عواصم - (الجزيرة نت، وكالات): يعتمد المليونير والمرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية دونالد ترامب مبدأ البيع والشراء في كل شيء، فالرجل يريد من المسلمين أموالهم فقط، ومن الأمريكيين أصواتهم، فهو البائع الذي يسمع زبائنه ما يريدون.
ويبدو من الصدمة وردود الفعل الأمريكية أن أكثر المتشائمين لم يتوقعوا أن يشكل ترشيح ترامب أو «المرشح المضحك» للانتخابات وتصريحاته خطورة حقيقية على الأمن القومي الأمريكي، ويدعو مرشح لرئاسة أمريكا وزعيم «للعالم الحر» إلى منع المسلمين من دخول أمريكا.
فترامب الذي وصفه زميله جيب بوش بالـ»معتوه» حاول استغلال حادثة كاليفورنيا وهجمات باريس للانقضاض على المسلمين وتحميلهم وزر هاتين الحادثين، ودعا لمنعهم من دخول الولايات المتحدة ظناً منه أنها الورقة الرابحة التي تمنحه مفاتيح البيت الأبيض.
وما لم يكن يتوقعه هذا الشخص المثير للجدل أن تقوم الدنيا عليه ولا تقعد وتنهمر عليه سهام الانتقادات والاستنكار من كل فج عميق على دعوته «الفاشية والديماغوجية»، بحسب وصف مرشح رئاسي. ولكن لماذا يكره ترامب المسلمين؟ وهل يكرههم كلهم أم أن لديه قائمة يختار منها؟ وهل هو فعلاً بوجهين؟ وهل لديه صفقات ومصالح ومشاريع استثمارية مع مسلمين يجني الملايين منها؟
الجواب لدى الصحف الأمريكية التي أكدت أن الرجل يحب نوعاً واحداً من المسلمين وهم الأثرياء، ومثال على ذلك صداقته الوطيدة مع رجل أعمال عربي يملك شركة «داماك» العقارية، والذي وصفه ترامب بأنه «صديق جيد»، و»رجل عظيم»، وذلك في أعقاب المشروعات العملاقة المشتركة بينهما.
ومن تلك المشاريع مشروع «يوغ» الذي يقع على مساحة 42 مليون قدم مربعة، ويضم 104 فيلات تتراوح سعر الوحدة السكنية منها بين مليون وعشرة ملايين دولار، إضافة إلى مشروع « ترامب وورلد غولف» الذي وصفه بأنه سيكون أكبر وأفضل وأقوى من أي مشروع مشابه بالشرق الأوسط.
وأعلنت مجموعة «لاندمارك» الإماراتية سحب منتجات ترامب من أكثر من 190 متجراً في الشرق الأوسط وباكستان واليمن وليبيا وتنزانيا. وتنتشر مصالح ترامب الذي قال إنه «سيكون مجبراً على إعطاء المسلمين بطاقات تعريف خاصة توضح فيها ديانتهم» في أذربيجان وتركيا وإندونيسيا، بحسب أحدث إفصاح مالي شخصي يطلب من جميع المرشحين للرئاسة.
ففي العاصمة الأذرية باكو أعلن ترامب -الذي أكد ترحيل أي لاجئ سوري يدخل البلاد إذا انتخب رئيساً- شراكة لفتح فندق فخم على بحر قزوين، وتذكر مستندات ترامب دخلاً يبلغ 2.5 مليون دولار من «الرسوم الإدارية» لفندق وبرج ترامب إنترناشيونال في باكو.
وفي قلب إسطنبول تقف «أبراج ترامب» منتصبة في منطقة «سيسلي»، وهي عبارة عن برج سكني مكون من 40 طابقاً، ويوضح ترامب على موقعه الإلكتروني أنه لا يملك العقار، ولكن ملاكه حصلوا على تفويض منه باستخدام اسمه، وتذكر مستندات ترامب دخلاً من الترخيص تتراوح قيمته بين مليونين و5 ملايين دولار.
وعلى الرغم من تأكيده أن مسلمي ولاية نيوجيرسي احتفلوا بهجمات سبتمبر 2001 تتمدد إمبراطورية ترامب المالية إلى إندونيسيا أكبر دولة إسلامية بالعالم، إذ أعلن قبل بضعة أشهر خططاً لبناء منتجع فخم في جزيرة بالي، وملعب للغولف غرب جزيرة جاوة.
وما لا يعرفه «الواعظ الكريه» كما وصفته عضوة في مجلس العموم البريطاني أن المسلمين في أمريكا - بحسب شبكة «سي أن أن» - قدموا خدمات جليلة لبلاد العم سام، فهم، حذروا السلطات الأمنية من «إرهابيين مشتبه بهم» أكثر مما قامت به أجهزة الاستخبارات الأمريكية، وهم أكثر أقلية متنوعة عرقياً في البلاد، وتشير تقديرات إلى أن نسبتهم تبلغ 1% من التعداد السكاني، وأن نسبتهم تصل إلى 2.5% في عام 2050، إضافة إلى أنهم مثقفون بصورة أفضل من أغلب الأمريكيين، كما أنهم يؤمنون بالمساواة بين الجنسين بصورة أكبر من أي مكان في العالم، حيث إن 90% منهم يؤيدون عمل المرأة خارج المنزل، في الوقت الذي تحمل فيه النساء المسلمات شهادات جامعية بنسبة تفوق الرجال المسلمين.
وكما يقال «إذا عرف السبب بطل العجب»، تشير «سي أن أن» إلى أن مصدر معلومات ترامب بشأن الإسلام هو فرانك جافني أحد أعتى دعاة الإسلاموفوبيا بأمريكا، والذي يعتزم مركز «ساوثرن بوفرتي» المعني بمراقبة الدعوات والنزعات العرقية المتشددة إضافته إلى قائمة «دعاة الكراهية» لعام 2016.
ووصلت الأمور في بريطانيا حد نشر عريضة على المواقع الإلكترونية تطالب الحكومة والبرلمان بمنع ترامب من دخولها، حيث وقع على العريضة أكثر من مئة ألف، مما يعني أنها قد تناقش بمجلس العموم بعد زعم ترامب أن «عناصر الشرطة في لندن يخافون على حياتهم من بعض المجتمعات المتطرفة بالمدينة».
وقدمت إحدى الصحف نصيحة للمسلمين الذين يودون خطب ود ترامب أن ينظموا حملة ويدفعوا أموالاً له «كي ينادينا أصدقاء جيدين».