هناك الكثير من الحالات الأسرية التي تردني، تحكي معاناة زوجات في تحمل ظلم أزواجهن، وتردد الزوجة الأم فيما يتعلق بالانفصال خوفاً من حرمانها من «النفقة» أو من رعاية أو كما ندعوه قانونياً «حضانة» الأبناء.
كثيراً ما يدفعني ذلك الأمر للتساؤل: ما هو القانون الذي يكفل للزوجة حقها كاملاً -في حالة خيانة الزوج لها على سبيل المثال أو في حالات أخرى- دون الدخول في متاهات المحاكم؟ وما هي الحقوق التي يكفلها القانون لها فيما يتعلق بالنفقة والحضانة في حالة الانفصال أو الطلاق؟
من أجل التعرف على الأحكام والتشريعات، ومن أجل تعزيز الوعي لديكم أعزائي القراء، اطلعت على التشريعات والقوانين الخاصة بأحكام الأسرة الصادرة عن وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، وكثفت اطلاعي حول محورين اثنين وفقاً لأهميتهما الكبيرة مجتمعياً: أولهما محور النفقة والمحور الثاني هو حق الحضانة.
أولاً: محور النفقة:
جاءت نصوص القوانين المتعلقة بالنفقة كما يلي:
فقد نصت المادة 51 من قانون الأسرة على أن «نفقة الزوجة لا تسقط بالعجز أو الإعسار ولها امتياز على سائر الديون»، أي أن النفقة حق مشروع من حقوق الزوجة ولا يحق للزوج الامتناع عنها لأي سبب من الأسباب.
وتنص المادة 53 من القانون نفسه -حول نفقة الزوج على الزوجة- على الآتي:
أ. إذا امتنعت الزوجة عن الانتقال إلى بيت الزوجية، أو خرجت من بيت الزوجية من غير مسوِّغ أو منع من الزوج، سقط حقها في النفقة بعد ثبوت ذلك قضاءً.
ب. لا يثبت نشوز الزوجة إلا بامتناعها عن تنفيذ الحكم النهائي بمتابعة الزوج إلى بيت الزوجية.
ج. يكون امتناع الزوجة بمسوِّغ إذا كان الزوج غير أمين على نفسها أو عرضها أو مالها، أو لم يدفع معجل المهر، أو لم يقم بإعداد المسكن الشرعي، أو امتنع عن الإنفاق عليها، أو لم تستطع تنفيذ الحكم بنفقتها لعدم وجود مال ظاهر له.
أي أن للزوجة الحق الكامل في النفقة ما لم يثبت نشوزها قضائياً، ومادامت قائمة بواجباتها الزوجية دون امتناع، وقد ذكرت في الأسطر السابقة الحالات التي تستطيع الزوجة الامتناع عن متابعة زوجها.
هذا فيما يتعلق بالنفقة.
ثانياً: محور الحضانة:
أما حول موضوع الحضانة، فقد جاء في المادة 127 من قانون أحكام الأسرة:
«الحضانة حفظ الولد، وتربيته، ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس». وجاء في المادة 128: «تنتهي حضانة النساء ببلوغ الغلام خمس عشرة سنة وبالنسبة للأنثى حتى تتزوج ويدخل بها الزوج».
أما المادة 129 فقد جاء نصها استكمالاً لما جاء في المادة 128 وتنص على:
«إذا بلغ الغلام خمس عشرة سنة، أو بلغت الأنثى سبع عشرة سنة ولم تتزوج ولم يدخل بها الزوج، فلكل منهما الخيار في الانضمام إلى من يشاء من أبويه أو ممن له الحق في حضانته، فإن اختار أيٌ منهما الحاضنة استمر معها دون أجر حضانة، وذلك مع مراعاة أحكام المادة (140) من هذا القانون».
ووفقاً لما ورد في المادة 130 من قانون الحضانة، فيشترط في الحاضن تحقق الشروط الآتية:
أ. الإسلام.
ب. العقل
ج. البلوغ
د. الأمانة
هـ. القدرة على تربية المحضون وحفظه ورعايته وتدبير مصالحه.
و. السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة.
ومتى ما تحققت كل هذه الشروط صحت الحضانة لأي من الطرفين. أما إذا كان الزوج لعوباً على سبيل المثال، أو غير مؤهل لحمل أمانة التربية، وكان لا يفكر في أبنائه ويعجز عن تدبير مصالحهم دون أمهم، فلن تتحقق له شروط الحضانة فبذلك تسقط حضانته ولا يحق له المطالبة فيها.
وكما تنص المادة 132 من قانون الحضانة فإن: «الحضانة من واجبات الأبوين معاً مادامت الزوجية قائمة بينهما، فإن افترقا فهي للأم، ثم للأم الأم وإن علت، ثم لأم الأب، ثم للأب، كما تكون الحضانة لأخت المحضون، ثم خالته، ثم جدته لأبيه، ثم بنت أخيه، ثم بنت أخته، ما لم يقرر القاضي خلاف ذلك لمصلحة المحضون، ويقدم في الجميع الشقيق، ثم لأم ثم لأب».
ثم إني أتساءل، هناك حالات كثيرة نراها حولنا يخشى فيها الطرفان سقوط الحضانة عنهما، فتعدل الأم عن الانفصال رغم معاناتها وتصبر مراعاةً لأبنائها، في هذه الحال أليس من حق الأبناء أن يكبروا في كنف والدتهم -التي حملتهم وهناً على وهن وحرصت على تربيتهم في كل خطوة من خطوات حياتهم- مهما كانت الظروف؟ أم أن ذلك لا يعد حقاً مشروعاً لهم؟
وإن تم الطلاق فعلاً بين الأبوين فما هو المصير التربوي والأخلاقي الذي ينتظر الأبناء في تشتتهم بين هذا وتلك؟
ختاماً؛ أقدم شكري الجزيل لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على اهتمامهم بوضع قوانين تكفل استيفاء الأسر البحرينية لكامل حقوقها، وأدعو القائمين على متابعة تطبيق القوانين إلى تكثيف الجهود سعياً إلى تثقيف وزيادة وعي المواطنين بأحكام الأسرة، بالإضافة إلى القوانين التي تضمن لهم حصولهم على كامل حقوقهم وضمان معرفتهم لواجباتهم، من أجل الارتقاء بالمجتمع البحريني الواعي، وتجنباً للكثير من المشاكل الأسرية التي غالباً ما تتمحور أسبابها حول قلة المعرفة والوعي القانوني.
سوسن يوسف
نائب رئيس فريق البحرين للإعلام التطوعي