بعد عام ونصف من تجميد العلاقات بسبب الأزمة الأوكرانية، باستثناء تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات، استأنف الجيشان الفرنسي والروسي المحادثات الخميس “للتنسيق” في مكافحة تنظيم الدولة “داعش” الإرهابي.
ويبدو أن البلدين اللذين يختلفان حتى الآن على مصير الرئيس بشار الأسد في سوريا، ويبديان تبايناً واضحاً إزاء الأزمة الأوكرانية، بتعاونهما سوياً ضد “داعش” فإنهما يطبقان الحكمة القائلة “عدو عدوي صديقي”، باعتبار أن “داعش” عدو لكل من فرنسا وروسيا، بعد تبني التنظيم المتطرف للهجمات الإرهابية في باريس، وإعلانه مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء.
ووفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس”، ناقش رؤساء أركان الجيوش الفرنسية والروسية، بيير دي فيلييه وفاليري غيراسيموف، “تنسيق” العمليات العسكرية في سوريا، وفقاً لوزارة الدفاع الروسية.
وأفاد بيان للوزارة أن الرجلين “ناقشا هاتفياً تنسيق العمليات العسكرية للقوات ضد إرهابيي “داعش” في سوريا”.
وأضاف أنهما “تبادلا التقييمات حول الوضع الحالي في ذلك البلد” عقب دعوات الرئيسيين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي فرانسوا هولاند لتوحيد الجهود ضد التنظيم المتطرف.
وصرح غيراسيموف أن “الهجمات الإرهابية في باريس وعلى متن طائرة الركاب الروسية هي حلقات ضمن سلسلة”.
ولم يجر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أي اتصال مع نظيره الروسي منذ ضمت موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية في مارس 2014. وعودة المحادثات بين الجنرالين، يقيمان علاقات منذ زمن، تعتبر بحد ذاتها ثورة صغيرة حتى لو حاولت بعض الأوساط في باريس التقليل من أهمية “هذا التقارب العسكري”. وقبل بضعة أسابيع، استدعت باريس وموسكو فجأة سفيريهما بعد حادث شرق فرنسا بعدما اعتقد الروس أنهم يواجهون تهديداً من مقاتلة فرنسية. لكن في الواقع كان الأمر يتعلق بمقاتلة سويسرية من نوع أف 18. وتجنباً لسوء الفهم وضمان سلامة الطيران فوق سوريا، فإن الطيارين الفرنسيين يعتمدون مركز مراقبة الحركة الجوية الأمريكية في قطر، عن طريق نظام من الممرات الجوية موزعة بين واشنطن وموسكو. ويبدو أن فرنسا وروسيا المتضررتين من الهجمات الأخيرة التي أعلن التنظيم المتطرف مسؤوليته عنها، وتكثفان الغارات الجوية ضد المتطرفين، مستعدتان “لتنسيق” قد يكون ضرورياً ومباشراً. إلا إذا كان هناك “تحالف عالمي” يشمل الأميركيين في طور التشكل رسمياً.
وبعد سلسلة من الاعتداءات في باريس “129 قتيلاً و 350 جريحاً” في 13 من الشهر الحالي، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى “ائتلاف موحد واسع” ضد التنظيم المتطرف في سوريا. ويكون بذلك بدأ تقارباً مع روسيا، الداعم الأساسي للرئيس السوري بشار الأسد، المكروه في باريس.
وفي “التنسيق” في سوريا، يقال في باريس “يجب على فرنسا ألا تظهر جنباً إلى جنب مع جيش الأسد”، ما يعني ضمنياً رفع راية حمراء.
واتفق فلاديمير بوتين وفرانسوا هولاند اللذان سيلتقيان في 26 نوفمبر الماضي في موسكو، على “تنسيق واسع” بين جيشي البلدين وبين أجهزة الاستخبارات في إدارة الملف السوري.
وأمر بوتين قواته البحرية شرق المتوسط بالتعاون مع مجموعة السفن الفرنسية التي من المقرر أن تصل إلى تلك المنطقة أمس، وبينها حاملة الطائرات شارل ديغول، “ومعاملتها كحليفة” في أول عملية مشتركة من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية.
وحاملة الطائرات التي ستضاعف القوة الفرنسية 3 مرات تبحر شرق البحر المتوسط، ستكون على استعداد لإرسال طائراتها فوق سوريا “نهاية الأسبوع”.
وكما فرنسا بعد اعتداءات باريس، قررت روسيا تكثيف ضرباتها في سوريا نظراً لتحطم طائرة “أيرباص أيه 321” الروسية في مصر أواخر أكتوبر الماضي الذي تعتبر موسكو اعتداء تبنى التنظيم المتطرف مسؤوليته.