كتب – حذيفة إبراهيم

أكد وزير الصحة إن ما تم طرحه في الصحافة دعا وزارة الصحة لتوخي الحذر والشدة في إصدار بعض القرارات التي ستحوز على رضا الرأي العام، مشيرا إلى أنه سيتم محاسبة كل من يثبت إدانته بأي خطأ طبي في ضوء التحقيق.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي نظمته وزارة الصحة يوم أمس حول "تداعيات وملابسات وفاة الطفلة فاطمة" في مبنى الوزارة في الجفير وبحضور الوكيل المساعد لشؤون المستشفيات د.أمين الساعاتي، والرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية د.بهاء الدين فتيحة، والمستشار القانوني في وزارة الصحة عصام إسماعيل.
وقال وزير الصحة إن الأخطاء الطبية تحصل في جميع دول العالم، حيث يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 89 ألف خطأ طبي، بينا يعتبر الوفيات جراء الأخطاء الطبية هي السادسة عالميا في مجموعة الوفيات بسبب الأمراض.
وتابع "يجب أن نكرس وضع آخر بعد 28 اغسطس، سنعرض الكثير من الأمور للتعديل ويجب الاستفادة مما حصل وإعادة دراسة جميع البروتوكولات المعمول بها في السلمانية، وصيانة جميع الأجهزة والتأكد من عملها، بالإضافة إلى التأكد من الإشراف المباشر للاستشاري على العملية".
وأشار إلى أن "السلمانية يعتبر الملاذ الأول لكل المواطنين والمقيمين"، مبينا أن من بين سكان البحرين 1.2 مليون هناك 30% يحتاجون للخدمات الطبية.
وقال " هناك فجوات ونواقص ونحن نحاول منذ تولي السلطة في وزارة الصحة العمل على تطوير الخدمات والجهاز التمريضي والطبي، وسنة الحياة في التطوير".
وبيّن أن الرسوم البيانية لـ "بطاقة الأداء المتوازن" التي تجريها إحدى كبريات المؤسسات أكدت انخفاض الوفيات في السلمانية خلال الأعوام الماضية.
وقال وزير الصحة إن مشكلة السلمانية في التوسع بشكل كبير إلا أنه لا يعني أنه "بؤرة للأخطاء" مشيرا إلى وجود برامج لتقوم المراكز الصحية بدور كبير للصحة الأولية، حيث سيتم افتتاح أقسام في العلاج الطبيعي والأشعة والمختبرات وتخصصات الجلدية والعيون، في مركز يوسف انجنير الصحي ومركز آخر في منطقة باربار.
وشدد على ضرورة نقل البروتوكولات والقوانين من القرن الـ 20 إلى القرن الـ 21، مشيرا إلى أن التحديث في البروتوكلات مستمر منذ أكثر من 6 أشهر، إلا أن حادثة "فاطمة" أكدت ضرورة الاستعجال بالتحديث.
وحول إيقاف الطبيبتين، أشار إلى الشهابي إلى أن "هناك فترة استدلالية ولم نوقفهما إلا لنتأكد، كي لا نظلم أحد، وتوجيهات سمو رئيس الوزراء دلتنا كثيرا لأخذ الموقف بسرعة، والقرار بإيقافهم لم يأتي متأخرا كوننا لا نريد أن نظلم أحد".
واستطرد بأن رئيس القسم المختص أوقف الطبيبة الأولى عن جميع اختصاصاتها منذ اليوم الثاني للحادثة إلا أنه لم يتم الإعلان عنه.
وأشار الشهابي إلى أنه تم مخاطبة إدارة التدريب في السلمانية لإرسال موظفين من دائرة الشؤون القانون لدراسة موضوع "الأخطاء الطبية" بشكل علمي من أحد الجامعات المختصة بالأخطاء والمسؤولية الطبية".
وتابع بأنه يتم حاليا النظر في مشروع "القاضي الطبيب" الذي تم إجراؤه في المملكة العربية السعودية.
وأكد الوزير أنه يرحب باللجنة الأهلية والسلطة التشريعية التي تتابع حالة الأخطاء الطبية الموجودة.
وبيّن أن الوزارة تعاملت بوضوح مع نتائج التحقيق في وفاة الطفلة فاطمة رحمها الله، وسيتم الإعلان عن نتائج التحقيق للرأي العام متضمناً تفاصيل القضية دون التستر على أي مخطئ أو مقصر في أداء عمله، لافتاً إلى أنه من حق الرأي العام أن يعرف نتائج التحقيق وما توصلت إليه اللجان في الوزارة وخارجها.
وجدد الوزير التعازي وصادق المواساة إلى أسرة الفقيدة (فاطمة)، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد روحها الطاهرة بواسع رحمته ومغفرته وأن يلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.
