عواصم - (وكالات): أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «تشديد سياسته الأمنية من تكثيف الغارات في سوريا بدعم من واشنطن وموسكو وتمديد حال الطوارئ في فرنسا وتعزيز قوات الأمن»، إثر الاعتداءات التي أدمت باريس وأسفرت عن مقتل 129 شخصاً وإصابة 352، مطالباً «بتعديل دستوري يتضمّن حقّ سحب الجنسية ولو كان المعني مولوداً فرنسياً وله جنسية أخرى»، لافتاً إلى أن اعتداءات باريس «تقررت وخطط لها في سوريا» و»دبرت ونظمت في بلجيكا» و»نفذت على أرضنا بمساعدة شركاء فرنسيين»، وذلك بعدما تم التعرف على 5 انتحاريين من أصل 8 نفذوا الهجمات. وأعلن هولاند في كلمة أمام البرلمان المجتمع استثنائيا بمجلسيه في قصر فرساي غرب باريس أنه سيلتقي في الأيام المقبلة الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين من أجل «توحيد قوانا» وتشكيل «ائتلاف كبير وموحد» ضد تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي الذي أعلن مسؤوليته عن الاعتداءات.
وأكد أن الرئيس السوري بشار الأسد «لا يمكن أن يشكل الحل لكن عدونا في سوريا هو «داعش»»، مشيراً إلى أن فرنسا «ستكثف عملياتها في سوريا» بعد الغارات المركزة التي شنتها مقاتلات فرنسية في الرقة معقل تنظيم الدولة شمال سوريا في رد أول على المتطرفين الذين تبنوا هجمات باريس. وقال بهذا الصدد إن «حاملة الطائرات شارل ديغول ستبحر الخميس المقبل متوجهة إلى شرق البحر المتوسط ما سيزيد قدراتنا على التحرك بثلاثة أضعاف» مؤكداً «لن يكون هناك أي مهادنة». كما أعلن هولاند أنه سيطلب من مجلس الأمن الدولي الانعقاد لتبني قرار يؤكد «الإرادة المشتركة لمحاربة الإرهاب». وإزاء الصدمة التي أصابت فرنسا بعد 10 أشهر على الاعتداءات التي استهدفت صحيفة شارلي ايبدو الساخرة وشرطية ومتجراً يهودياً، قال هولاند إن «مشروع قانون سيرفع اعتباراً من غد» إلى البرلمان من أجل «تمديد حال الطوارئ 3 أشهر» داعياً البرلمانيين إلى «إقراره بحلول نهاية الأسبوع». وأعلن عن إنشاء 8500 وظيفة جديدة لتعزيز قوات الأمن والقضاء. وأوضح أن هناك 19 جنسية بين ضحايا الاعتداءات داعياً المواطنين الفرنسيين إلى «الصمود والوحدة».
ونفذت طائرات فرنسية سلسلة من الغارات الجوية على مدينة الرقة شمال سوريا شملت مستودع أسلحة ومركز تدريب لـ «داعش»، في رد على إعلان «داعش» مسؤوليته عن اعتداءات باريس الأخيرة. وعلى الرغم من صعوبة تحديد مواقع التنظيم الاستراتيجية في معاقله بسبب الإجراءات المشددة والنقص في المعلومات الاستخباراتية بحسب محللين، لكن ذلك لا يمنع الائتلاف الدولي من الاستمرار في استهداف البنى التحتية وآخرها أمس قصف الأمريكيين لـ116 شاحنة نفط في مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور شرق سوريا الحدودية مع العراق.
ويحقق التنظيم، بحسب تحقيق نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» الشهر الماضي، أرباحاً كبرى جراء مبيعات النفط تصل قيمتها إلى 1.5 مليون دولار يومياً بمعدل 45 دولاراً للبرميل الواحد.
وشنت فرنسا التي تخوض «حرباً «وفقاً لحكومتها عملية واسعة للشرطة في الأوساط المتطرفة.
