عند توفر الحماية الكافية لي، لم يكن مزاج الآغا على ما يرام، ولم يعجبه انتشار خبر نقله من المنطقة، وكانت أوامر قد وصلت إلى مشرف العريعر بتوفير الدواب لنقل الآغا ومساعديه إلى الإحساء واستلام السلطة من الآغا بنفسه، تقدم مشرف العريعر في اتجاه بوابة المدينة، ومعه مرافقوه لاستلام مركز السلطة في البلدة، ومنعه الحرس الأتراك من الدخول إلا إذا اختار اثنين فقط من مرافقيه للدخول معه، أثناء المجادلة قرر الآغا التحصن في غرفته الخاصة لجرد الأموال ومحولاً العشرات إلى الآف، وبالعكس لكي يستفيد منها بنفسه، أما مشرف فقد قفل عائداً إلى مكانه، في النهاية اضطررت لإرسال رسالة شخصية بواسطة «الخدمات السريعة للجمال» إلى محمد آغا كاشف حاكم الإحساء وأرسلتها في مساء نفس اليوم الذي طلب فيها الموافقة على سفرى إلى الإحساء، وسأحاول تقديم وصف تفصيلي للقطيف وجوارها، وبقدر ما تسمح لي ملاحظاتي غير الدقيقة: إن خليج القطيف يمتد لما يقارب عشرين ميلاً في العرض، ويحده عنق رملي طويل في الشمال وانبساط صحراوي في الجنوب، وتسمى آخر نقطة في الطرف الشمالي رأس تنورة، أما الأخرى في الطرف الجنوبي الظهران، وتقع جزيرة تاورت في وسط الخليج وقرب قمته وتمتد على مسافة عشرة أميال من الشمال الغربي وإلى الجنوب الشرقي – وهي جزيرة تغطيها أشجار النخيل، وتكثر فيها ينابيع المياه العذبة، ويمتد لسان رملي من الجزيرة لفوهة الخليج، ويقسم البحر إلى مسارين مائيين، وكما تم وصفه في السابق فإن المسار الشمالي عميق وآمن وصالح للملاحة ويجري في توازٍ مع العنق الرملي في شمال الخليج، أما المسار الجنوبي فضحل وخطر ويحاذي الامتداد الصحراوي لجنوب الخليج، وعلى مسافة كبيرة من الخط الساحلي تفصله عنه مياه ضحلة، يقابلها على اليابسة مرتفع يشبه كومة القند « قمع السكر»، ويسمى الظهران ويليه للداخل قلعة الدمام التي تحيط بها المياه من كل جانب - وقد تمت صيانتها في المدة الأخير بواسطة أرحمة بن جابر-، ولو سرنا للداخل فسنجد قرية «سيهات»، وعلى مسافة أربعة أميال من قلعة القطيف والتي تقع في الحقيقة على جزيرة « تاورت «، يقع المسار البحري الشمالي - والمناسب للملاحة - على مسافة بعيدة من القطيف، ولذا تضطر السفن العابرة أن تتوقف قرب تاورت – ويعتبر هذا المسار سهلاً نسبياً إذا ما تركت مسافة قصيرة بين السفينة والساحل الشمالي، ولمسافة قصيرة من تاورت عندما تقابلك جزيرتان رمليتان عند رأس الخليج، ويبدأ المنسوب المائي في النزول معطياً إنذاراً مبكراً للسفينة عن ضحالة الجزء الباقي من المسار المائي، في هذا الجزء تستطيع السفن الاحتماء من العواصف الشمال الغربية ولكن القاع رملي بحت، تأخذ قلعة القطيف شكل «معين» ولها ثلاثة أبواب ويقع الضلع الواسع منها في الجهة البحرية. أما البناء السكني فإنه مقام في الزاوية الشمالية والداخلية للقلعة، حيث يقع بئر الماء العذب، ويقال إنه بني بواسطة البرتغاليين، وتوجد عدة منازل بداخل أسوار القلعة، أما المجرى المائي المؤدي لها فهو أعمق مما في قرية سيهات، ويقام سوق الخميس- خارج البوابة الجنوبية للقلعة - كل أسبوع حيث تعرض فيه اللحوم، ومختلف أنواع الأرز والتمور والمسك والبطيخ، ذوات الحجم غير الطبيعي، والذي يبلغ وزن الواحدة بين 35 – 40 رطلاً، من القطيف يتم إنتاج القمح والشعير، ولكن ليس بالكثرة الخاصة بالأرز ويقال إن أجواء القطيف لا تناسب زراعتها، هذا إلى جانب وفرة زراعتها، ووفرة التين الجيد، وبعض من المشمش والمانجو والرمان والليمون والبرتقال، وتمتد مزارع البصل والباذنجان إلى مسافات شاسعة يحدها البحر من جهة والصحراء من الجهة الأخرى وتظللها أشجار النخيل وتسقيها آبار ارتوازية تجعل من التربة الرملية صالحة للزراعة، إن تجارة القطيف متقلبة الآن، وتنقل إليها وبصورة رئيسية من البحرين منتوجات الهند - سورات - ومع أنه وفي الحقيقة يقع مفتاح التجارة مع البحرين في القطيف والعجير وتنتقل من المناطق الثلاث إلى مساكن البدو في الداخل، والإحساء بصورة عامة، إن سبب تقلب ميزان التجارة نتيجة لعدم استقرار الأمور الأمنية في البلاد، وهجرة البدو للشمال، وتحول تجارة الإحساء لميناء العجير بصورة أكبر مما أثر في واردات القطيف وتجارتها.
