إسطنبول - (الجزيرة نت): لفتت قصة الصحافي البريطاني العامل مع صحيفة «التلغراف» البريطانية والذي تمكن من الحصول على جواز سفر وهوية ورخصة قيادة سورية بمبلغ ألفي جنيه إسترليني النظر إلى موضوع الوثائق الرسمية السورية المعروضة للبيع علناً عبر الإنترنت.
وإذا كان هذا الصحافي قد أقدم على فعلته ليثبت أن العثور على وثائق سورية في مكان التفجيرات في باريس هو دليل ضعيف في التحقيقات الجارية، فإن كثيرين لا يجدون غضاضة في بيع وشراء هذه الوثائق عبر مواقع إلكترونية وصفحات على موقع «فيسبوك» متاحة أمام الجميع.
حسن «24 عاماً» أحد زبائن هذه الوثائق، لم تدم فرحته بجواز سفره السوري الجديد طويلاً، إذ اضطر إلى إتلافه خشية التبعات القانونية لحمله، متعظاً باعتقال أحد أصدقائه في تركيا لامتلاكه جواز سفر سوري مزوراً.
يروي حسن - الذي تطلب إقناعه بالحديث عن تجربته في الحصول على الجواز السوري جهداً كبيراً - قصته قائلاً إنه تم تصنيفه داخل تركيا لاجئاً سورياً، بحكم أنه حضر مع اللاجئين عبر الحدود البرية، لكن هذا التصنيف حرمه من إكمال دراسته الجامعية التي كان قد أنهى منها 3 أعوام في جامعة حلب قبل نزوحه.
أعاقت وثيقة السفر السورية التي يحملها حسن - رفض ذكر اسمه الكامل أو تصويره - كثيراً من مشاريعه، فهي لا تتيح له فرصة الدراسة في تركيا أو السفر إلى بلد آخر - وفق ما يقول -، فقرر بعد حصوله على «وعد مؤكد» بالعمل في قبرص أن يتجاوز عقبة هذه الوثيقة بامتلاك جواز سفر.
ويقول إن أحد أصدقائه أرشده إلى مزود بالجوازات مقابل مبلغ ألف دولار قابلة للتفاوض، وزوده برقم حساب للمزود على خدمة «واتس أب».
لم يتردد حسن طويلاً قبل أن يتواصل مع المزود ليتم الاتفاق بينهما على أن يوفر الأخير جواز السفر له خلال أسبوع، مقابل مبلغ 800 دولار فقط، تدفع كاملة عند استلام الجواز ودون «عربون».
ويقول حسن إنه لم يكن يهتم كثيراً بالتفاصيل، «أعطيت المزور بياناتي الشخصية التي كتبها بخط يده وصورتي، ولم أوقع أي تعهد أو ورقة يمكن أن تدينني، ولم أدفع أي مبلغ مقدماً، لذلك كان المشروع بالنسبة لي دون أي هامش للخسارة، وهذا قلل من مخاوفي».
حصل حسن على جواز سفره الجديد في مايو الماضي، وبدأ استعداداته للسفر، لكنه ظل متوجساً من إبرازه في المطار، قبل أن يصدمه توقيف أمن مطار إسطنبول لصديقه الذي أرشده للفكرة بتهمة حيازة جواز سفر مزور أثناء محاولته مغادرة البلاد».
ويقول حسن «ما إن علمت باكتشاف أمر صديقي حتى قمت بإتلاف جواز السفر الخاص بي، ولم يكن قد مضى عليه بحوزتي أكثر من شهر، أحرقته، بل أحرقت 800 دولار».
وتكشف حكاية حسن النقاب عن قضية توفير الوثائق الرسمية السورية لمن يطلبها، بأسعار تتفاوت حسب نوع الوثيقة وأهميتها، وقدرة «الزبون» على إدارة عملية التفاوض والإقناع مع من يوفرها، لينتهي به المطاف ممسكاً بأي وثيقة يحتاجها.
وتنتشر عشرات المواقع الإلكترونية وحسابات الفيسبوك التي تقدم عروضاً مسعرة لكل وثيقة، وترفق عرضها برقم حساب للتواصل مع المزود عبر خدمات «فايبر» أو «واتس أب» وغيرهما.
أحد المزودين مثلاً يقدم الشهادة الجامعية مع كشف علامات مصدق بمبلغ 275 دولاراً، وجواز السفر مقابل 850 دولاراً، كما يقدم الهوية السورية أو دفتر العائلة أو رخصة القيادة مقابل 100 دولار لأي منها.