وأكد وزير الصحة اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية الصارمة بحق كل من تثبت إدانته في نتائج لجان التحقيق في وفاة الطفلة فاطمة، مشيراً إلى أن التحقيق سار في مراحله الطبيعية من خلال جمع المعلومات والاستدلالات من ملف المتوفية ومن الطاقم الصحي المعني بمجمع السلمانية الطبي.
وطالب الشهابي من مختلف وسائل الإعلام عدم التسرع ونشر الأخبار وإطلاق الاستنتاجات حول القضية، وذلك حرصاً على عدم التأثير على سير التحقيق ونتائجه، خصوصاً وأن عائلة المتوفية تقدمت ببلاغ إلى النيابة العامة للتحقيق في الموضوع من جانبها، وأصبحت القضية لدى النيابة وأمام القضاء، لذا سيكون القضاء هو الفيصل العادل ولن يستثنى أحد من المساءلة العادلة.
وتابع "نرجو من وسائل الإعلام المختلفة تحري الدقة والمصداقية في نقل الأخبار والمعلومات، وألا يكون هدفها إثارة الرأي العام، فمن خلال رصدنا لما يتداول عبر قنوات التواصل الاجتماعي والصحافة المحلية، سجلنا بعض المغالطات البعيدة عن الحقائق، فتم تداول أنباء عن وفيات حدثت في مستشفيات غير تابعة لوزارة الصحة وتم نسبها إلى مجمع السلمانية الطبي، وهذا ظلم لنا وللطواقم الطبية".
وشدد وزير الصحة على أن الوزارة تسعى نحو الإصلاح والتطوير، وترحب دائماً بمن ينبهها إلى الأخطاء والنواقص، وكلها حرص على اتباع اللوائح والأنظمة الموضوعة والمتعارف عليها عالمياً ومحلياً، فلا يُرضي أحد التصرف بعشوائية ويسقط أبرياء في الظلم، فلم يكن هناك تباطؤ في التعامل مع بعض الحالات ولكن كان هناك تريث وإعطاء الوقت لجمع الاستدلالات والوقوف على أسباب الحوادث والمشاركين فيها، ثم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.
وأضاف الشهابي: "لا يفوتني هنا أن أثمن التوجيهات السامية من لدن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، وحرصه الشديد واهتمامه بقضايا المجتمع، وخصوصاً فيما يتعلق بالخدمات الصحية التي تقدمها وزارة الصحة للمواطنين والمقيمين على أرض مملكة البحرين الغالية واهتمام سموه الدائم ومتابعته المستمرة للقطاع الصحي".
وأشار وزير الصحة إلى أن جميع منتسبي الوزارة يعربون عن حزنهم العميق لما حدث ويؤكدون أنهم حريصون أشد الحرص على مرضاهم. وأكد أنه لا توجد أي مؤسسة صحية تتعمد القيام بأخطاء طبية، ولكن ذلك لا يعني عدم محاسبة المخطئين والمقصرين في أداء عملهم في حال ثبوت ذلك، لذا فوزارة الصحة تؤكد أنها لن تتوانى عن محاسبة كل من تثبت إدانته في هذه القضية من خلال نتائج التحقيق بحسب اللوائح والنظم المعمول بها في هذا الشأن.
توصيات عاجلة
من جانبه قال بهاء فتيحة إن توصيات عاجلة صدرت لمستشفى السلمانية الطبي تتعلق بضرورة التشديد على إجراءات الرقابة الذاتية، وضرورة التركيز على التدريب من قبل الاستشاريين إلى الأطباء المتدربين.
وشدد على ضرورة التأكد من أن يأخذ المتدرب حقه ولا يتجاوز الخط الأحمر الذي يقضي بأن يقوم المتدرب بعمل غير مؤهل له وفي عدم وجود المدرب.
واكد فتيحة إنه تم اختيار المشاركين في لجنة التحقيق في يوم تقديم الشكوى من قبل الأهل حيث تم اختيارهم على أساس عدم تضارب المصالح بينهم وبين الجهة المعالجة.
وقال إن لا يجب أن يضيع حق المريض أو مستقبل الطبيب، مشيرا إلى ضرورة عدم ارتكاب خطأ فني أثناء التحقيق يؤدي لاحقا إلى إلغاء الدعوى الجنائية في حال ثبوت الخطأ.
وبيّن أنه وفي حال إصلاح الأمور الإدارية سيتم تقليل المخاطر في السلمانية.
وقال بهاء فتيحة إن الجهات المعنية في المستشفى العسكري ومستشفى الملك حمد الجامعي هي الأسرع في إرسال الملف الطبي كاملا دون أي عقبات، مشيرا "وعلى العكس نواجه صعوبات بالغة من بعض المستشفيات الأخرى في الحصول على الملفات".
