لخص «إعلان الرياض» الصادر في ختام أعمال الدورة الـ36 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية، إمكانية الاتفاق بين عدد من دول التعاون على أية إجراءات تكاملية، على أن تتبعها بقية الدول في الوقت المناسب.
وتضمنت رؤية خادم الحرمين الشريفين تسريع استكمال منظومتي الأمن والدفاع بين دول المجلس بما يشكل سداً منيعاً أمام التحديات الخارجية، وتعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون ودوره في القضايا الإقليمية والدولية.
واتفق قادة التعاون على تسريع إجراءات إنفاذ قرارات المجلس الأعلى، وإجراءات التصديق على الأنظمة والقوانين والاتفاقات لضمان إنفاذها في مواعيدها، والإعداد لمؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن وبرنامج عملي لتأهيل الاقتصاد اليمني.
ونص «إعلان الرياض» على أن قادة التعاون اتفقوا على استكمال الخطوات نحو التكامل والترابط بين دول الخليج، وإنهاء المرحلة الانتقالية للاتحاد الجمركي الخليجي العام المقبل. وجرى الاتفاق على تبسيط إجراءات المنافذ الجمركية تمهيداً لإلغائها، واستكمال خطوات تنفيذ السوق الخليجية المشتركة خلال 2016، وتشكيل هيئة قضائية خليجية خلال العام المقبل.
وقرر القادة الموافقة على إصدار النظام التجاري الموحد وقوانين المنافسة ومكافحة الغش التجاري، واستكمال تحويل الأنظمة الاسترشادية الحالية إلى قوانين إلزامية.
وأسند القادة الخليجيون للأمانة العامة لمجلس التعاون مهمة رصد ومراقبة انتشار الأوبئة في المنطقة، واعتماد برامج أكاديمية لدراسة وتطوير التجربة التكاملية لدول التعاون. واستعرض قادة دول مجلس التعاون في هذه الدورة مسيرة العمل المشترك، والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالمنطقة والعالم، وانعكاساتها المباشرة على دول مجلس التعاون الخليجي، مستلهمين الدور والمسؤولية التاريخية التي تضطلع بها دول المجلس، كجزء من أمتها العربية والإسلامية.
وقال «إعلان الرياض» إن الحاجة أصبحت ملحة لمضاعفة الجهود لاستكمال خطوات مهمة بدأها المجلس نحو التكامل والترابط والتواصل بين دوله ومواطنيه، وإعلاء مكانة المجلس وتعزيز دوره الدولي والإقليمي، والارتقاء بأداء أجهزة المجلس لتحقيق هذه الأهداف.
وأوضح رؤية خادم الحرمين الشريفين بشأن تعزيز التكامل بين دول المجلس، ووافق عليها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في هذه الدورة، بشأن أولويات العمل الخليجي المشترك خلال العام المقبل.
وأضاف الإعلان أنه بعد مرور 13 عاماً على تأسيس الاتحاد الجمركي لدول المجلس في يناير 2003، والذي كان خطوة مهمة في تاريخ المجلس، أصبح من الضروري إنهاء المرحلة الانتقالية خلال عام 2016، إذ جرى الاتفاق على استكمال ما تبقى من متطلبات الاتحاد الجمركي وفق ما نصت عليه المادة الأولى من الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس. ويشمل الاستكمال إجراءات حازمة لتسهيل وتسريع وتبسيط إجراءات المنافذ الجمركية بين دول المجلس تمهيداً لإلغائها، واستكمال المعاملة المميزة لمواطني دول مجلس التعاون وأسرهم في جميع المنافذ البينية دون استثناء. وأكد أنه بعد مرور سبعة أعوام على تأسيس مشروع السوق الخليجية المشتركة، القائمة على مبدأ المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين في جميع المجالات الاقتصادية، تم الاتفاق على استكمال خطوات تنفيذ السوق خلال العام المقبل، بتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في كافة المجالات الاقتصادية دون تفريق أو تمييز، وفقاً للمادة (3) من الاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس، وقرار المجلس الأعلى في الدورة (23) ديسمبر 2002.
واتفق القادة على تشكيل الهيئة القضائية بعد أن أصبحت مطلباً ملحاً خلال العام المقبل، لضمان سلاسة التنفيذ ومراعاة حقوق المواطنين في هذه المشاريع التكاملية.
ولتعظيم استفادة المواطن وقطاع الأعمال مما توفره خطوات التكامل الاقتصادي من إمكانات، جرى الاتفاق على سرعة استكمال منظومة تشريعات اقتصادية تساعد على تقريب وتوحيد البيئة القانونية في دول المجلس، بما في ذلك إصدار القانون التجاري الموحد، وقانون المنافسة، وقانون مكافحة الغش التجاري وغيرها، واستكمال دراسة تحويل الأنظمة الاسترشادية الحالية إلى قوانين إلزامية، ورفعها للقمة المقبلة 2016 لاعتمادها.
وبهدف زيادة التنسيق والتكامل بين جهود دول المجلس في المجالات كافة، تؤدي الأمانة العامة عملاً مؤسسياً أكبر في المجالات التالية:
- في مجال حماية البيئة، لتبادل الخبرات بين دول المجلس ومع المنظمات الدولية والإقليمية المختصة، واقتراح السياسات والقرارات الخاصة بالحفاظ على البيئة البحرية لدول المجلس، ومعالجة التصحر، ونضوب المياه الجوفية، والتغير المناخي.
- تنسق الأمانة العامة مع الجهات المختصة في دول المجلس برصد ومراقبة انتشار الأوبئة في المنطقة.
