عرف تحريم إفشاء الأسرار منذ القدم على فئات معينة من وظائف السلطة العامة المهمة ثم امتد إلى بعض المهن مثل المحامين والأطباء والمهندسين وغيرهم، وكانت الحكمة مزدوجة من تقرير العقاب على بعض الطوائف إذا أفشت ما يصل إلى علمها من أسرار عن طريق ممارسة المهنة أو الصناعة، فكتمان أسرار الآخرين واجب خلقي تقتضيه مبادئ الشرف والأمانة هذا فضلا عن أن من مصلحة المجتمع أن يجد المريض طبيباً يركن إليه فيودعه سره وأن يجد المتهم محامياً يطمئن إلى سكوته فيصارحه بحقيقة أمره.
ولما تطورت رسالة الدولة وتزايدت واجباتها وجد كتمان أسرار المهنة تطبيقات أخرى في أعمال السلطات المختلفة، مثل التحقيقات والتوثيق وأعمال التجارة وغيرها.
تعرف جريمة إفشاء الأسرار بأنها: تعمد الإفضاء بسر من شخص أؤتمن عليه بحكم عمله أو صناعته في غير الأحوال التي يوجب فيها القانون الإفضاء أو يجيزه.
ومن هذا التعريف يبين أن أركان الجريمة ثلاثة وهي:
الركن الأول: وقوع فعل مادي هو إفشاء سر من الأسرار، ويعد الفعل المادي هنا هو إفشاء نبأ يعد لدى صاحبه سراً أي يهمه كتمانه والإفشاء هو الإفشاء بالسر إلى الآخر بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة . وقد يتحقق ذلك بإذاعته علناً في جريدة ولو كان النشر لغرض علمي أو بالتحدث به في محاضرة أو بين الناس أو بالتصريح به أو بجزءٍ منه فقط ولو إلى شخص واحد فقط ولو كان وطيد الصلة بالأمين عليه لذا يعد إفشاء أن يبوح هذا الأخير به إلى زوجته مثلاً حتى ولو طلب منها كتمانه.
الركن الثاني: أن يقع هذا الفعل من أمين عليه بحكم عمله أو صناعته والمقيدون بكتمان أسرار المهنة عدة فئات على سبيل المثال الموظفون العموميون بوجه عام بالنسبة لما يؤتمنون عليه من أسرار بحكم عملهم و المحامون وسماسرة البورصات وموظفو شركات الهواتف والبنوك.
الركن الثالث : توافر القصد الجنائي وإفشاء الأسرار جريمة عمدية فلا قيام لها إذا وقع الإفشاء عن إهمال أو عدم احتياط ، كأن ينسى الأمين ورقة تحوي سراً لأحد العملاء في مكان ما فيطلع عليها مصادفة شخص من الأشخاص.
العقوبة:
تصدى المشرع البحريني لجريمة إفشاء الأسرار في قانون العقوبات حيث نص في المادة 371 من القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مائة دينار من كان بحكم مهنته أو حرفته أو وضعه مستودع سر فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو استعمله لمنفعته الخاصة أو لمنفعة شخص آخر، وذلك ما لم يأذن صحاب الشأن بإفشائه أو استعماله.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عاملة واستودع السر أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته أو خدمته.