وطالب المؤسسات الصحية الالتزام بتعميم المجلس الأعلى للصحة الذي يقضي بإبلاغ الهيئة حول جود احتمال خطأ طبي أو شكوى تتعلق به، بالإضافة إلى أن تكف المؤسسة الصحية اليد عنها.
وقال فتيحة إنه وفي حالة إقرار اللجنة بوجود خطأ طبي، يتخذ خطوات قانونية بعدها، حيث لابد من مسائلة الطبيب لإثبات براءته من عدمها.
وبين أن الأخطاء الطبية الجسيمة حددتها القوانين والأعراف الدولية وتشمل الوفاة والمضاعفات الخطيرة لنقل الدم حتى وإن كانت بدون حدوث وفاة، بالإضافة إلى العاهات المستديمة وعمل عملية لجزء آخر غير المطلوب، ووفاة الحامل سواء أثناء الحمل أو الولادة أو النفاس، فضلا عن وفيات الأطفال غير المتوقعة.
وأكد أنه لا يمكن محاكمة أي شخص على الملأ أو عن طريق وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي رده على سؤال وجود خطين للنظر في قضية فاطمة، أشار فتيحة إلى أن المحكمة تطلب من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الطبية كونها جهة الاختصاص تقرير عن ما حدث، إلا أن الحكم النهائي يكون للمحكمة، مشددا على أن تقديم شكوى لدى النيابة العامة هو حق دستوري لكل مواطن.
وقال فتيحة إن الخطأ البشري ممكن الخدوث إلا أن خطأ المنظومة الصحية هو المشكلة الكبيرة، مشيرا إلى أنه وفي حال وجود شك يتعلق بالمنظومة الصحية يجب التدخل على الفور لمنع تكرار تلك الحادثة.
وبيّن أن اجتماع لجنة التراخيص في صورة مجلس تأديب سيجري خلال الاسبوع القادم، أما اعتماد القرار الخاص بالخطأ الطبي سيكون من خلال دعوة مجلس الإدارة إلى اجتماع استثنائي، مشيرا إلى أن ذلك سيجري في فترة لا تتجاوز الأسبوعين إلى 3 أسابيع.
واستطرد بأن القواعد التنظيمية لبعض المراكز الأوربية المتقدمة تشير إلى أن فترة الإجابة على الخطأ الطبي خلال 180 يوما، إلا أن نظام الهيئة يقضي بأن يتم الإجابة في فترة تتجاوز الشهرين مالم يكون هناك دعوة قضائية، حيث تتم بعد مضي المدة إجراءات الجهاز القضائي.

24 الف عملية
إلى ذلك قال الوكيل المساعد للمستشفيات د. أمين الساعاتي إن السلمانية بها بروتوكولات طبية وليس كما يشاع، حيث حصلت على الاعتماد الكندي الذي يقضي بضرورة إتباع بروتوكولات محددة ومناسبة.
وأشار إلى أنه يتم سنويا إجراء 24 الف عملية اختيارية، فضلا عن العمليات الطارئة، مشيرا إلى أن الطبيب المسؤول عن التخدير يكشف على المريض قبل إجراء العملية، إلا في الحالات السريعة والتي تؤدي إلى فقدان الحياة في حالة عدم التدخل.

سحب الترخيص الطبي
من جانبه أكد المستشار القانوني للوزارة إن الأخطاء الطبية تحتوي على مسائلتين، إحداهما جنائية وأخر تأديبية، حيث تقوم التأديبية بإجراءات كثيرة منها الإنذار أو الإيقاف عن العمل لمدة عام أو سحب الترخيص الخاص بالطبيب.
وقال إن اللجنة الطبية داخل المستشفى أجرت 3 اجتماعات خلال الأسبوع الماضي ووضعت توصيات بخصوص الحادثة تم رفعها إلى وزير الصحة.
وبين أنه سيتم رفع المقترح إلى مجلس الوزراء لإفراد المسؤولية الطبية بقانون خاص، مشيرا إلى أن مؤتمرا أقيم مؤخرا في الإمارات العربية المتحدة توصل إلى ضرورة إفراد قانون خاص ومستقل بالأخطاء الطبية.
وقال المستشار القانوني إنه قسم التخدير أجرى اجتماعا قبل العملية للبحث في 5 عمليات من ضمنها "عملية الطفلة فاطمة"، حيث حددوا المسؤوليات التي تقع على عاتق كل طبيب، فضلا عن اجتماع آخر بعد حدوث الواقعة أدرى إلى اتخاذ قرار بخصوص إيقاف مسؤوليات الطبيبة.