فرنسا تقر سحب الجنسية و«الطوارئ» والإقامة الجبرية والاستعانة بالجيش لمواجهة الإرهاب
إغلاق مواقع إلكترونية وشبكات تواصل اجتماعي تحرض على الإرهاب
كتب - وليد صبري:
لن ينسى الفرنسيون بأي حال من الأحوال ساعات من الرعب والخوف والذعر، عاشوها يوم الجمعة 13 نوفمبر الحالي، حينما استفاقوا على سلسلة هجمات دموية متزامنة، ضربت 6 مواقع مختلفة في عاصمة النور باريس، أسفرت عن مقتل 130 شخصاً وإصابة 352 آخرين، أعلن على إثرها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اتخاذ إجراءات لحماية أمن البلاد، أبرزها إقرار حالة الطوارئ، ودعوة الجيش للنزول إلى الشارع والتعاون مع قوات الشرطة الفرنسية للإسهام في حفظ الأمن، وطالب “بتعديل دستوري يتضمن حق سحب الجنسية ولو كان المعني مولوداً فرنسياً وله جنسية أخرى”. لكن إعلان فرنسا أمس الأول تصفية العقل المدبر لأخطر اعتداءات في تاريخ البلاد، البلجيكي من أصل مغربي عبدالحميد أباعود كشف عن ثغرات كبرى في نظام مراقبة حدود فضاء شنغن، تشكل شوكة في خاصرة أمن أوروبا، القارة العجوز، وما يزيد من خطورة هذه الثغرات أن الشاب البلجيكي المغربي الأصل المدان والمطلوب والحاضر في العديد من أشرطة الفيديو الدعائية لتنظيم الدولة “داعش” الإرهابي، تباهى في مجلة “دابق” الإلكترونية للتنظيم المتطرف بأنه توجه إلى بلجيكا في الشتاء ليخطط فيها لعملية أحبطت إثر مداهمة نفذتها الشرطة البلجيكية، وبعدها عاد إلى سوريا من دون أن يتم رصده. وأقر مسؤولون أمنيون في فرنسا بأن “فضاء شنغن غير منيع”، موضحين أن “عبدالحميد أباعود بسيرته وسوابقه كان يفترض أن يثير دخوله إلى أي مكان من فضاء شنغن إنذاراً أحمر”، لافتين إلى أنه “يمكن اعتبار إجراءات المراقبة عند دخول شنغن شبه معدومة”.
ومن الثغرات الأخرى التي كشفتها اعتداءات باريس في جهاز مراقبة حدود فضاء شنغن الذي يضم 26 دولة أوروبية وجود سامي عميمور بين منفذي الاعتداء على صالة باتاكلان الباريسية. وقد اتهم الفرنسي البالغ من العمر 28 عاماً في أكتوبر 2012 بالانتماء إلى “عصابة مجرمين إرهابيين” وفرضت عليه المراقبة القضائية غير أن ذلك لم يمنعه من الرحيل بعد عام إلى سوريا ما أدى إلى صدور مذكرة توقيف دولية بحقه. وتمكن رغم ذلك من العودة إلى فرنسا والمشاركة في أعنف اعتداء في تاريخ البلد.
وحذر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من أن نظام فضاء شنغن قد يصبح “موضع تشكيك إذا لم تتحمل أوروبا مسؤولياتها” في ضبط حدود الفضاء الذي يضم 26 دولة أوروبية، مضيفاً أن “بعض مرتكبي الاعتداءات الإرهابية في باريس “اغتنموا أزمة اللاجئين (...) ليتسللوا” إلى فرنسا.
وأظهرت وثيقة من المقرر تبنيها في بروكسل أن الدول الأوروبية وفي طليعتها فرنسا، تريد مراجعة سريعة لقواعد فضاء شنغن من أجل أن تشمل المراقبة المنهجية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مواطني دول هذا التكتل. وتشير تقارير إلى أن تنظيم الدولة “داعش” الإرهابي يملك الوسائل لشراء أوراق مزورة من أفضل نوعية متوافرة. بل أكثر فاعلية من ذلك، فإن سيطرته على محافظات كاملة في العراق وسوريا أتاحت له وضع اليد على آلاف جوازات السفر العراقية والسورية الفارغة التي يكفيه أن يملأها ببيانات الهوية كما يشاء.
ويرى مراقبون أن مجزرة 13 نوفمبر في باريس وحصيلتها المروعة البالغة 130 قتيلاً و352 جريحاً ستعزز موقف الذين يدعون داخل الإدارات والأحزاب السياسية الأوروبية إلى تشديد المراقبة على الحدود وإصلاح آليات التعاون بين أجهزة الاستخبارات وخصوصاً في مسائل مكافحة الإرهاب.
وواصلت فرنسا تعزيز الوسائل للرد على أي خطر إرهابي سواء في الداخل أو الخارج.
وصوت النواب الفرنسيون بطلب من الحكومة وبشبه إجماع على تمديد وتعزيز حالة الطوارئ التي أعلنت غداة الاعتداءات لمدة 3 أشهر حتى فبراير المقبل. وفي هذا السياق جرت أكثر من 400 عملية دهم في الأوساط المتطرفة ووضع نحو 100 شخص في الإقامة الجبرية.
ويسمح النص الذي أقر في الجمعية الوطنية بمجموعة من التدابير الأمنية من ضمنها السماح للحكومة بإغلاق مواقع إلكترونية أو شبكات تواصل اجتماعي تحرض على الإرهاب. كما ينص على توسيع نظام الإقامة الجبرية ليشمل أي شخص يعتبر تصرفه مشبوهاً ويمكن أن يشكل تهديداً للأمن والنظام العام.
يشار إلى أن القانون الحالي خلال حالة الطوارئ ينص على احتمال فرض الإقامة الجبرية على أي شخص “تعتبر أنشطته خطيرة” على الأمن العام. وفي كلمته أمام الجمعية الوطنية حذر فالس من مخاطر اعتداء “بالأسلحة الكيميائية أو الجرثومية” فيما أذنت الحكومة بشكل طارئ لصيدلية الجيش بتوزيع ترياق للأسلحة الجرثومية على أجهزة الطوارئ المدنية في البلاد. وعلى المستوى الخارجي، قدمت فرنسا مشروع قرار إلى مجلس الأمن يطالب باتخاذ “كل الإجراءات الضرورية” لمكافحة “داعش”.