مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، علاقات تاريخية بين دولتين شقيقتين تمتد جذورها لعقود طويلة ساعد في نموها وتطورها الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع قيادتي وشعبي البلدين، وهي العلاقات التي تنبع خصوصيتها من وشائج القربى والصلات الحميمة والعلاقات الأخوية المتميزة بين قياداتهما، علاوة على ما يجمع بين البلدين من روابط مشتركة، سواء في إطار مجلس التعاون الخليجي، أو في الإطارين العربي والإسلامي. ومن يستحضر تاريخ علاقات البلدين يستذكر على الفور المواقف المشتركة للشعبين الشقيقين ووقوفهما إلى جانب بعضهما في الأفراح والمحن.
وفي هذا الصدد، تشارك مملكة البحرين قيادة وحكومة وشعباً، دولة الإمارات احتفالاتها اليوم في الثاني من ديسمبر باليوم الوطني الـ44 تجسيداً للعلاقات التاريخية والاقتصادية والسياسية الأخوية الوثيقة القائمة بين البلدين، وسط اهتمام من البحرين بمواصلة مسيرة البناء والتنمية ومد جسور المحبة والتعاون على جميع الأصعدة بفضل السياسات الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وأخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويشار في هذا الصدد إلى موقف البحرين الثابت من مساندة حق الإمارات في السيادة على جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران «طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى»، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة، مطالبة بضرورة الانسحاب الإيراني منها وحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. ولم يكن من المستغرب أن تدعم الإمارات وامتداداً لمواقفها الإنسانية والإنمائية السابقة بكافة إمكاناتها السياسية والأمنية والاقتصادية البحرين فيما واجهته من أحداث مؤسفة ومحاولات خارجية لزعزعة أمنها واستقرارها خلال شهري فبراير ومارس 2011.
وتكن البحرين حكومة وشعباً محبة وتقديراً واعتزازاً لدولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الحكيمة وشعبها الوفي، في ظل العلاقة المتميزة بين البلدين ولما أظهرته الإمارات رئيساً وحكومة وشعباً من مواقف مشرفة تجاه مملكة البحرين والتي ستظل ماثلة أمام كل بحريني.
وتكتسب العلاقات بين البلدين أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بثقل سياسي وموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتبنيهما لسياسة خارجية عقلانية ومتوازنة ومعتدلة، وكونهما من النماذج الرائدة على مستوى المنطقة في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنفيذ سياسات طموحة للإصلاح والتطوير والتحديث وتكريس دولة المؤسسات والقانون. وعلى الرغم من تعدد وتنوع مجالات العلاقات البحرينية الإماراتية بشكل عام، إلا أن البعدين السياسي والاقتصادي يحظيان بمكانة مهمة.
فعلى المستوى السياسي، تعتبر الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين أحد أهم الإشارات على تميز العلاقة بينهما، وذلك في ظل تبادل الزيارات الودية والرسمية على أعلى المستويات بينهما، ومن أبرزها اللقاءات الدورية لقيادتي البلدين في إطار القمة الخليجية التي تعقد في مايو ونهاية كل عام، وما حققته من نتائج متميزة على صعيد دفع مسيرة التكامل الخليجي، إلى جانب الزيارات المتكررة لعاهل البلاد المفدى إلى الإمارات منذ توليه مقاليد الحكم، بما يعكس حرصه على التواصل مع القيادة السياسية الإماراتية، ودفع مسيرة العلاقات الثنائية، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين، بجانب توحيد المواقف إزاء المستجدات الخليجية والعربية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وتأتي المواقف السياسية للبلدين متطابقة دائماً إزاء القضايا الإقليمية والدولية بتبنيهما دبلوماسية تتميز بالحكمة والاتزان والعقلانية مما أكسبهما ثقة واحترام المجتمع الدولي، حيث يحرص البلدان على دعم ونصرة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية استناداً إلى عضويتهما ودورهما الفاعل في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات.
وتعتبر البحرين والإمارات أن احترام المواثيق الدولية، وقواعد حسن الجوار، وسيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية ضرورة لا غنى عنها لإحلال الأمن والسلم الدوليين، مما أكسبهما سمعة طيبة في المحافل الإقليمية والدولية.
وتشكل العلاقات التي تربط بين البحرين والإمارات نموذجاً متطوراً لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الدول، فهي علاقة ممتدة في تاريخ البلدين وتتميز بأنها دوماً في حالة نماء وازدهار. وعلى المستوى الاقتصادي، شهدت العلاقات التجارية بين البحرين والإمارات تطوراً ملحوظاً عاماً تلو العام ليصل التبادل التجاري إلى مليار دينار «10.1 مليار درهم» بعد أن كانت 7 مليارات درهم في عام 2006 أي بزيادة 44.3%. وتشهد العلاقات الاقتصادية تطوراً ملحوظاً في مجالات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة والتعاون في قطاعات المال والأعمال والسياحة والنفط والطاقة، في ظل تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين على أعلى المستويات، والوفود التجارية والاستثمارية، وإقامة المؤتمرات الاقتصادية والمعارض التجارية المشتركة.
وتعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري عربي للمملكة بعد السعودية ومن ضمن أكبر 10 شركاء تجاريين للبحرين على مستوى العالم، فيما تأتي البحرين في المرتبة الرابعة عربياً والـ23 عالمياً من حيث أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات.
وشهد حجم المبادلات التجارية غير النفطية بين البلدين ارتفاعاً كبيراً من 246 مليون دولار عام 2000 إلى نحو 2.47 مليار دولار عام 2010، منها 618 مليوناً صادرات بحرينية.
أما فروع المؤسسات والشركات الإماراتية العاملة والمسجلة في البحرين حتى الآن فهناك 40 فرعاً لمؤسسات وشركات إماراتية تعمل أو تزاول أنشطتها في مملكة البحرين.
ويبلغ مجموع قيمة الاستثمارات الوطنية الإماراتية في مملكة البحرين 2.884.337.370 ديناراً بحرينياً. وعلى المستوى العسكري، تحرص قوة دفاع البحرين والقوات المسلحة الإماراتية بجميع وحداتهما العسكرية على إجراء سلسلة من التمارين التعبوية المشتركة بصورة سنوية للارتقاء بمستويات الأداء القتالي للقوات المسلحة ودعم القدرة الدفاعية لدول مجلس التعاون لما فيه خير وصالح شعوبها.
كما يجري التنسيق بين سلاح البحرية الملكي البحريني، والقوات البحرية بدولة الإمارات، بما يستهدف تعزيز وتقوية التعاون العسكري في مجال أعمال حماية البنية التحتية البحرية والمعنية بحماية الموانئ والمنصات النفطية البحرية والدفاع عنها ضد الهجمات الإرهابية.
ويتميز نظام دولة الإمارات العربية بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك نتيجة طبيعية للانسجام والتناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء والحُب المتبادل بينها وبين مواطنيها.
وتمثل احتفالات الإمارات بالذكرى الـ44 أبعاداً أعمق وأثبتت أن المسيرة الاتحادية الشامخة لم تعد تجربة رائدة في الوحدة فقط، بل غدت نموذجاً فريداً للتلاحم الوطني والتناغم والتفاعل الإيجابي الخلاق في العلاقة الحميمية المتينة التي تربط بين أولياء الأمر والرعية، والتكاتف بينهما من أجل بناء المستقبل المشرق المنشود.