والتزمت فرنسا دقيقة صمت حداداً وأيضاً أوروبا، على أرواح 129 شخصاً قتلوا وأكثر من 350 أصيبوا في الاعتداءات التي استهدفت ملعباً، ومسرحاً ومقاه في باريس.
وقد تعرف المحققون على 5 من الانتحاريين السبعة الذين ارتكبوا الاعتداءات التي أعلن التنظيم المتطرف مسؤوليته عنها وهم 4 فرنسيين، أقام اثنان منهما في سوريا. والأخير تم تسجيله في اليونان الشهر الماضي بجواز سفر سوري.
وقوات الأمن التي تتابع علاقات المهاجمين في بلجيكا تبحث عن «شخص خطير» اسمه صلاح عبد السلام، وهو فرنسي يشتبه بضلوعه في اعتداءات الجمعة في باريس مع أشقائه. وحذر رئيس الوزراء مانويل فالس من أن «الحرب ستكون طويلة وصعبة»، وكذلك من هجمات جديدة «في الأيام أو الأسابيع المقبلة».
وبعد الذهول الذي سيطر على البلاد في نهاية الأسبوع إزاء هول الاعتداءات يحاول الفرنسيون استعادة مجرى حياتهم التي باتت تخضع لتدابير أمنية مشددة. وفي المنطقة الباريسية عاودت المدارس فتح أبوابها بعدما أغلقت، قبل أن تفتح المتاحف والمسارح وغيرها من المؤسسات الثقافية من جديد. ورغم حال الطوارئ الذي أعلن مساء الجمعة الماضي أكد وزير الداخلية برنار كازنوف أنه «يجب أن نواصل حياتنا». وبعد التعرف على عمر إسماعيل مصطفاوي المولود في كوركورون في مقاطعة ايسون جنوب باريس وكان يصلي في مسجد بضاحية شارتر على أنه أحد منفذي الهجوم على مسرح باتاكلان، حدد القضاء الفرنسي هوية اثنين آخرين من الانتحاريين وهما فرنسيان مقيمان في بلجيكا. وأحدهما بلال حدفي من الانتحاريين الثلاثة الذين فجروا أنفسهم في ملعب ستاد دو فرانس. أما الثاني إبراهيم عبد السلام ففجر نفسه على جادة فولتير دون أن يوقع ضحايا. وأفادت مصادر قضائية في بروكسل بأن السلطات أفرجت عن 5 مشتبه بهم من أصل 7 أوقفوا في إطار التحقيق حول اعتداءات باريس بينهم محمد عبد السلام شقيق أحد الانتحاريين. وتبحث أجهزة مكافحة الإرهاب عن شقيقه الثاني صلاح الذي لا يعرف ما إذا كان أحد الانتحاريين أو أنه لايزال فاراً، بحسب مصادر مطلعة على التحقيقات. وأصدر القضاء البلجيكي مذكرة توقيف دولية بحق هذا «الشخص الخطير» بعدما كشف التحقيق أنه استأجر سيارة بولو سوداء مسجلة في بلجيكا عثر عليها مركونة أمام مسرح باتاكلان حيث أوقع الهجوم 89 قتيلاً. أما إبراهيم عبد السلام فاستأجر سيارة سيات سوداء مسجلة أيضاً في بلجيكا وعير عليها في مونتروي في ضاحية باريس القريبة وفيها 3 بنادق كلاشنيكوف و11 مخزناً فارغاً و5 مخازن ملقمة. وباتت صلات الانتحاريين ببلجيكا واضحة.
وأعلنت النيابة العامة الفيدرالية في بلجيكا أن القضاء وجه الاتهام لاثنين من المشتبه بهم ضمن إطار التحقيق في «الاعتداءات الإرهابية» في باريس.
في المقابل، حذر»داعش» في فيديو جديد الدول التي تشارك في شن ضربات جوية في سوريا من أنها ستلقى نفس مصير فرنسا وتوعد بشن هجوم في واشنطن.