مصر: بريطانيا تخطت الأعراف بتصريحاتها حول الطائرة أثناء زيارة السيسي
فرنسا تؤكد وجوب عدم استبعاد أي فرضية في تحطم الطائرة
لندن تدعو لإعادة النظر
في أمن المطارات بعد تحطم الطائرة
روسيا تدرس تزويد مصر بأنظمة دفاع جوي
عواصم - (وكالات): قال عضو في لجنة التحقيق في حادث سقوط طائرة الركاب الروسية فوق شبه جزيرة سيناء المصرية إن المحققين «متأكدون بنسبة 90 %» من أن صوت الضوضاء الذي سمع في تسجيلات مسجل صوت غرفة القيادة في الثانية الأخيرة من الرحلة كان انفجار قنبلة، بينما تواصل روسيا وبريطانيا إجلاء سياحهما من شرم الشيخ ومناطق سياحية أخرى في مصر بعد 8 أيام على حادث تحطم الطائرة. وسقطت الطائرة وهي من طراز إيرباص إيه321 بعد 23 دقيقة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي قبل 8 أيام وقتل جميع ركابها وأفراد الطاقم وعددهم 224 شخصا. وأعلنت جماعة ولاية سيناء المرتبطة بتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي والتي تقاتل قوات الأمن في محافظة شمال سيناء مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة.
وقال عضو لجنة التحقيق وهو مصري طالباً عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع «المؤشرات والتحليل حتى الآن للصوت المسجل في الصندوق الأسود يشير إلى أنه انفجار ناتج عن وجود مواد متفجرة»، وأضاف «متأكدون بنسبة 90 % أن الانفجار ناتج عن مواد متفجرة».
وتشير تصريحات عضو لجنة التحقيق إلى درجة من التأكد بشأن سبب سقوط الطائرة أعلى مما أعلنته اللجنة إلى الآن على الملأ. وكان رئيس لجنة التحقيق في الحادث المصري أيمن المقدم قال في مؤتمر صحافي أمس الأول إن الطائرة انشطرت في الجو على ما يبدو بينما كانت لا تزال بقيادة الطيار الآلي وإن صوت ضوضاء سمع في تسجيلات الطائرة في الثانية الأخيرة من رحلتها. وإذا تأكد أن المتطرفين أسقطوا الطائرة فسيكون لذلك أثر مدمر على صناعة السياحة المصرية ذات العائد المالي الكبير والتي عانت من سنوات من الاضطراب السياسي وتلقت في الأسبوع الماضي ضربة عندما أعلنت روسيا وتركيا ودول أوروبية أخرى تعليق رحلاتها إلى شرم الشيخ ومقاصد سياحية أخرى. ويمكن أن يكون ذلك أيضاً مؤشراً على استراتيجية جديدة يستخدمها «داعش» الذي يسيطر على أجزاء واسعة من سوريا والعراق. وسئل عضو لجنة التحقيق عن الأسباب وراء وجود هامش من الشك بنسبة 10% في أن الطائرة سقطت نتيجة انفجار فقال «لا يمكن أن أناقش ذلك الآن».
لكن المقدم تحدث عن احتمالات أخرى ممكنة مثل انفجار مستودع الوقود أو تفكك جسم الطائرة أو ارتفاع شديد في درجة حرارة بطاريات الليثيوم. وقال إن الحطام تناثر على مساحة قطرها 13 كيلومتراً وهو ما «يتسق مع احتمالية وجود تفكك في جسم الطائرة». في هذه الأثناء، تواصل روسيا وبريطانيا إجلاء سياحهما من شرم الشيخ ومناطق سياحية أخرى في مصر بعد 8 أيام على حادث تحطم الطائرة. وفي مواجهة رحيل السياح وتعليق الرحلات إلى مصر، تتمسك السلطات المحلية بموقفها مشددة على ضرورة انتظار نتائج التحقيق حول حادث تحطم الطائرة الذي أعلن «داعش» مسؤوليته عنه.
وفي شرم الشيخ، القبلة السياحية في شبه جزيرة سيناء والتي أقلعت منها طائرة الإيرباص إيه 321 الروسية في 31 أكتوبر الماضي وعلى متنها 224 شخصاً قبل أن تتحطم، كان آلاف السياح الروس والبريطانيين ينتظرون إعادتهم إلى بلادهم وسط أجواء من القلق.
وأرسلت موسكو 44 طائرة فارغة إلى شرم الشيخ والغردقة، المنتجعين السياحيين على البحر الأحمر لنقل السياح الروس. ويقدر عدد الروس في مصر بنحو 78 ألفاً.
