عواصم - (الجزيرة نت، وكالات): لم يكتف «حزب الله» الشيعي اللبناني خلال عام 2015 بالمشاركة في المعارك في سوريا بالقرب من الحدود مع لبنان حيث كان مبرر التدخل منع انتقال النار من سوريا إلى لبنان وحماية مقام السيدة زينب في دمشق، بل تجاوز ذلك ليشارك في المعارك بالعمق السوري وبمختلف الجبهات، وتحول في الكثير من الحالات إلى قائد للعمليات، في حين قام جيش النظام السوري بدور المساند، مؤخراً، مستفيداً من الغارات الروسية. أما في اليمن البعيد عن لبنان، فيبدو أن الحزب اكتفى بتقديم الدعم اللوجستي والاستشاري للحوثيين. ورغم أنه لا أرقام دقيقة عن عدد قتلى الحزب في سوريا فإن تقديرات أشارت إلى أنهم تجاوزوا 1500 شخص بخلاف آلاف الجرحى منذ بداية الأزمة السورية، وأن أكثر من 350 قتلوا خلال العام الحالي. ويجاهر «حزب الله» بقتاله في سوريا إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد على اعتبار أنهما في حلف المقاومة الذي يواجه إسرائيل، وينتقد خصوم الحزب وخاصة اللبنانيين منهم بشدة تورطه العسكري بسوريا وغيرها، معتبرين أن لذلك تداعيات أمنية على الساحة اللبنانية. ويتكبد الحزب خسائر فادحة لتدخله بسوريا، وقالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن «حزب الله» - الذي يعتبر الوكيل الأهم لإيران بالمنطقة - صار ينزلق في المستنقع السوري أكثر من أي وقت مضى، وأنه يواجه خطر فقدان صورته كقوة قتالية بالمنطقة.
وأضافت المجلة أن «حزب الله» يتكتم بشأن عدد مقاتليه المنتشرين في سوريا، ولكن مسؤولين ومحللين غربيين يعتقدون أن لديه ما بين 6 و8 آلاف مقاتل بالبلاد. وأبدى مسؤولون دوليون رفضهم لتدخل «حزب الله» في سوريا ومن بينهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي عبر في أكتوبر الماضي عن قلقه من تورط الحزب في القتال الدائر بكل من سوريا والعراق واليمن، معتبراً أن من شأن ذلك أن يعرض أمن واستقرار لبنان للخطر. وأكد أن مشاركة الحزب في حروب خارجية يقوض سياسة النأي بالنفس التي أجمعت عليها القوى اللبنانية في إعلان بعبدا عام 2012.
داخلياً، انتقدت جهات عدة تدخل الحزب بالحرب السورية خاصة قوى «14 آذار». وكان من اللافت مواصلة الأمين العام السابق لـ «حزب الله» صبحي الطفيلي انتقاده لتدخل الحزب بالأزمة السورية بل واعتبر أن من يقتل من أفراد الحزب في سوريا فمصيره جهنم.
وقد ألقت مشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا بظلالها على الداخل اللبناني وأدت إلى المزيد من التوتر الداخلي، وتعد التفجيرات التي شهدها لبنان أبرز التداعيات لتدخل الحزب في سوريا.ويعتقد أن الحزب لن يستطيع، بعد التفجير المزدوج بالضاحية ببيروت في نوفمبر الماضي وما سبقه من تفجيرات في عرسال والقلمون، أن يتأرجح بين تبريراته «الطائفية» و»الوطنية» لإضفاء شرعية على مشاركته بالحرب في سوريا.
ويرى مراقبون أنه إذا لم يقرر الحزب وبسرعة مراجعة سياساته، فإن الوضع سيصبح أكثر تعقيداً، وستكثر التفجيرات والاغتيالات في لبنان.
وفي اليمن، ينفي المتمردون الحوثيون وجود أي خبراء عسكريين من «حزب الله» أو إيران لإدارة معارك مسلحي الجماعة في اليمن.
ويستبعد مراقبون مشاركة «حزب الله» العسكرية الكبيرة المباشرة في اليمن لانتفاء كثير من مبررات قتاله في سوريا. ويرى هؤلاء أنه إذا لم يقرر الحزب وبسرعة مراجعة سياساته، فإن الوضع سيصبح أكثر تعقيداً، وستكثر التفجيرات والاغتيالات في لبنان. كما إن مشاركة الحزب في سوريا واستنزاف قدراته فيها عسكرياً ولوجستياً يضع موانع موضوعية ستحد إلى درجة كبيرة من أي تفكير جدي بالتورط في اليمن.