قال الأستاذ بكلية الآداب وأستاذ التواصل الإسلامي والإعجاز القرآني بشعبة الدراسات الإسلامية بجامعة محمد الخامس في المملكة المغربية د.محمد جودات إن القرآن الكريم سيد التداول بامتياز، حيث إن كل حرف بعشر حسنات، وإن علم القرآن أفضل من العلوم الأخرى، فالنصية لم تكن متعالية بل كانت نصية مصاحبة للحياة العامة، ولم تكن محمية في بنيتها اللغوية فقط، بل نصية محمية على مستوى تداولها ومحمية على مستوى تأويلها الممكن في مقبل الأيام وهو ما يحمي النص على مستوى تداوله عبر الأجيال.
وأشار د.محمد جودات في محاضرة نظمها مركز عبدالرحمن كانو الثقافي بعنوان «قراءة جديدة في الإعجاز البياني من أسرار بقاء القرآن الكريم» وقدمها د.عوض هاشم، إلى أنه من المعروف أن القرآن الكريم قد نزل في 23 سنة، وأصبح للترسيخ بعد ثقافي وأنثروبولوجي، بحيث لا يمكن بحال من الأحوال نسيان النص والنص الموازي له، موضحاً أن تفسير النص القرآني عند الكثير من الفقهاء كابن عباس كان يحيل النص القرآني ويفسره انطلاقاً مما تداوله العرب شعرياً، فالثقافة العربية لم تكن ثقافة جاهلة من العصر قبل الإسلام، وقد كانت ثقافة عالمة بالنص والإبداع وبقوة الكلمة، وهذا الفعل الذي وصفه ابن عباس هو فعل أنثروبولوجي في فهم الذاكرة وتوظيفها خادماً للنص المقبل.
وأضاف «هو فعل ثقافي جديد مخالف للبنية الثقافية الدينية السابقة، فالعربي بإحالته للنص الإلاهي على النص البشري وضعنا أمام فهم جديد لم يكن في الثقافات السابقة، وهو ما أسس ليصبح النص القرآني نص حياة يتم الرجوع إليه في الزواج والطلاق والبيع والصلح وغيرها الكثير، وهو المتعبد بتلاوته يربطك بالخالق».
وأوضح أن آراء المستشرقين في القضايا القرآنية كانت تعتمد على نصوص كالبخاري وغيره التي وثقت جمع القرآن الكريم وتثبيت النص القرآني واستمراره، فعندما يتحدثون عن مسألة جمع القرآن يقولون إن هذه مسألة فيها خطوات فالجمع الذي حدث في عهد أبي بكر الصديق تدخل فيه وكتب في عبارة «لم يتسنى» إلى «يتسنح» والذي غير 3 عبارات في النص القرآني، كما يرون أن اللجنة التي كانت مسؤولة عن جمع القرآن كانت مرتبكة في جمع النص - حسب كلام المستشرقين – حيث قالوا إن هذه اللجنة وقفت عند آية من الآيات ولم تجدها وهي الآية الأخيرة من سورة التوبة ووجدوها عند صحابي، وإن هذه النصوص التي جمعها الصحابة تعتبر ضمن مقياس الثقافة الحديثة العليمة الرصينة إجادة أي وجدوها عند آخرين والإجادة في العلم الحديث أقل من الصحيح.
وقال د.محمد جودات إن المستشرقين وضعونا أمام مأزق لا يستطيع الفقهاء الإجابة عليه لأسباب بسيطة لأنهم تربوا داخل ثقافات معينة تسمح لهم بالاطلاع على النصوص الموثوقة والتي لا غبار عليها، ولا يستطيعون أن يفهموا الثقافات الاستشراقية التي تربت في ثقافة مختلفة، كما أن هناك نصوصاً في الأحاديث الصحيحة عن الرسول صل الله عليه وسلم أنه لا حرج في أن يروى القرآن بالمعنى ما لم يجعل العذاب رحمة والرحمة عذاباً، والرد على المستشرقين أن القرآن كان يكتب مباشرة إبان نزوله وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وفق نصوص تراثية قديمة كان عنده 40 كاتباً منهم حوالي 24 كاتباً للوحي على خلاف الثقافات الدينية الأخرى.