إلا أن 4 طائرات فقط أقلعت من شرم الشيخ في طريقها إلى روسيا وكانت قاعة المغادرة في المطار شبه خالية. أما لندن التي علقت رحلاتها من وإلى شرم الشيخ، فباشرت إعادة مواطنيها من مصر وقامت بإجلاء 3500 بريطاني في 17 طائرة خلال 48 ساعة، من أصل 20 ألفاً موجودين في مصر. وصرح وزير الخارجية البريطاني في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية أنه «إذا اتضح أن سقوط الطائرة الروسية ناجم عن عبوة ناسفة وضعت من قبل عضو في «داعش» أو من قبل شخص متأثر بالتنظيم، فعلينا من دون أدنى شك أن نعيد النظر في مستوى الأمن الذي نريده في المطارات الواقعة ضمن المناطق التي ينشط فيها «داعش»». وأضاف «علينا أن نضمن أن أمن المطارات في جميع أنحاء العالم في مستوياته القصوى وأنه يعكس الظروف المحلية»، ما يعني أنه «حيث يكون مستوى التهديدات المحلية عالياً، فستكون مستويات الأمن المرتفعة إلزامية».
ومن المقرر أن تقلع 8 رحلات فقط إلى بريطانيا، وفق مسؤولين في مطار شرم الشيخ، في حين أن ترحيل الـ16500 بريطاني الذين لا يزالون في شرم الشيح يتطلب قرابة 100 طائرة تحمل كل منها ما بين 150 إلى 200 سائح في المتوسط. ولا يمكن للمسافرين أن يحملوا معهم في الطائرة سوى حقيبة يد على أن تنقل حقائبهم في وقت لاحق، عملاً بالتدابير الأمنية الجديدة التي أعلنتها الحكومة البريطانية بالتشاور مع السلطات المصرية وشركات الطيران. وما عزز المخاوف كشف وسائل الإعلام البريطانية أنه في أغسطس الماضي عبر صاروخ على مسافة أقل من 300 متر من طائرة تابعة لشركة «تومسون إيرويز» كانت تقل 189 سائحاً من لندن إلى شرم الشيخ قبيل هبوطها في مصر. لكن الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد وصف المعلومات بأنها «تفتقر إلى المنطق» و»غير دقيقة على الإطلاق» وأوضح على تويتر أن الحادث وقع أثناء «تدريبات بنيران أرض أرض في قاعدة عسكرية قرب مطار شرم الشيخ ولم تتضمن أي إطلاق نيران أرض جو».
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن بريطانيا تخطت الإطار والأعراف البروتوكولية، بعد إصدارها لبيان أدلى به رئيس الحكومة ديفيد كاميرون حول سبب تحطم الطائرة الروسية، تزامناً مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى لندن.
وفي فرنسا، اعتبر رئيس الوزراء مانويل فالس أنه يتوجب عدم «استبعاد أي فرضية» فيما يتعلق بتحطم الطائرة الروسية الأسبوع الماضي في سيناء، مع أن فرضية حصول اعتداء قد «أخذت بالتأكيد كثيراً على محمل الجد».
وتهدد الكارثة الجوية بتسديد ضربة قاسية جديدة إلى السياحة في مصر وتحديداً في شرم الشيخ التي تعتبر جوهرة السياحة في البلد.
ومنذ ثورة 25 يناير 2011 التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك، تراجع إقبال السياح الغربيين على المواقع السياحية المصرية في وقت تعاني البلاد من انعدام الاستقرار خاصة شمال سيناء حيث ينشط تنظيم «داعش».
ودانت الصحف المصرية إعادة الدول الغربية لرعاياها من شرم الشيخ قبل انتهاء التحقيقات بشأن سقوط الطائرة الروسية. وخرجت صحيفة «الوطن» اليومية المستقلة بعنوانها الرئيس «مصر تتحدى إرهاب الغرب» فيما خرجت صحيفة الجمهورية اليومية المملوكة للدولة بعنوان رئيس يقول «الشعب يتحدى المؤامرة».
وأطلقت الصحف المصرية حملات تدعو المصريين للسفر لشرم الشيخ لتعويض الخسائر المتوقعة جراء قرارات الدول الأجنبية إعادة رعاياها. وقررت قنوات مصرية فضائية عدة خروج برامجها الحوارية على الهواء من شرم الشيخ.
وفي تطور آخر، تدرس روسيا تزويد مصر بأنظمة دفاع جوي، حسبما نقل عن رئيس إحدى شركات الأسلحة الروسية. وتجري موسكو والقاهرة حالياً مباحثات لتزويد مصر بنظامين للدفاع الجوي، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء «آر آي أيه» الروسية عن الرئيس التنفيذي لمؤسسة روستيك الروسية الحكومية لتصنيع السلاح سيرغي تشيميزوف.