يعتبر عبد الحميد أباعود البلجيكي من أصل مغربي والملقب بـ “أبو عمر البلجيكي” الذي يشتبه بأنه العقل المدبر لأعنف اعتداءات في تاريخ فرنسا والذي قتل الأربعاء الماضي في العملية التي نفذتها الشرطة في سان دوني بضاحية العاصمة الفرنسية من أبرز وجوه التطرف وقد قاتل في سوريا قبل أن يعود إلى أوروبا مفلتاً من شباك أجهزة الشرطة التي تمكنت أخيرا من القضاء عليه. وأعلن مدعي عام باريس فرنسوا مولانس مزيلاً الغموض الذي ظل يلف مصير البلجيكي لأكثر من 24 ساعة “تم التعرف رسمياً للتو على جثة عبد الحميد أباعود من خلال مقارنة بصمات على أنه قتل خلال الهجوم، إنها الجثة التي عثر عليها في المبنى وتحمل آثار رصاص غزير”. ولد أباعود عام 1987 في بلدة مولنبيك في منطقة بروكسل واتخذ كنية أبو عمر السوسي باسم منطقة السوس التي تتحدر منها عائلته في جنوب غرب المغرب، كما يعرف بأبو عمر البلجيكي. وروى رفيق سابق له في المدرسة لصحيفة “لا ديرنيير أور” البلجيكية الشعبية أنه “كان نذلاً صغيراً” مشيراً إلى أنه كان يعمد إلى مضايقة الأساتذة ورفاقه وسلب محفظات. وورد اسم أباعود في تقرير لأجهزة الاستخبارات الأمريكية مطلع 2014 حذر من احتمال وقوع اعتداء ينفذه تنظيم الدولة “داعش” الإرهابي في أوروبا، مشيراً إلى فرضية أن يكون أباعود حاول التظاهر بأنه قتل في سوريا في نهاية 2014 حتى تكف السلطات البلجيكية عن مساعيها للقبض عليه وتصدر “أبو عمر البلجيكي” عناوين الصحف البلجيكية مطلع عام 2014 بعدما اقتاد شقيقه الأصغر يونس “13 عاماً” إلى سوريا وقد لقبته بعض وسائل الإعلام بـ”أصغر متطرف سناً في العالم”. ويعتقد أن أبو عمر انضم في سوريا إلى مقاتلين بلجيكيين آخرين ليشكلوا فرقة نخبة في تنظيم الدولة. وظهر في فيديو للتنظيم المتطرف معتمراً قلنسوة من الطراز الأفغاني ليتباهى بارتكاب فظاعات وهو يخاطب الكاميرا من خلف مقود آلية تجر جثثاً مشوهة إلى حفرة.ويقول أبا عود في الفيديو مفتخراً باسماً ومتكلماً بمزيج من الفرنسية والعربية “من قبل كنا نجر زلاجات مائية ودراجات رباعية وقاطرات مليئة بالهدايا والحقائب للذهاب في عطلة إلى المغرب. أما الآن فنجر الكفار الذين يقاتلوننا، الذين يقاتلون الإسلام”. وكتبت صحيفة “دي مورغن” الفلمنكية أن والد أبا عود تاجر أرسل ابنه إلى مدرسة راقية في بلدة أوكل السكنية جنوب بروكسل. وقال والده عمر أباعود في يناير الماضي لصحيفة “لا ديرنيير أور” “كانت حياتنا جميلة، بل حتى رائعة هنا. لم يكن عبد الحميد ولداً صعباً وأصبح تاجراً جيداً. لكنه غادر فجأة إلى سوريا. كنت أتساءل كل يوم ما الذي دفعه إلى هذا الحد من التطرف. لم أحصل يوماً على جواب”. وقال عمر أباعود الذي وصلت عائلته إلى بلجيكا قبل 40 عاماً “عبد الحميد ألحق العار بعائلتنا. حياتنا دمرت. لماذا يريد قتل بلجيكيين أبرياء؟ عائلتنا تدين بكل شيء لهذا البلد”. وأكد أنه “لن يغفر أبداً” لعبد الحميد “تجنيد” شقيقه الصغير يونس وقد رفع دعوى ضد عبد الحميد بعد اختفاء يونس. وعبد الحميد أباعود هو أبرز البلجيكيين الـ500 تقريباً الذين توجهوا إلى سوريا والعراق للقتال وهو على ارتباط بـ”خلية فيرفييه”. وشنت الشرطة البلجيكية في 15 يناير الماضي بعد أسبوع على اعتداءات باريس ضد صحيفة “شارلي إيبدو” الهزلية ومتجر يهودي هجوماً على منزل في المدينة الواقعة شرق بلجيكا ما أدى إلى مقتل اثنين ممن كانوا فيه قال المحققون إنهما كانا يعدان لاستهداف قوات الأمن. ولم يكن أباعود في المنزل لكنه أعلن مطلع فبراير الماضي في مقابلة مع مجلة “دابق” الإلكترونية الصادرة عن تنظيم الدولة أنه “خطط” للاعتداءات التي تم إحباطها في اللحظة الأخيرة. وقال “تمكنا أخيراً من الوصول إلى بلجيكا. ونجحنا عندها في الحصول على أسلحة وإيجاد مخبأ فيما كنا نخطط لشن عمليات ضد الصليبيين”. وذكرت الصحافة البلجيكية أن أباعود رصد في اليونان حيث كان يتواصل مع المتطرفين اللذين قتلا في فيرفييه. وجرت عملية دهم في أثينا من دون أن تنجح في توقيفه. وأوضح لمجلة دابق أنه تمكن “من مغادرة الشام والعودة إليها رغم مطاردة العديد من أجهزة الاستخبارات”. وفي يوليو الماضي، حكم غيابياً على عبد الحميد أباعود في بلجيكا بالسجن 20 عاماً في إطار محاكمة حول شبكات تجنيد متطرفين بلجيكيين للقتال في سوريا.