قال النائب البحريني السابق ناصر الفضالة إن قضية فلسطين وما يجري للمسجد الأقصى ولمدينة القدس بالذات ليس شأناً داخلياً كما يحاول أن يصوره البعض وإنما هي قضية إسلامية في المقام الأول يجب على المسلمين جميعهم الدفاع عنها والوقوف على أبعادها بوضوح. وبين الفضالة، في محاضرة له بعنوان «الأقصى يسلب .. ليست مجرد أحداث»، نظمها مجلس خليفة الكعبي بالبسيتين، أن ما يجري في الأراضي المحتلة من أحداث والتي فجرتها قضية الصلاة في المسجد الأقصى من قبل الفلسطينيين وما تحاول إسرائيل أن تفرضه عليهم من تقسيمات زمانية ومكانية كخطوة أولى في طريق تحويل ملكية هذه البقعة الشريفة إلى الأملاك اليهودية وبناء الهيكل المزعوم في مكان المسجد الأقصى.
صورة الأقصى
وكشف الفضالة أن الإعلام العالمي المدعوم من اليهود حاول أن يستبدل صورة المسجد الأقصى الذهنية عند العرب والمسلمين من خلال الترويج لصورة بديلة أصبحت اليوم تمثل الصورة الاعتيادية للمسجد الأقصى . فليس مسجد قبة الصخرة هو الأقصى وليست القبة السوداء هي الأقصى وإنما المسجد الأقصى هو كل السور الممتد على مئات الأمتار بمسجده وساحاته الخارجية التي يحاول اليهود الاستيلاء عليها تحت مبررات كثيرة لا يخلوا أي منها من النية المبيتة لهدم هذا المسجد وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه، مشيراً إلى أن تفجر الأحداث الأخيرة كان سببه احتفال اليهود بأحد أعيادهم «رأس السنة العبرية» وهو عيد من أعياد مجموعها يصل إلى ما يقارب 100 يوم في السنة، وقد أصدروا قوانين تتلائم مع هذا العدد من الأعياد يقضي بتقسيم المسجد الأقصى مكانياً وزمانياً بين المسلمين واليهود، وهذه خطوة من خطوات الاستيلاء على المسجد كاملاً.
تقسيم زماني
وبين الفضالة أن التقسيم الزماني يعني أنهم يقسمون ساعات النهار بحيث يسمحوا للمسلمين بالدخول وقت الصلاة ويمنعونهم من المسجد ما بين الساعة السابعة صباحاً وحتى أذان الظهر حيث يخصص هذا الوقت لليهود بحجة أنه لا صلاة للمسلمين في هذا الوقت. ومنذ أسبوع تقريباً أصدروا قانوناً يعتبر المرابطين في المسجد الأقصى وهم من أهل القدس يتواجدون فيه ليشغلوه بحلقات ذكر وعلم حتى لا يخلوا لليهود، اعتبروهم إرهابيون يجب محاكمتهم على أساس هذه التهمة.
وأوضح الفضالة أن التقسيم الزماني يعني أن يجعلوا لليهود الحق بالدخول إلى المسجد في كل أعيادهم التي تقارب المائة يوم إضافة إلى أيام السبت التي تخصص لليهود بالكامل وتمنع فيه الصلاة على المسلمين.
تقسيم مكاني
أما التقسيم المكاني فهم مبدئياً يريدون أن يجعلوا للمسلمين فقط الأماكن المسقوفة «مثل مصلى قبة الصخرة والمصلى المرواني» فيما يكون لليهود حق السيطرة على جميع الساحات الخارجية، وقد انتهوا مؤخراً من عمل مخططات لكنيسين سينفذونهما داخل سور المسجد في زاويتين خاليتين حالياً من البناء . وبالرغم من خطورة الأوضاع في القدس إلا إن إعلامنا وكل الإعلام العالمي لا يلقي الضوء ولو جزئياً على ما يحدث هناك في توطئة لما هو آت والذي يطمح اليهود أن يكون هو الشروع في هدم المسجد الأقصى بالكامل وطرد المسلمين من القدس.
خطوات تاريخية
وعرج الفضالة على الخطوات التاريخية التي اتخذها اليهود لتقسيم المسجد الأقصى منذ احتلالهم لشرق مدينة القدس في1967 وكانت جميعها مرتبطة برؤية هدمه ومن ثم إنشاء هيكلهم المزعوم والمشفوعة بفتاوي حاخامية وانتهازية سياسية لهذه النصوص الدينية . وتناوب مسئولون سياسيون ونواب ووزراء ومستشارون قانونيون وقادة أمنيون ورجال دين يهود على التصريح بأن الوقت قد حان لحسم مسألة «حق اليهود في الصلاة في جبل المعبد» ومن ذلك ما صدر عن نائب وزير الأديان «إيلي بن دهان» حيث اعتبر التطورات الأخيرة فرصة مناسبة لمطالبة الحكومة بإقرار قانون تقسيم الأقصى والعمل بالترتيبات التي أنهى مكتبه صياغتها قبل أشهر ووضعت على طاولة وزير الأديان «نفتالي بنط»- بما يقضي وجود صلوات يهودية راتبة في المسجد الأقصى، بحيث تعتمد ساعات وأيام ومساحات معينة أيضاً للصلوات اليهودية أو بصيغة أخرى العمل على إقرار رسمي والعمل بمخطط التقسيم الزماني بين اليهود والمسلمين للمسجد الأقصى. كما إن حاخام الجيش الإسرائيلي «رافي بيرتس» يدعي بأنه لا شرعية للمسلمين في المسجد الأقصى على اعتبار «حسب رأيه» أنه لا توجد في القرآن كلمة واحدة تذكر القدس بالاسم ولا حتى تلميح، والمسجد الوحيد الذي تعزى له قدسية هو أقصى مكة في الجزيرة العربية !!!
وأكد الفضالة أن عدداً من الوزراء الإسرائيليين الحاليين يسعون لتغيير واقع المسجد الأقصى من خلال التذرع بإتاحة حرية العبادة لليهود، وأنه من الأهمية بمكان أن ننظر إلى المخطط الإسرائيلي الهادف لتقسيم الأقصى تمهيداً لهدمه، كما جاء في نموذج مدينة القدس الذي قدمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون 1996، قائلاً: «إسرائيل تحلم برؤية القدس وفقاً لهذا النموذج».
الأقصى مسؤولية الجميع
ونوه الفضالة أن المسؤولية عما يجري اليوم في القدس ليست مسؤولية حكومات فقط وإنما هي مسئولية شعوب أيضاً، كيف لا وقد انصرف معظمها عن الاهتمام بهذه القضية التي لم تعد تمثل نسبة تذكر على خريطة الاهتمامات اليومية بالرغم من سهولة الوصول للمعلومة والتعرف على ما يجري عن كثب وهو أمر يصب في صالح الإجراءات الإسرائيلية التي تتسارع كلما تباطأت ردة الفعل على ما يجري وصرف الاهتمام إلى قضايا أخرى، داعياً المسلمين للاهتمام بهذه القضية المصيرية وتسليط الضوء عليها بشكل أكبر، كل من موقعه، لأننا جميعاً قادرون على نصرة القدس والمسجد الأقصى إذا ما آمنا فعلاً أن القضية هي قضية المسلمين جميعاً وليست حكراً على الفلسطينيين.