عواصم - (وكالات): دعا وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» دولة «الجبل الأسود» مونتينيغرو الصغيرة إلى الانضمام إلى هذا التكتل الذي يواصل توسعه في البلقان، في تحدٍ لروسيا التي اعترضت بشدة، وحذرت من أنها ستضطر للرد، فيما حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا من نشر «افتراءات» بعدما اتهمته موسكو بالضلوع مع عائلته في أنشطة تهريب النفط من سوريا مع تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، مضيفاً أنه «لا يحق لأحد إهانة تركيا باتهامها بشراء النفط من «داعش»، مؤكداً أنه «سيتنحى إذا ثبتت صحة تلك المزاعم»، بينما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه سيلتقي نظيره التركي محمود جاوش أوغلو خلال قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ببلغراد، في أول لقاء بين مسؤولين كبيرين من البلدين منذ أن أسقط الطيران التركي الطائرة الحربية الروسية «سوخوي 24» فوق الحدود السورية.
واتخذ «القرار التاريخي ببدء مفاوضات الانضمام مع مونتينيغرو» بالإجماع من قبل وزراء خارجية الدول الـ28 الأعضاء في الحلف خلال اجتماع في بروكسل.
ويفترض أن تصبح مونتينيغرو بذلك خلال 18 شهراً إلى سنتين الدولة الـ29 العضو في الحلف الذي تشهد علاقاته منذ بداية الأزمة الأوكرانية في 2013 فتوراً مع روسيا.
وقال الأمين العام للحلف، النرويجي ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي إن «أبواب الحلف الأطلسي مفتوحة وهذا هو الدليل». وأضاف أن «الأمر لا يتعلق بروسيا (...) وهذا القرار ليس موجهاً ضد أحد».
من جهته قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن «الحلف الأطلسي تحالف دفاعي قائم منذ 70 عاماً. والحلف الأطلسي لا يهدد أحداً. وهو ليس منظمة هجومية ولا يركز على روسيا بذاتها».
ودانت روسيا مراراً خطط توسيع الحلف الأطلسي ليضم دولاً في البلقان معتبرة ذلك مساساً بمنطقة نفوذها وحتى «استفزازاً» على حد تعبير وزير الخارجية سيرغي لافروف في 2014. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لصحافيين إن «موسكو أشارت دائماً على كل المستويات إلى أن الاستمرار في توسيع الحلف، شرقاً لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تحركات مماثلة لمصلحة أمننا».
وكانت موسكو قد حذرت مونتينيغرو التي تجري منذ 2012 مفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، من «العواقب الممكنة التي ستنجم عن انضمام بودغوريتسا إلى الحلف».
لكن رئيس وزراء مونتينيغرو ميلو ديوكانوفيتش قال خلال احتفال في عاصمة بلاده بمناسبة قرار الحلف «إن الانضمام إلى الحلف الأطلسي قضية مصلحة وطنية».
وأضاف رئيس وزراء الجمهورية الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 630 ألف نسمة وانفصلت عن صربيا وأعلنت استقلالها في 2006، «أن انضمام مونتينيغرو يشكل مساهمة قوية في استقرار المنطقة وأمنها».
وتعود آخر عملية توسيع للحلف إلى 2009 عندما انضمت إليه كرواتيا وألبانيا الدولتان الأخريان في البلقان اللتان تطلان مثل مونتينيغرو على البحر الإدرياتيكي.
ولن يكون انضمام مونتينيغرو فعلياً قبل انتهاء المحادثات التي يتوقع أن تبدأ في 2016 والمصادقة إلى انضمامها من قبل البرلمانات الوطنية للدول الـ28 الأعضاء.
وفي سياق أوسع، تبنى وزراء خارجية دول الحلف استراتيجية للرد على التهديدات التي تشكلها الأساليب التكتيكية «للحرب الهجينة». وكمثال على «الحرب الهجينة» يذكر في أغلب الأحيان ضم القرم في مارس 2013 من قبل روسيا التي لجأت إلى قوات خاصة دون إطلاق أي رصاصة.
وقال ستولتنبرغ إن «الأمر يتعلق بتضافر تهديدات مدنية وعسكرية وعمليات سرية وعلنية، إنها الدعاية الإعلامية والأكاذيب». وأضاف «لذلك نعزز قدرات قواتنا على الرد». وسيطور الحلف الأطلسي أيضاً قدراته في مجال الاستخبارات وقواته الخاصة إلى جانب تعزيز قدراته على التصدي للهجمات المعلوماتية.
من جهته، حذر الرئيس التركي روسيا من نشر «افتراءات» بعدما اتهمته موسكو بالضلوع مع عائلته في أنشطة تهريب النفط من سوريا مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في الدوحة وبثه التلفزيون التركي «لا يحق لأحد نشر افتراءات عن تركيا بالقول إن تركيا تشتري النفط من داعش».
وأضاف متوعداً «إذا استمرت الاتهامات فسوف نتخذ إجراءات». وقال إننا «لن نطرد الروس من تركيا».
واتهم نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي إنتونوف «الطبقة الحاكمة السياسية في تركيا، ومن ضمنها الرئيس أردوغان وأسرته» بأنها «ضالعة في هذه التجارة غير الشرعية» للنفط مع «داعش». وقال إنتونوف خلال مؤتمر صحافي دعي إليه لأول مرة صحافيون أجانب «يتبين أن المستهلك الرئيس لهذا النفط المسروق من مالكيه الشرعيين سوريا والعراق هو تركيا. وتفيد المعلومات التي تم الحصول عليها أن الطبقة الحاكمة السياسية، ومن ضمنها الرئيس أردوغان وأسرته، ضالعة في هذه التجارة غير الشرعية». وأضاف أن «استهتار الحكومة التركية لا حدود له» مضيفاً أن روسيا «حذرت مراراً من خطر التعامل مع الإرهاب».
وتابع «ألا تطرحون تساؤلات حول كون نجل الرئيس التركي يتولى رئاسة واحدة من أبرز شركات النفط وأن زوج ابنته عين وزيراً للطاقة؟ يا لها من شركة عائلية رائعة!»، معلقاً على تعيين صهر أردوغان بيرات البيرق وزيراً للطاقة.
ودون أن يرد صراحة على هذه الاتهامات الجديدة كرر أردوغان أنه سيستقيل فوراً إذا ثبتت هذه التهم.
وقال «لن أبقى لدقيقة واحدة في مقعد الرئيس إذا أثبتت روسيا هذه المزاعم، لكن من يروجون هذه الافتراءات لا يجب أن يبقوا هم أيضاً في كراسيهم». وأضاف أن «تركيا لم تفقد قيمها الأخلاقية إلى حد شراء نفط من منظمة إرهابية». في السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه سيلتقي نظيره التركي محمود جاوش أوغلو خلال قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي ستعقد في بلغراد اليوم وغداً، في أول لقاء بين مسؤولين كبيرين من البلدين منذ أن أسقط الطيران التركي طائرة حربية روسية فوق الحدود السورية.
وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيقوسيا إن «الطرف التركي يصر على تنظيم لقاء على انفراد مع وزير الخارجية».
وأضاف «لن نتهرب وسنستمع إلى ما يريد جاوش أوغلو قوله. قد يكون لديه أمر جديد لم يرد علناً من قبل».
من جهة أخرى، قال مصدران إن تركيا تستعد لتقليص واردات غاز البترول المسال من روسيا بمقدار الربع في العام القادم مرجعين التحول إلى توتر العلاقات بين البلدين.