أعداد السكان
مدينة القطيف «أربعة آلاف نسمة»
ضواحي القطيف «ألفا نسمة»
تاورت «جزيرة» «ألفان وأربعمائة نسمة»
صفوة «ألفان وأربعمائة نسمة»
عوامية «ألفان وأربعمائة نسمة»
ييم «ثمانمائة نسمة»
حبشة «الحبش» «ستمائة وخمسون نسمة»
أم لقمان؟ «ألف وستمائة نسمة»
الجارودية «ألف ومائتا نسمة»
سيهات «ألفا نسمة»
وكل المناطق المذكورة في هذا الجدول مدن مسورة. أما الجزء التالي، فهو قرى مفتوحة:
ملحة «أربعمائة نسمة»
لفوة «أربعمائة نسمة»
خويلدة «ألف وستمائة نسمة»
شعى التوب «أربعمائة وثمانون نسمة»
شعى البرى «ستمائة وخمسون ونسمة»
حالة أم عيش أو أم حيش «ألف ومائتا نسمة»
دبيبي «ألف ومائتا نسمة»
ضريبة الجهاد
وقال سادليير إن رجال المدن والقرى بالمنطقة يدفعون ضريبة جهاد تبلغ عشرين ألف جنيه ذهباً، وتستلم الحكومة ضرائب تحدد بعشر المنتوجات من الأرز والتمور والمواد الأخرى، وتبلغ مالياً خمسين – ستين ألف جنيه ذهباً. أما ضرائب الجمارك والبضائع فإنها تبلغ خمسة – ستة آلاف جنيه، وتأتي ضرائب صيد السمك واستخدام الميناء نسبياً صغيرة جداً لو قورنت بالضرائب الأخرى. وكذلك ضرائب صيد اللؤلؤ والتي تعتبر ضئيلة لو قارناها بمثيلتها في البحرين. لا يوجد أي من الهندوس أو المسيحيين في القطيف حالياً ولا يعمل أحد في المضاربة المالية، وذلك لعدم استقرار الأمور الأمنية والسياسية. ويبدو أن نشاط الأتراك في جمع المساهمات المالية أدى إلى اختفاء التجار أو إخفاء وضعهم المالي القائم قبل دخولهم للمنطقة.
وكشف سادليير أنه أخبر الحاكم أن أي تأخير لن ينال رضا إبراهيم باشا، وفي النهاية قدمت هدية رمزية ليوسف آغا مقابل خدماته ومساعدته لي في النزول على الساحل. وطلب مني يوسف آغا أخذ هدية الحاكم معه «إن وجدت هدية «، وكان ردي عليه أن الشيخ البدوي سوف ينال الهدية لأنه هو الذي أحضر وسيلة النقل وسوف يرافقني إلى مخيم عمه.
طريق المسيرة
في السادسة مساء انطلقنا من غربي قرية سيهات وبعد مسيرة ثلاثة أميال وصلنا إلى مخيم الشيخ مشرف المقام حول آبار الماء قرب مزارع النخيل، توقفنا في «العرابة»، وأقمنا مخيمنا فيها لقضاء الليل .. كان القمر في هذه الليلة يضيء الصحراء ويحولها إلى محيط فضي مترامي الأطراف، كانت المياه متوفرة لنا بكميات كبيرة من آبار «ماء – البدران» القريبة من قرية الجارودية.