عواصم - (الجزيرة نت، وكالات): لم تخطئ نيران المعارضة السورية «رؤوساً كبيرة» من القوات الإيرانية، وربما وصلت إلى قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني الذي راجت بشأنه أنباء بإصابته بجروح وصفت بالخطيرة في رأسه جراء شظايا قذيفة قبل أسبوعين جنوبي حلب. ولم تثن الخسائر «الثقيلة» التي تكبدتها إيران جراء تدخلها في سوريا، طهران عن مواصلة دعم نظام الرئيس بشار الأسد، فالحليفان يؤكدان أنهما ماضيان في طريق واحد حتى تحقيق هدفهم «بالقضاء على الإرهاب» في المنطقة، مهما بلغت كلفة ذلك.
كلفة موّقعة بدماء العشرات من المقاتلين الإيرانيين بينهم ضباط كبار وجنرالات، وحتى وإن تجاوزت الحصيلة «المعلنة» 188 قتيلاً حتى الآن، فإن طهران مصممة على مواصلة حرب تعتبرها مشروعة على الأراضي السورية، حماية لحليفها الأسد أولاً ولمصالحها في المنطقة ثانياً.
آخر تطورات جبهات القتال السورية تشير إلى مقتل 7 إيرانيين من قوات التعبئة المعروفة باسم «الباسيج» في معارك مع المعارضة السورية في حلب شمالي سوريا، ليبلغ عدد القتلى 188، منذ إعلان الحرس الثوري زيادة عدد مقاتليه بسوريا تزامناً مع تدخل روسيا نهاية سبتمبر الماضي.
ولم تخطئ نيران المعارضة السورية «رؤوساً كبيرة» من القوات الإيرانية، وتتداول المعارضة الإيرانية وقوات المعارضة السورية أنباء عن إصابة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، بإصابات وصفت بالخطيرة في رأسه جراء شظايا قذيفة قبل أسبوعين جنوبي حلب.
موقع «ميديا برات» الفرنسي رأى في هذا الأمر «فشلاً ذريعاً للنظام الإيراني». وقال «إن الخسائر التي لا تحصى لقوات الحرس الثوري الإيراني منذ 3 أشهر تعد شاهداً على الفشل الذريع لإستراتيجية طهران في إنقاذ الأسد».
ومضى يقول «في الحقيقة فإن التضحيات الجسام التي قدّمتها طهران، والدور الروسي في سوريا بتحريض إيراني، لم يحقق انفراجة حقيقية في الحرب مع قوات المعارضة، فبدلاً من ذلك تمّكن الجيش الحر وحلفاؤه من التألق على الأرض على الرغم من الضربة القوية للغاية، وفق تعبيره.
غير أن هذا الأمر لم يكن له أي أثر في تصريحات الأسد، خلال لقائه علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى اية الله علي خامنئي، فقد اعتبر الأسد أن هناك إنجازات مهمة على الأرض تحققت بمساعدة من سماهم الأصدقاء لاستعادة الأراضي التي خسرتها قواته في وقت سابق.
وبكل ثقة، يجدد الأسد التأكيد على «تصميم سوريا وأصدقائها على المضي قدماً في مكافحة الإرهاب لأنهم واثقون أن ذلك سيشكل الخطوة الأساسية في إرساء استقرار المنطقة والعالم».
ومن دمشق، يجدد بدوره ولايتي التأكيد على دعم الأسد «الصامد في الدفاع عن شعبه منذ 5 سنوات» وعلى مواصلة هذا الدعم لمن وصفها بالحكومة الشرعية. ويربط مستشار خامنئي مستقبل المنطقة بالتعاون السوري الروسي الإيراني، آملاً في أن ينجح الحلفاء الثلاثة في تحقيق السلام في المنطقة التي تشهد حروباً بالوكالة بين أنظمة متعارضة ومصالح متضاربة.
ورغم مرور السنوات وتعمّق مأساة ملايين السوريين، وتضاعف عدد القتلى والجرحى واليتامى والمهجرين، فإن رؤية طهران لا تزال كما هي. ومنذ بداية الثورة السورية عام 2011، قام النظام الإيراني بـ«جهد واسع النطاق، مكلف ومتكامل للحفاظ على بقاء نظام الأسد في السلطة لأطول فترة ممكنة» وقد تعددت أوجه مساعدة النظام وقواته على الأرض، بدءاً بتقديم أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية للمشورة ومساعدة قوات الجيش السوري.
وطبقاً لدراسة نشرها معهد دراسات الحرب الأمريكي، فإن هذه الجهود تحوّلت في مرحلة ثانية إلى مهمة تدريب مشاة باستخدام فيلق الحرس الثوري الإيراني، في مؤشر على ما أسمته «التوسع الملحوظ واللافت لجهة استعداد إيران وقدرتها على استعراض قوتها العسكرية خارج حدودها».
كما قامت إيران بتزويد نظام الاسد باللوازم والإمدادات العسكرية الضرورية، وقدّمت أيضا المساعدة للميليشيات الموالية للحكومة، وبعد فترة من التكتّم عن دور حقيقي للقتال على الأرض أصبحت طهران تعلن عن أعداد قتلاها بالمعارك الدائرة في سوريا، وهو أمر لم يخل من دلالات.
وفي الوقت الذي تتضارب فيه الأرقام بشأن عدد المقاتلين الإيرانيين في سوريا، فإن عدة مصادر أمريكية تشير إلى وجود مئات من المقاتلين، بينما تتحدث مصادر أخرى عن الآلاف.
ومع احتدام المعارك على جبهات عدةّ واستعارها عقب التدخّل الروسي، أصبح حضور الحرس الثوري الإيراني مكثّفاً على جبهات القتال السورية، وفقاً للباحث بالشأن السوري أحمد أبو زيد، الذي اعتبر أن مقتل الضباط الإيرانيين ليس مفاجئاً، لافتا إلى أنه يتم بشكل مكثف في الآونة الأخيرة بسبب فتح مزيد من جبهات القتال بعد التدخل الروسي.
أما الباحث الإيراني المتخصص بالشؤون الإقليمية حسين رويوَران، فنفى أن تكون إيران قد أنكرت في السابق مشاركة ميليشياتها في المعارك الدائرة بسوريا.
ولفت إلى أن الاستشارات العسكرية للضباط الإيرانيين تقدم على جبهات القتال وليس بالغرف المغلقة، مضيفاً أن قرار النظام السوري توسيع جبهات القتال في حمص وحماة وحلب أدى لسقوط عدد متزايد من المقاتلين الإيرانيين.
من جهته، أوضح المختص بالشأن الإيراني علي ألفونه، في تصريح لصحيفة «واشنطن بوست» الامريكية، أن القادة الإيرانيين «يتكلمون عن خسائرهم في سوريا، لأنهم فخورون بذلك، كما أنهم يريدون إبراز الدور الحقيقي للمقاتلين الإيرانيين، مع تفادي أن يتم تقزيم دورهم من قبل الروس».