كتبت - عايدة البلوشي:
سلوك «التأخر» يعيش بيننا ويستوطن عقولنا ويستقر بقلوبنا، فيداهمنا الوقت ونحن نتأخر عن أمور كثيرة، فاحترام الوقت والالتزام به، لم يعد فقط مشكلة موجودة لدى عامة الناس، حينما لا يحترم رجل موعده مع صديقه، فيأتي له متأخراً عن وقت الموعد بساعة، أو حينما يتأخر الرجل على أهله بساعات، والطلاب يحبون التأخر عن المدرسة ويعشقون فنون التأخير ومبرراته ولديهم حكمة لا تؤخر عمل اليوم للغد بل أخره للأسبوع القادم، وأيضاً الموظفون «فحدث ولا حرج» والعذر كما يقال «أقبح من الذنب» وهو يتلخص في زحمة الشوارع.
من لا يلتزم بالوقت لا يحترم الآخرين
وأكدت رشا أحمد أن كثيراً من الأشخاص لا يحترمون المواعيد ويخلفونها دون أن يشعروا بالخجل من عدم احترام الوعود مع الطرف الآخر، فحينما يحدد شخص وقتاً للزيارة فإن موعد الحضور يكون بعد الوقت المحدد بساعة أو أكثر، وكأن الشخص الذي حدد الموعد معه غير مهم، وهذا أن دل على شيء فيدل على عدم احترام الآخرين، لأنه من لا يلتزم بالوقت المحدد لا يحترم الآخرين.
وتضيف: وعلى الصعيد الشخصي، لا أحب أتأخر عن المواعيد، بل أفضل انتظار الآخرين وعدم انتظارهم لي تقديراً واحتراماً لهم، ولكن في المقابل أحصل أحياناً كثيرة أن أقابل ناساً قد يتأخرون عن الموعد ساعة وأكثر وهو ما يزعجني كثيراً.
ويخالفها الرأي عدنان محمد ويقول: التأخير وارد في حياتنا سواء للعمل أو الجامعة أو حتى المناسبات الاجتماعية نتيجة عدة أسباب وتأتي في مقدمتها زحمة الشارع، فنحن لا نملك الشارع ولا نستوطن عليه، فقد يكون الشارع في يوم الموعد مزدحماً بالتالي قد يحصل التأخير، فهذا لا يعني بأننا لا نحترم الآخرين خاصة وأن نبدأ الحديث معهم بالاعتذار عن هذا التأخير ونقدم لهم العذر احتراماً لهم، فشتان بين الاحترام والتأخير.
ويعترف أحمد إسماعيل، بأنه كثير التأخير عن المواعيد بشكل عام، ويضيف: للأسف أنا من الناس الذين يقال لهم «مواعيد عرب»، حيث عرف عني بين الأهل والأصدقاء بأني كثير التأخير عن المواعيد، حتى وصل الأمر بهم بأنهم يحددون المواعيد ويقولون لي مواعيد آخر «قبله بساعة» لأنه على يقين بأنني سأتاخر فمثلاً دعانا في الأسبوع الماضي أحد الأصدقاء لتناول العشاء بمناسبة حصوله على وظيفة جديدة، واتفق الشباب بأن يكون الموعد في الساعة التاسعة مساء ولكنهم أخبروني وحددوا لي الموعد على أنهم في الساعة الثامنة مساء، مع ذلك تأخرت عليهم ثلث ساعة فوصلت الساعة التاسعة والثلث.
العقاب لمن يخالف مواعيده
وتقول مريم حسن: مع الأسف عرف عن العرب عدم التزامهم بالمواعيد، وللأسف أيضاً بأن هذه حقيقة في مجتمعاتنا العربية، فالعربي أو الخليجي لا يحترم المواعيد والوقت، دائماً تجده متأخراً عن الموعد وحاملاً معه عذره بعكس الغربي الذي يحترم المواعيد ويأتي في الوقت المحدد.
وتدعو إلى ضرورة أن يكون هناك نوع من العقاب لمن يخلف مواعيده ولا يحترمها، فعلى سبيل المثال اللقاءات الرسمية لابد أن تبدأ في موعدها المحدد دون انتظار أحد وكذلك في المناسبات الاجتماعية حينما يتم تحديد موعد للعشاء، فإن العشاء لابد أن يبدأ في الموعد المحدد.
التأخير نوعان
ومن جانبها نورة علي تقول: التأخير نوعان، الأول التأخير المتعمد وأعذاره دائماً «المنبه ما رن.. الشارع زحمة.. إلخ»، أما النوع الثاني ويمثل بأن يكون هناك سبب حقيقي وفعلي خارج عن إرادة الشخص فبتأخر وهنا نعذره بطبيعة الحال.
تردف: صادفتني في الحياة الجامعية تأخير الدكاترة كثيراً، وفي محيط الأسرة والحياة الاجتماعية معروف عن أهلي وأصدقائي التأخير وإن تحدثت معهم يقولون «أوه.. انتِ كله مستعجلة.. الدنيا ما بطير..»، أما الآن وفي الحياة العملية أواجه أحياناً كثيرة تأخير البعض عن الاجتماعات الرسمية والعذر «أنا آسف يا جماعة .. تأخرت شوي» ولكن ما بوسعك أن تفعل وكل ما تقوله «حصل خير .. عادي ..» رغم أن هذا التأخير سبب في إرباك اليوم بالكامل، حيث إنني قد أكون رتبت مواعيد أخرى بناء على هذا الموعد فتأخيره يسبب تأخير المواعيد الأخرى.
الجيل الجديد والتأخير
أما الحاج عبدالله رمضان يقول: بصراحة لم نعرف التأخير من قبل، فمواعيدنا ثابتة ولم نتأخر عن أحد الا في حالات نادرة ولظروف طارئة وخارجة عن الإرادة، أما جيل اليوم عرف عنه التأخير في كل شيء من ناحية المواعيد ويأخذ الأمر ببساطة ويقول «عادي»، فولدي على سبيل المثال أستغرب منه كثيراً لديه موعد في الساعة الثامنة، لم يخرج من البيت قبل 7:45 فكيف يصل إلى الموعد والمسافة بين البيت ومكان الموعد يستغرق نصف ساعة، لذا أخشى عليه لأنه يكون في عجالة من أمره والشوارع زحمة، ودائماً أقول له اذهب قبل الموعد ولا تتأخر وتعيش في صراع مع زحمة الشوارع، ولكن لا جدوى من هذا الشباب «جيل السرعة».