دعا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، إلى تضافر جهود المجتمع الدولي لبناء أسس نظام عالمي يعزز من قيم السلام والتعايش بين الشعوب والقضاء على النزاعات والحروب في كل مكان، مؤكداً أن جوهر حقوق الإنسان هو الحفاظ على النفس البشرية وصيانة كرامتها.
وقال سموه في رسالة وجهها للعالم بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان المصادف اليوم تحت شعار «حقوقنا.. حرياتنا.. دائماً» إن «ما تشهده العديد من مناطق العالم اليوم من صراعات إشغال الدول والمجتمعات عن السير على طريق التنمية، وهو ما يتطلب عملاً دولياً جماعياً يحقق للشعوب الرخاء ويحفظ للإنسان إنسانيته، ويوفر للإنسانية أسباب العيش بكرامة».
وأضاف سموه أن البحرين نجحت في إرساء منهجية مميزة على صعيد صيانة واحترام حقوق الإنسان، مرتكزة على منظومة تشريعية وقانونية عمادها مبادىء الشريعة الإسلامية، والالتزام باتفاقات دولية صادقت عليها المملكة في هذا المجال.
وأكد سموه حرص المملكة على صيانة حقوق الإنسان وتعميقها في المجتمع كثقافة وممارسة، ينبع من الإيمان بأن حفظ كرامة الإنسان أمر لا يمكن الاستغناء عنه لأي مجتمع يريد الوصول لأعلى درجات الرفعة والإنجاز.
وشدد سموه على أن البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، استطاعت وباقتدار أن ترسي نموذجاً رائداً في مجال حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لافتاً إلى أن المسيرة مستمرة نحو مزيد من التحسين بشكل يسهم في رفع اسم المملكة وسمعتها في مختلف التجمعات الإقليمية والدولية.
واعتبر سموه صيانة واحترام حقوق الإنسان مكوناً أصيلاً في الثقافة البحرينية، لافتاً إلى أن المجتمع البحريني عبر السنين اتسم بالتعايش والمحبة والوئام تغذيه أرضية صلبة من التنوع المذهبي والفكري، فكانت ولاتزال وطناً يحتضن جميع من يعيش على أرضه دون تفريق أو تمييز.
وأكد سموه أن هذا التنوع الفريد داخل المجتمع البحريني، كان وسيبقى مصدر قوة، وعاملاً أساساً تستند عليه البحرين في مسيرتها التنموية، مضيفاً «نحن لدينا خليط متجانس يضرب به أروع الأمثلة في الانتماء والعمل من أجل رفعة الوطن وتقدمه». وذكر سموه أن البحرين تفخر وتعتز بأنها صاحبة المبادرة لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان في الدول العربية، من خلال مقترح جلالة الملك المفدى بإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان تحت مظلة الجامعة العربية، ما يؤكد مدى إيمان البحرين العميق بأهمية حقوق الإنسان كقيمة سامية ومنجز حضاري للبشرية. وقال سموه «إن عطاء البحرين الإنساني وجذورها الحضارية القائمة على التسامح والانفتاح على الآخرين قامت عليها نهضتها المعاصرة ومجتمعها المدني المنفتح».
وعد سموه البحرين من أوائل الدول المحققة للأهداف الإنمائية للألفية نظراً لما توليه من أهمية لقضايا التنمية المستدامة، وأجزلت في الإنفاق على الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية وفاء منها لمتطلبات شعبها ومشاركة منها في ازدهار المستقبل الإنساني.
واعتبر سموه الاحتفال بمناسبة ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان بما يحمله هذا اليوم من قيم إنسانية نبيلة، فرصة للعمل نحو مزيد من التحسين لواقع حقوق الإنسان، ومواجهة كل ما يمثل تهديداً لحياة البشر في مختلف أرجاء العالم.
وأوضح سموه أن البحرين تولي أهمية بالغة لموضوع حقوق الإنسان ولها إسهاماتها الإيجابية في الالتزام بأعلى معايير حقوق الإنسان العالمية، وتنتهج مبدأ الشراكة المجتمعية بهدف النهوض بدرجة الوعي ودعم مشاركة مؤسسات المجتمع المدني المختصة بهذا المجال.
وأضاف سموه أن البحرين تشارك العالم توجهاته لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتعزيز الحريات، وضمان حقوق البشر في كل مكان في العيش بأمن وسلام واستقرار، داعياً إلى إيلاء مزيد من الاهتمام بترسيخ دعائم الأمن والاستقرار العالمي كمنطلق نحو حياة كريمة ينعم فيها الجميع بالرخاء والازدهار.
وشدد سموه على أن خطر الإرهاب بات اليوم العامل الأكثر تهديداً لحقوق الإنسان، باعتباره اعتداء مباشر على حق الإنسان في الحياة والعيش في أمان، ما يتطلب أن تتحد الخطوات لمكافحته وتجفيف منابعه ضمن رؤية متكاملة لا تقتصر فقط على الحلول الأمنية والعسكرية، بل تجتث الإرهاب من جذوره.
وطالب سموه بضرورة تعزيز الشراكة الدولية من أجل التصدي لأعمال الإرهاب وتعزيز الأمن العالمي حتى ينعم الإنسان أينما كان بالسلام والأمن والازدهار.
وأكد سموه أنه لا بديل عن التعاون الدولي ضمن رؤية جماعية تعزز من قدرات الدول على صعيد التنمية المستدامة، وتوفر البيئة الصالحة لعمل إيجابي يرتقي بالمستوى المعيشي والظروف الحياتية كحق للبشر في كل مكان.
وجدد سموه التأكيد على ضرورة ألا تستغل القيم النبيلة لحقوق الإنسان كأداة للتدخل في شؤون الدول أو إثارة الفتن والشقاق بين أبناء المجتمع الواحد، وأن يدرك الجميع أن حماية وصون حقوق الإنسان ليس وسيلة وإنما هدفاً نحو حياة أفضل وعالم يسوده الأمن والاستقرار. وحذر سموه من خطورة ترك المجال أمام خطابات الكراهية والطائفية لتنال من وحدة الشعوب ومساعيها على طريق التقدم، داعياً إلى مساندة كل تحرك غايته تعميق التفاهم بين الشعوب والثقافات.
وأشار سموه إلى أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللذين شارف العالم على الاحتفال بذكرى مرور خمسين عاماً على اعتمادهما عام 1966، يشكلان نقلة مهمة في التاريخ البشري بما يتضمناه من مبادئ إنسانية راقية تقوم على نظرة متكاملة للحقوق في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشاد سموه بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وجهودها في الحفاظ على المنجزات الحقوقية والتطورات الإيجابية التي تشهدها البحرين في مجال حقوق الإنسان.
وأثنى سموه على ما تبذله الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون من جهود من أجل تعزيز حقوق الإنسان وترسيخها على النطاق الدولي، مشدداً على أهمية أن يتشارك المجتمع الدولي في دعم كل جهود المنظمة الدولية للارتقاء بأوضاع الشعوب في مختلف البلدان.