عواصم - (وكالات): أنهت عناصر من قوات نخبة الشرطة الفرنسية عملية واسعة النطاق في سان دوني شمال باريس مستهدفين شقة يعتقد أن المتطرف البلجيكي عبد الحميد أباعود الذي يشتبه بأنه مدبر اعتداءات باريس متحصن فيها، وأسفرت العملية الأمنية، عن مقتل شخصين هما امرأة فجرت نفسها ومشتبه به لم يتم تحديد هويته بعد، إضافة إلى اعتقال 7 أشخاص. وفي وقت لاحق، قال مدعي عام باريس فرانسوا مولان إن المحققين الفرنسيين لا يستطيعون في هذه المرحلة تحديد هويات القتلى في مداهمات الشرطة وإن المشتبه بأنه العقل المدبر لهجمات باريس عبد الحميد أباعود لم يعتقل في العملية، بينما أعلنت صحيفة «واشنطن بوست» الامريكية نقلاً عن مسؤولي مخابرات، مقتل أباعود.في غضون ذلك، أبحرت حاملة الطائرات شارل ديغول وعلى متنها 26 طائرة مطاردة من طولون جنوب شرق فرنسا متوجهة إلى شرق المتوسط للمشاركة في العمليات ضد تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي. وأوضح مصدر في الشرطة أن شخصين متحصنين في شقة بضاحية سان دوني قتلا، هما امرأة فجرت نفسها ومشتبه به لم يتم تحديد هويته بعد.كما أسفرت العملية التي استمرت قرابة 8 ساعات عن اعتقال 7 أشخاص 3 منهم أخرجتهم الشرطة من الشقة واثنان كانا في شقق مجاورة واثنان آخران في الجوار.وبدأت عملية مكافحة الإرهاب وسط الضاحية الشعبية الواقعة عند الأطراف الشمالية للعاصمة على أقل من كيلومتر من ملعب ستاد دو فرانس الذي استهدفته إحدى الهجمات الدامية التي أوقعت في 13 نوفمبر الحالي 129 قتيلاً وأكثر من 352 جريحاً وتبناها «داعش» من سوريا.وأكدت النيابة العامة في باريس مقتل انتحارية «فجرت سترتها الناسفة عند بدء الهجوم» مشيرة إلى توقيف 5 أشخاص. وأصيب 5 شرطيين في العملية التي استهدفت أباعود الذي يشتبه بأنه مدبر أعنف اعتداءات في تاريخ فرنسا. وكان البلجيكي المتحدر من المغرب والبالغ من العمر 28 عاماً غادر إلى سوريا عام 2013 للانضمام إلى تنظيم الدولة الذي أصبح من أبرز وجوه دعايته تحت اسم «أبو عمر البلجيكي».ولم يعرف إذا ما كان أباعود بين الذين قتلوا أو اعتقلوا.واحد المعتقلين هو مالك أو مستأجر الشقة التي استهدفتها قوات النخبة. وقال قبل لحظات من اعتقاله «طلب مني أحد الأصدقاء إيواء اثنين من رفاقه لبضعة أيام وقال لي إنهم قادمون من بلجيكا» مضيفاً «طلب مني أن أسدي له خدمة ففعلت، لم أكن على علم بأنهم إرهابيون».واستمرت الانفجارات ورشقات الأسلحة الرشاشة بشكل متقطع لأكثر من 3 ساعات وسط سان دوني التاريخي المخصص للمشاة قرب بازيليك ملوك فرنسا وانتشر الجيش في المدينة التي تضم نسبة عالية من المتحدرين من أصول مهاجرين.وشارك عشرات من رجال الشرطة في العملية وهم ملثمون ويرتدون خوذاتهم والسترات المضادة للرصاص ومدججون بالسلاح، بعدما تم إجلاء السكان وبينهم نساء يحملن أطفالهن الخائفين.وتوصل الشرطيون خلال 5 أيام من التحقيقات إلى اقتفاء أثر المتطرفين السبعة ووضع سيناريو للهجمات التي وصفها الرئيس فرنسوا هولاند بأنها «أعمال حربية خطط لها في سوريا ودبرت في بلجيكا ونفذت في فرنسا بمساعدة شركاء فرنسيين». وقامت 3 فرق تضم 9 عناصر بتنفيذ الاعتداءات بشكل منسق وتوزعت بين 3 عناصر قرب ملعب إستاد دو فرانس و3 آخرين في مسرح باتاكلان و3 أيضاً هاجموا أرصفة مقاه ومطاعم. وتم التعرف إلى 4 من الانتحاريين وهم فرنسيون بينهم 3 قاتلوا في صفوف المتطرفين في سوريا.