قليلون هم البشر الذين يستمتعون ويسعدون ويأنسون بصحبتهم لأنفسهم، كيف لإنسان لا يستمتع بصبحة نفسه يريد من الجميع أن يستمتعوا ويأنسوا لصحبته، إن لم تأنس لصحبة نفسك، إن لم تسعد في ساعات جلوسك مع نفسك، فمن ذا الذي سيسعد ويأنس معك؟
قد تكون وحدك حقاً لكن وحدتك هذه قد تكون ليس لها أي علاقة بالوحدة، قد تكون مجرد ساعات تعاني في طياتها، وتتخيل وتتوهم وتتمنى حدوث مئات الأشياء لك، ولا علاقة لها بحياتك في عالمك الأكبر الذي هو في داخلك بل في العالم الخارجي الذي أنت تعتقد بوجوده.
أنت وحدك تفتت صخور جدران عقلك لأجزاء وذرات فلا يبقى لنفسك شيء تمسك به فتتنحى، لذا فإن كنت مستعداً لأن تقابل نفسك وتكون وحدك، لوحدك دون رجعة، دون فرار أو عودة لماضيك وتكرار، متقبلاً وحدتك كما هي، فاستعد لأن تفتح أبواب قلبك.
وحدها ساعات تقضيها دون أفكار تصول وتجول داخل رأسك هي الساعات التي عندها أنت تجلس مع نفسك في باحة الصمت بعيداً عن آراء الآخرين وأفكارهم التي ربما كونت كل أفكارك وعواطفك. لذا عندما تكون في حال صفوة خالياً من الأفكار، أنت وحدك، وحدتك مع نفسك هذه تحكي عن كل ما في قلبك، وحدتك مع نفسك هي التي تكشف جوهرك وتظهر حقيقتك.
علي العرادي
اختصاصي تنمية بشرية