بغداد - (أ ف ب): تسببت تصريحات مسؤولين أمريكيين بإشراك قوات برية خاصة لمقاتلة المتطرفين في العراق بإحراج لرئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يريد دعماً دولياً في الحرب ضد تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، بسبب معارضة أطراف موالية لإيران لتواجد القوات.
ودفع المأزق السياسي العبادي إلى إعلان رفضه مشاركة قوات أجنبية برية خلال الأيام الماضية، وتصاعدت حدة الرفض عبر وصف أي مشاركة أجنبية برية لمقاتلة «داعش» بـ «العمل المعادي».
وبغض النظر عن رؤيته الشخصية لهذه المسألة، فإن تصريحات المسؤولين الأمريكيين ورد الفعل السلبي الشديد لبعض الأطراف العراقية، دفعه لاتخاذ موقف معارض وعدائي نسبياً لهذا الأمر. ففي بادئ الأمر دعا عضوا مجلس الشيوخ جون ماكين وليندسي غراهام خلال زيارة إلى بغداد إلى زيادة عدد القوات الأمريكية في البلاد بمعدل ثلاثة أضعاف.
ثم صرح وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر أن الولايات المتحدة ستنشر في العراق «قوة استكشاف متخصصة» لتنفيذ هجمات ضد «داعش» الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وسوريا. وتفرض فصائل ممثلة بـ «الحشد الشعبي» من قوات شيعية كان بعضها يقاتل القوات الأمريكية خلال الأعوام التي أعقبت اجتياح العراق عام 2003، وجودها في البلاد وسيطرتها على جبهات واسعة شمال وغرب العراق وحققت انتصارات ضد «داعش».
وبين أبرز الفصائل «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» التي أعلنت رفضها القاطع ضد تواجد قوات برية أمريكية. ولم يستهدف آلاف الجنود الأمريكيين أو مستشاري قوات التحالف الدولي المتواجدة في العراق حتى الآن بهجمات، لكن الأمر يشكل مع ذلك ضغطاً كبيراً على رئيس الوزراء. وقال المحلل السياسي كيرك سويل، مدير موقع «السياسة داخل العراق» الإلكتروني، إن «العبادي لن يتضرر شخصياً في حال قيام بعض القوات الخاصة بمهاجمة هدف عدو رئيس». وتابع «لكن ليس أمامه أي مجال للمناورة السياسية، وذلك ليس لأن الفصائل الشيعية تعارض هذا الأمر بل لأن الشارع الشيعي يقف إلى جانبها». ويرى الباحث باتريك مارتن في معهد دراسات الحرب في الولايات المتحدة أن العبادي «مضطر لإصدار هذه البيانات بدافع الضرورة ومن أجل حماية نفسه». وتتزايد مشاكل العبادي مع تواتر التصريحات الأمريكية بنشر قوات في العراق. لكن في واشنطن، يواجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضغوطاً في الاتجاه المعاكس، إذ يتعرض لانتقادات من الكونغرس ومرشحين رئاسيين جمهوريين بسبب عدم بذل جهود كافية لمحاربة «داعش».
وفيما تحدث العبادي عن رفض «إرسال أية دولة لقوات برية قتالية»، فإنه لم يندد سابقاً بالعملية التي نفذتها قوات خاصة أمريكية شمال العراق في أكتوبر الماضي، وحتى تلك سبقتها ونفذتها قوات قوة خاصة كندية. وقد تعهد أوباما تكراراً بعدم نشر «قوات على الأرض» لمحاربة تنظيم «داعش» رغم أن قوات خاصة أمريكية سبق أن نفذت عمليات ضد المتطرفين في العراق وسوريا. ويرى مسؤولون أمريكيون أن توسيع ضلوع الجيش الأمريكي لا يخالف تعهد أوباما خاصة أن الرئيس الأمريكي فسر في الآونة الأخيرة بأن مفهوم «نشر قوات على الأرض» يوازي مستوى الاجتياح الأمريكي عام 2003.
وقال أوباما لشبكة «سي بي اس» «حين قلت بأننا لن ننشر قوات على الأرض، أعتقد أن الشعب الأمريكي أدرك بأننا لن نقوم باجتياح مشابه لاجتياح العراق، في العراق أو سوريا ونشر كتائب تتحرك عبر الصحراء».