ومازال يتعين التعرف على أحد متطرفي الهجوم على ملعب إستاد دو فرانس وقد دخل أوروبا عبر اليونان في الخريف وقد عثر قرب جثته على جواز سفر سوري لم تتأكد صحته، يحمل اسم جندي في القوات السورية قتل قبل بضعة أشهر.ولايزال أحد المهاجمين صلاح عبدالسلام «26 عاماً» فاراً ويجري البحث عنه بصورة حثيثة خاصة في بلجيكا وهو شقيق أحد الانتحاريين إبراهيم عبد السلام. وأوضح التحقيق أنه أوقف في فبراير الماضي في هولندا لحيازته الحشيش. وقال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف إن الشرطة الفرنسية اعتقلت 29 شخصاً في عمليات تفتيش في إطار تحقيقات موسعة في أنشطة لمن يشتبه في كونهم متطرفين. وأضاف أنه تم احتجاز 25 من هؤلاء وضبط نحو 34 سلاحاً خلال عمليات التفتيش. وقال كازنوف في بيان إن الشرطة نفذت 414 مداهمة إجمالاً في أعقاب الهجمات واحتجزت 60 شخصاً ووضعت 118 رهن الإقامة الجبرية كما ضبطت 75 سلاحاً.وقال مصدر مغربي إن مسؤولي الأمن في المغرب زودوا فرنسا بمعلومات ساعدت قوات الأمن على القيام بمداهمات في ضاحية سان دوني في باريس. وأضاف المصدر «تبادلنا المعلومات. قدم المغرب معلومات فيما يتعلق بالأحداث التي تكشفت صباح اليوم» في إشارة إلى مداهمة سان دوني. وقال مصدر بالشرطة الفرنسية إن 4 ممثلين لأجهزة الأمن المغربية كانوا في باريس لمقابلة قادة الشرطة القضائية.وجرى توقيف شخصين يشتبه بأنهما شريكان في الاعتداءات في حي مولنبيك في بروكسل الذي يعتبر مركزاً للمتطرفين في أوروبا. ويعتقد أنهما أخرجا صلاح عبد السلام إلى بلجيكا بعد اعتداءات باريس.ونفت بلجيكا وجود تقصير من جانبها بعد تحميلها مسؤولية السماح لخلية متطرفة بالتخطيط من بروكسل لشن هجمات في العاصمة الفرنسية باريس، لكنها أقرت بوجود مشاكل ظرفية لجهة النقص في المحققين الناطقين باللغة العربية والتشتت في مركزية القرار.على الصعيد الدولي تعتزم فرنسا بناء ائتلاف موحد مع الولايات المتحدة وروسيا من أجل «تدمير» تنظيم «داعش» الذي يسيطر على مساحات شاسعة من العراق وسوريا.ويلتقي هولاند الرئيسين الأمريكي باراك أوباما في واشنطن في 24 نوفمبر والروسي فلاديمير بوتين في موسكو في 26 من الشهر وقد أمر بوتين بحريته بـ «التعاون» مع فرنسا في عملياتها في سوريا.وقتل 33 عنصراً من تنظيم الدولة في غارات فرنسية وروسية استهدفت مدينة الرقة ومحيطها خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.وأعلنت روسيا أن طائراتها ستهاجم أية صهاريج تنقل النفط في المناطق التي يسيطر عليها «داعش» في سوريا، وسط تصعيد موسكو لضغوطها على التنظيم المتطرف.وأرسلت روسيا لليوم الثاني على التوالي قاذفات طويلة المدى لمهاجمة أهداف التنظيم في الرقة ودير الزور.كما أطلقت قاذفات استراتيجية محلقة فوق الأراضي الروسية صواريخ عابرة على محافظتي إدلب وحلب.كما قصفت طائرات من قاعدة روسية في سوريا نحو 150 هدفاً في البلد المضطرب.وبعدما اعتقدت لفترة طويلة بأولوية الرحيل الفوري وغير المشروط للرئيس السوري بشار الأسد، الذي تعتبره المسؤول الأساسي عن الفوضى في سوريا، تعتبر فرنسا الآن أن عدوها الرئيس هو تنظيم الدولة، بحسب هولاند.وفي إشارة إلى الأمريكيين الذين يواصلون المطالبة بأولوية تنحي الرئيس السوري، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن فرض رحيل الأسد كشرط مسبق لتوحيد الجهود ضد المتطرفين «غير مقبول».
970x90
970x90