- بهدف تعزيز حماية المستهلك في دول المجلس، فإن الأمانة العامة تتولى دوراً أكبر في هذا المجال، وتنسيق جهود جمعيات حماية المستهلك والجهات المختصة في دول المجلس.
- بهدف تعزيز وتنسيق جهود دول المجلس في مجال حماية المعوقين، تتولى الأمانة العامة العمل على تحقيق التكامل في هذا المجال بين دول المجلس، واستكمال منظومة الإجراءات والتشريعات اللازمة.
- في مجال العمل التطوعي، تضع الأمانة العامة الآليات اللازمة لتنسيق الجهود اللازمة لتشجيع العمل التطوعي في دول المجلس.
- تنشئ الأمانة العامة بالتعاون مع جامعات دول المجلس، برامج أكاديمية تخصص لدراسة وتطوير التجربة التكاملية لدول المجلس.
وبهدف تعزيز قدرات وإمكانات الأمانة العامة لمجلس التعاون على تنفيذ هذه المهام الموكلة إليها، سيتم وضع كافة المؤسسات والمنظمات والمكاتب الخليجية تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون، وبإشراف المجلس الوزاري واللجان الوزارية المختصة المسؤولة عن نشاط المؤسسة أو المنظمة أو المكتب الخليجي، ما يساعد على ترشيد الإنفاق وتفادي الازدواجية، وضمان اتساق عمل المنظمات الخليجية والتنسيق بينها، واندماجها في العمل الخليجي المشترك.
ومما يزيد من سرعة وتيرة الإنجاز في إطار المجلس، تضمنت رؤية خادم الحرمين الشريفين، إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها في إطار المجلس، على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسباً لها.
وأقر قادة التعاون تسريع إجراءات إنفاذ قرارات المجلس الأعلى، وإجراءات التصديق على الأنظمة والقوانين والاتفاقات المعتمدة من المجلس، لضمان إنفاذها في مواعيد يحددها المجلس، ما يسرع من استفادة المواطن من خطوات تكاملية يتبناها المجلس الأعلى.
وتهدف رؤية خادم الحرمين الشريفين، وأقرها قادة دول المجلس، إلى تسريع وتيرة التعاون وخطوات الترابط الأمني والعسكري المؤدية إلى استكمال منظومتي الأمن والدفاع بين دول المجلس، بما يشكل سداً منيعاً أمام تحديات خارجية تواجه دول المجلس والمنطقة.
وتهدف الرؤية السامية إلى تعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون ودوره في القضايا الإقليمية والدولية، وإنجاز الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية، بما يعود بالنفع على مواطني دول المجلس والمنطقة.
وأكدت دول المجلس في البيان الختامي الصادر عن الدورة، على مواقفها الثابتة حيال القضايا العربية والدولية، وعزمها على الاستمرار في مد يد العون للأشقاء لاستعادة أمنهم واستقرارهم ومواجهة ما تتعرض له المنطقة العربية من تحديات.
وشددت دول التعاون على دعمها غير المحدود للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، ومساندتها للشعب الفلسطيني أمام إجراءات قمعية تمارسها إسرائيل، ورفض الإجراءات الإسرائيلية في القدس الشريف.
وفي الشأن اليمني، أكدت دول المجلس حرصها على تحقيق الأمن والاستقرار، تحت قيادة حكومته الشرعية، ودعم الحل السياسي وفقاً للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، ليتمكن اليمن من تجاوز أزمته ويستعيد مسيرته نحو البناء والتنمية. ودعت دول المجلس إلى الإعداد لمؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن، ووضع برنامج عملي لتأهيل الاقتصاد اليمني وتسهيل اندماجه مع الاقتصاد الخليجي، بعد وصول الأطراف اليمنية إلى الحل السياسي المنشود.
وأعلنت دول المجلس دعمها للحل السياسي في سوريا ولما يخرج به مؤتمر المعارضة السورية المنعقد في الرياض في 8-10 ديسمبر 2015 من نتائج، بما يضمن وحدة الأراضي السورية واستقلالها، وفقاً لمبادئ جنيف1، كما رحبت بنتائج مؤتمر فيينا للأطراف المعنية.
وقالت دول المجلس إن دول العالم تتحمل مسؤولية مشتركة في محاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه أياً كان مصدره، وبذلت دول المجلس الكثير في سبيل ذلك، وتستمر في جهودها بالتعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة بهذا الشأن، مؤكدة «أن الإرهاب لا دين له، وأن ديننا الحنيف يرفضه، فهو دين الوسطية والاعتدال والتسامح». وأضافت أن رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك، والقرارات المتخذة من المجلس الأعلى في هذه الدورة، توفر النهج الأمثل لتحقيق هذه الأهداف خلال العام المقبل، بينما تتولى المملكة العربية السعودية بالتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء والأمانة العامة لمجلس التعاون، لوضعها موضع التنفيذ خلال فترة رئاستها للمجلس.
وأوضح إعلان الرياض» أن هذه الاتفاقات تأتي «بهدي من ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء، وانطلاقاً من أهداف وغايات النظام الأساسي لمجلس التعاون، ما يستوجب تقوية وتعزيز المواطنة الخليجية، ومن المصالح المشتركة لمواطني دول المجلس، وروابط القربى والتاريخ والمصير المشترك بينهم. وإيماناً بأهمية هذه المسيرة المباركة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وترسيخاً لمفهوم التكامل بينها في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، وصولاً إلى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون الذي سنه مؤسسو هذا الصرح الكبير منذ 35 عاماً، وتعزيزاً للدور المتنامي لمجلس التعاون في خدمة قضايا محورية تهم دول المجلس ومواطنيه».