عواصم - (وكالات): بعد 6 أيام على مجزرة باريس أعلنت فرنسا مقتل المتطرف البلجيكي عبد الحميد أباعود الذي يشتبه بأنه مدبر أعنف اعتداءات في تاريخ البلاد وكان ضالعاً في 4 اعتداءات أحبطت في فرنسا منذ الربيع الماضي، داعية إلى تشديد فحص الجوازات في منطقة «شنغن» قبل أن تحذر من هجمات كيميائية وتمدد حالة الطوارئ.
وأعربت الحكومة الفرنسية عن ارتياحها لتصفية أباعود الوجه البارز في تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي في عملية ضخمة نفذتها الشرطة الفرنسية غير أن وجوده في قلب أوروبا من غير أن يتم رصده يكشف عن ثغرات في عمل أجهزة الاستخبارات في القارة.
وقام 110 عناصر من قوات النخبة في الشرطة الفرنسية أمس الأول بالهجوم على شقة في ضاحية سان دوني شمال باريس إثر شهادة أفادت عن وجود عبد الحميد أباعود في فرنسا في حين كان يعتقد أنه في سوريا.
وأكد مدعي عام باريس فرنسوا مولانس المكلف بالتحقيق في بيان «التعرف رسمياً» على جثته التي تحمل «آثار رصاص كثيف» بفضل البصمات.
ويعتبر المتطرف البالغ من العمر 28 عاماً والمعروف بكنية أبو عمر البلجيكي مدبر أو ملهم الاعتداءات التي أوقعت 129 قتيلاً وأكثر من 350 جريحاً مساء الجمعة الماضي في باريس وضاحيتها وتبناها تنظيم الدولة.
ولم تكن هذه أول مرة يتحرك فيها إذ أعلن وزير الداخلية برنار كازنوف أن «أباعود كان ضالعاً في أربعة» من أصل 6 اعتداءات تم اإباطها في فرنسا منذ الربيع، وقد تأكد ضلوعه بصورة خاصة في مخطط للاعتداء على كنيسة في منطقة فيلجويف بجنوب باريس في أبريل الماضي كما أنه قد يكون ضالعا في الهجوم الفاشل على قطار تاليس في أغسطس الماضي.
من جهته قال وزير الداخلية الإسبانية خورخي فرنانديز دياث إن أباعود حاول عبر شبكات التواصل تجنيد أشخاص في إسبانيا وخصوصاً نساء للانضمام إلى تنظيم الدولة مشيراً إلى أن «»داعش» يتخصص مؤخراً في تجنيد النساء».
ويطرح حالياً السؤال لمعرفة كيف تمكن هذا الجهادي الصادرة بحقه مذكرة توقيف أوروبية ودولية من العودة إلى أوروبا والتنقل فيها والدخول خصوصاً إلى فرنسا.
وقال كازنوف بهذا الصدد «لم نتلق أي معلومات من دول أوروبية قد يكون انتقل عبرها قبل الوصول إلى فرنسا، توحي بأنه تنقل في أوروبا ووصل إلى فرنسا» وعشية اجتماع طارئ لوزراء الداخلية الأوروبيين في بروكسل دعا أوروبا إلى «تدارك الأمر وتنظيم صفوفها والدفاع عن نفسها في وجه الخطر الإرهابي». كذلك طالب رئيس الوزراء مانويل فالس مجدداً بإقرار السجل الأوروبي لركاب الرحلات الجوية من أجل «ضمان إمكانية تتبع التنقلات».
وبعد التعرف على جثة أباعود يعمل المحققون على التعرف على جثة شخص آخر قتل في الشقة في سان دوني ويعتقد الشرطيون الذين نفذوا العملية أنها جثة انتحارية فجرت سترة ناسفة كانت ترتديها.
من جهة أخرى تتواصل حملة مطاردة في فرنسا وبلجيكا بحثاً عن صلاح عبد السلام «26 عاماً» الذي يشتبه بأنه من منفذي اعتداءات باريس كما يعتقد أن هناك متطرفاً آخر لم يتم التعرف إلى هويته لا يزال فاراً.
ومن الجانب البلجيكي تم اعتقال 9 أشخاص في بروكسل في إطار التحقيقات الجارية على علاقة باعتداءات باريس وبأوساط بلال حدفي «20 عاماً» أحد انتحاريي باريس السبعة، وذلك خلال 6 مداهمات جرت في منطقة بروكسل وخصوصاً في بلدة مولنبيك التي تعتبر قاعدة خلفية للمتطرفين في أوروبا.
وواصلت فرنسا تعزيز الوسائل للرد على أي خطر سواء في الداخل أو الخارج.
وصوت النواب الفرنسيون بطلب من الحكومة وبشبه إجماع على تمديد وتعزيز حالة الطوارئ التي أعلنت غداة الاعتداءات لمدة 3 أشهر حتى فبراير المقبل. وفي هذا السياق جرت أكثر من 400 عملية دهم في الأوساط الإسلامية منذ السبت الماضي ووضع 100 شخص في الإقامة الجبرية.
ويسمح النص الذي أقر في الجمعية الوطنية بمجموعة من التدابير الأمنية من ضمنها السماح للحكومة بإغلاق مواقع إلكترونية أو شبكات تواصل اجتماعي تحرض على الإرهاب.
وفي كلمته أمام الجمعية الوطنية حذر فالس من مخاطر اعتداء «بالاسلحة الكيميائية او الجرثومية» فيما اذنت الحكومة بشكل طارئ لصيدلية الجيش بتوزيع ترياق للأسلحة الجرثومية على أجهزة الطوارئ المدنية في فرنسا.
وأوضح أحد المقربين من رئيس الوزراء لاحقاً أن فالس «يتحدث عن احتمال في المستقبل»، موضحاً أن «اختصاصيي الشرق الأوسط يعلمون أن «داعش» يبحث عن أسلحة كيميائية ويستخدم مثل هذه الأسلحة وعدم درس هذا الاحتمال سيكون خطأ».
وعلى الصعيد الخارجي بحث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال مكالمة هاتفية التقدم في التحقيق حول اعتداءات باريس وموضوع سوريا قبل اللقاء المقرر بينهما الأسبوع المقبل في واشنطن، بحسب الإليزيه.
وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن هولاند وأوباما تطرقا إلى «التعاون العسكري» في سوريا وناقشا «شروط تحقيق تقدم في المفاوضات حول حل سريع للأزمة في سوريا».
كما أجرى رئيس هيئة الأركان الروسية المشتركة فاليري غيراسيموف محادثات مع نظيره الفرنسي بيير دو فيلييه حول قتال «داعش» في سوريا في أول اتصال من نوعه منذ بدء النزاع في أوكرانيا العام الماضي.
أما الفرنسيون فلا يزالون مترددين ما بين التصميم على الصمود وعدم الاستسلام للخوف، والخوف من مخاطر وقوع اعتداءات جديدة.
وإن كان الباريسيون عادوا إلى المقاهي والمسارح، فقد تم تمديد حظر التظاهر في الطرقات العامة في باريس وضاحيتها الذي أعلن غداة المجزرة حتى الأحد.
وتتواصل إشارات التضامن في الخارج وسيعزف النشيد الوطني الفرنسي «لا مارسييز» في نهاية الأسبوع قبل كل مباريات بطولة إنكلترا لكرة القدم.
من جهة أخرى، تقدم فرنسا مقترحاً للاتحاد الأوروبي، تريد بموجبه أن تشدد لوائح فحص جوازات سفر مواطني الاتحاد الذين يدخلون ويخرجون من منطقة شنغن، وذلك في أعقاب هجمات باريس.