حينما يتألم قلبك يشتد فجأة الحنين ويعزف لحنه الحزين، مرافقاً إياه الأنين، فتجد نفسك وحيداً تتعثر خطاك على دروب ليال كئيبة مريرة طويلة، ليال تظنها لن تنتهي فتخشى مرارة ما يليها، إنما الألم حكمة تريدك أكثر وعياً عندما لا تجد سوى وعيك محلقاً بك في السماء بعيداً عن أرض الأنين.
إنه سهم الزمان هو أوجع قلبك وآلمك، لكنك بإمكانك استخدامه لتتجاوز ما أنت فيه، فأنت لم يخطر ببالك أن ترفع القناع عن وجهك يوماً وترى حقيقة نفسك حقاً إلا بعد أن أصابك الزمان بسهم جارح أليم اخترق قلبك ودخل فيه، سهم اخترق قلبك فدماه وحفر بداخله جرحاً عميقاً، قد خيل لك وقتها أن ما من شيء سيكون قادراً على أن يشفيه، وإلا فمن ذا الذي يهتم بوعي يكون له أجنحة تحمله بعيداً عما هو فيه؟ من ذا الذي يهتم وحياته تضحك له بزينتها المبهرجة، مستمرة في حمله على أكف الراحة؟ من ذا الذي يهتم بأن يبحث عن وعي يحاكيه ويناجيه؟
لا تخفِ جروحك بل واجها وأطلق ما في قلبك، إنه فك قيود السلاسل التي هي على قلبك أمر في بادئه مرير يستدعي الألم زائراً يتظاهر بأنه للأبد باق وكأن ما من معين فيها، إنه لا يزورك ليهديك البؤس من بين الهدايا إنما الألم حال يجعلك تفرد جناحيك ليأخذاك بعيداً، بعيداً عن استسلامك لليأس والبؤس فتصبح للألم واعياً وكأنه زائر.

علي العرادي
أخصائي تنمية بشرية