موسكو - (الجزيرة نت): تمثل قصة عائلة السوري حسن عبدو التي احتجزتها السلطات الروسية في مطار شيريميتوفا شاهداً على ما يلقاه اللاجئون السوريون من معاملة سيئة في روسيا، حيث لاقى ما تعرضت له العائلة المكونة من الأب حسن والزوجة كولستان مع أطفالهما الأربعة، تفاعلاً واسعاً في وسائل الإعلام الروسية والأجنبية. وتعد قضية اللاجئين السوريين وما لها من أبعاد إنسانية من أكثر المشاكل التي تواجه العالم، في ظل اتهام عدد من الدول بالتقصير في تحمل المسؤولية تجاههم. ومن أبرز تلك الدول، روسيا التي تضطلع بدور سياسي وعسكري متقدم من الأزمة.
فقد ظلت عائلة حسن السورية محتجزة أكثر من شهر في مطار بموسكو، بتهمة عبور الحدود بصورة غير شرعية وبوثائق مزورة، دون التشكيك في صحة التأشيرة التي حصلوا عليها من السفارة الروسية في العراق.
واحتجزت الأجهزة الأمنية جميع أفراد العائلة في منطقة الترانزيت بالمطار، دون أن توفر لهم السلطات أدنى مقومات العيش، باستثناء ما قدمه لهم بعض محامي منظمة المساعدة المدنية من أغطية ووجبات غذائية، حتى كان منظرهم عندما مثلوا أمام المحكمة مثيراً للشفقة.
وفي أولى جلسات المحاكمة طالب الادعاء بالتحفظ على الأطفال في دار رعاية الأيتام واحتجاز الوالدين في السجن، إلا أن صراخ الأطفال وبكاءهم حال دون ذلك، فقد رفضت القاضية الموافقة على طلب الادعاء وقررت إطلاق سراحهم مقابل كفالة مالية بلغت نحو ألف دولار مع بقائهم رهن الإقامة الجبرية. وبإسهام من الخيرين تم نقلهم للإقامة في فندق المطار، مع بقائهم تحت الحراسة.
الباحث في أكاديمية العلوم الروسية قسطنطين سوكولوف أكد أن روسيا استقبلت ما يزيد عن 2.5 مليون لاجئ أوكراني منذ بداية الأزمة في دونباس، إضافة إلى وجود الملايين من العمال غير الشرعيين من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وبذلك تكون روسيا قد استوفت حصتها في استضافة اللاجئين.
وأضاف سوكولوف أن روسيا تدخلت في سوريا بعد أربع سنوات من الأزمة «كان يمكن خلالها إيجاد حلول، وظلت روسيا طوال تلك المدة تنادي بضرورة حل الأزمة سلمياً، مع السعي لجمع أطراف النزاع خلف طاولة المفاوضات».
في المقابل يتهم ممثلو منظمات حقوق الإنسان في روسيا السلطات بالمساواة في التعامل بين طالبي اللجوء وبين الوافدين والعمال الأجانب، وفقاً للقوانين المحلية وليس وفقاً لمواثيق الأمم المتحدة التي تعطي الحق للمدنيين في ظروف الحرب باللجوء إلى الدول الأخرى، وتلزم هذه الدول بتقنين أوضاعهم وتقديم المساعدة لهم.
وأكدت رئيسة منظمة المساعدة المدنية سفيتلانا غانوشكينا أن روسيا مطالبة من الناحية الأخلاقية بالقيام بدور أكبر في التخفيف من المآسي التي يتعرض لها السوريون، معتبرة أن ما حدث مع العائلة السورية «وصمة عار في جبين روسيا التي تضرب بعرض الحائط كافة الاتفاقيات الدولية التي تكفل حق اللجوء لكل من يتعرض للأذى، سواء من حرب أو كوارث وما شابههما».
وأضافت غانوشكينا أن روسيا مطالبة بالإسهام أكثر من غيرها في خدمة اللاجئين، أولاً لعلاقة التحالف والصداقة القديمة بينها وبين سوريا، وثانياً لأنها باتت سبباً في تفاقم هذه المشكلة بعد تدخلها المباشر في الحرب.
ولا تتجاوز أعداد من استطاع دخول الأراضي الروسية من اللاجئين السوريين منذ قمع نظام بشار الأسد للثورة السورية وتحولها إلى حرب أهلية، نحو 1500 لاجئ يعيشون في مخيمات تدعى «سوفسيكي» في ظروف أشبه بالاعتقال، وفي ظل تهديدات بالطرد والإبعاد إلى سوريا.
وتتمثل المشكلات الأساسية التي تواجه اللاجئين السوريين بروسيا، في توفير مقاعد دراسية لأبنائهم في المدارس الروسية، وفي إيجاد فرص عمل توفر لهم الحد الأدنى من سبل العيش الكريم، ولهذه الأسباب ينظر غالبية اللاجئين إلى روسيا باعتبارها دولة عبور إلى أوروبا لا وجهة نهائية.