حينما يغدو قلبك وادياً سحيقاً لا قرار له ولا نهاية، تفهم ما لم يكن بمقدورك استيعابه وتقديره منذ البداية، حينها فقط تكون هدية أعالي قمم الوعي من حقك، وحده الوادي العميق يكون فاتحاً أبوابه مشرعاً إياها لتتنزل عليه غياهب سرمدية كما هي، تتنزل عليه مباشرة فلا تعبر طريق الأفكار المنطقية والتحليلية، وحده قلب هكذا يستحق أعالي سماوات الوعي له هدية.
إنه وفي إحدى اللحظات، حينما تمسك مشاعر من وراء الأبعاد بلا ميعاد، مشاعر تتحدى فيك الكلمات، مشاعر تتعدى وتتجاوز الكلمات، فاعلم أنها ولأول مرة تطرق بابك، فتهاجر للأبد عن شواطئ الكلمات، تغدو صماتاً لا تجد ما تنطق به، ولا حتى كلمة واحدة منتقاة، سترى جميع ما تقوله فور قوله يغدو شاحباً باهتاً، ميتاً خالياً من المعنى، لا أهمية له فيتراءى لك كم أنت تخذل الاختبار وتحرمه حقه في وصفه وكأنك لا تمنحه أي اعتبار.
افتح قلبك للحياة، إن السبيل لإدراك الحقيقة يمر من القلب لا من الرأس، فإنه قادر على أن يرى خلف الكلمات ظلالاً شفافة، ظلالاً صافية رقراقة، ظلالاً لا تلمحها العين، هو قلبك الذي يبصرها في حال هيام وشاعرية.

علي العرادي
أخصائي تنمية بشرية