النسيان من إحدى الهبات الإلهية العظيمة التي يتكرم بها سبحانه وتعالى على عباده المسلمين، فمن أوتي نعمة الصبر والنسيان فقد أوتي خيراً كثيراً.
والصبر من وجهة نظرنا هو أن تكون عند الشخص القوة والطاقة اللازمة لتحمل أمر ما ونسيانه بعد صبر طويل وهو على يقين بأن الصبر مفتاح الفرج، إن الأحلام التي تتمناها النفس البشرية لا تتحقق إلا بالصبر وهو العامل الأساسي بين النجاح والفشل وبين السعادة والنجاح، فالصبر والنسيان يحتاجان إلى قوة جبارة فليس كل صابر صباراً، ويقول الحق سبحانه وتعالى (إن الله مع الصابرين) وهناك من الآيات التي تمجد هذه الفضيلة السامية.
مثال على ذلك سيدنا أيوب الذي يضرب به المثل في الثبات والصبر، لقد كان سيد قومه قوي البدن والطلعة يرتع في الغنى والثراء والمال والبنين، فابتلاه الله بموت أبنائه وضياع أمواله وذبول جسده ولكنه لم يقنط من رحمة الله وكان مؤمناً أشد ما يكون الإيمان بأن الذي منحه هذه النعم قادر على إرجاعها إليه مرة أخرى وكان له ما أراد.
وضرب لنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام المثل الأعلى في الصبر، فقد ابتلي المصطفى بابتلاءات قوية وموجعة حيث اتهم بالجنون والشعوذة وحوصر حتى الموت وطرد من بيته، كما أنه رمي بالحجارة لكنه كان كإخوته الأنبياء والرسل مثل موسى وعيسى وإبراهيم ونوح، لقد كان آية في الصبر والتحمل.
فرق شاسع يا صديقي بين الصبر والخنوع، فالصبر قوة إيجابية تستوعب القدر والمصير، أما الخنوع ذل واستسلام وشتان ما بين التوكل والتواكل.
إن الصابر متفائل، واثق، فرح، مبتسم، مستبشر بالخير، يجد لذة في الصبر من أجل تحقيق ما يريد، إن أفلح شكر وإن أخفق صبر، وعلى العكس من ذلك تجد الخانع اليائس من رحمة الله.
كن صابراً قوياً متفائلاً يا صديقي، توكل على الله الذي يقول «أنا عند حسن ظن عبدي بي» فالحياة منذ الخلق فيها خيبات الأمل والابتلاءات بأشكالها وألوانها ولا يسلم منها مخلوق.
صالح بن علي