أبوذر حسين


أكد النائب البرلماني الألماني السابق، من أصل سوري، جمال قارصلي أنه عندما تضع خارطة إيران أمامك وترى مساحتها الشاسعة التي تمتد من بحر العرب جنوباً إلى بحر قزوين شمالاً ومن باكستان شرقاً إلى تركيا غرباً, وتطلع على ثرواتها الطبيعية والبشرية, تظن بأنك تقف أمام بلد عظيم ينعم بالأمان والاستقرار وأن شعبه يعيش في بحبوحة ورفاهية لكنك عندما تتعمق في واقع هذا البلد وتستطلع على ما يدور في داخله وعلى أطرافه من توتر وأزمات ستجد بأنك بعيداً كل البعد عن انطباعك الأول وتبدو لك صورة هذا البلد وكأنك تقف أمام نمر من ورق مهدد بالتفسخ والانهيار أمام أول عاصفة يتعرض لها.
وأضاف أثناء مشاركتي في مؤتمر «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» الأخير في العاصمة الدانمركية كوبنهاغن ولقائي مع الكثير من الأخوة الأحوازيين وكذلك مع ممثلين لمكونات أخرى في المجتمع الإيراني تبين لي بأن المجتمع الإيراني يقف أمام حالة تمزق وانهيار كبيرة وأحد أهم أسباب هذا الانهيار تكمن في الاستراتيجية الخاطئة التي اتبعتها ثورة الخميني منذ بدايتها والتي تعتمد على سياسة التوسع على حساب الدول المجاورة والتدخل في شؤون الدول الأخرى بناء على ما تنص عليه المادة 117 من الدستور الإيراني.
وأشار إلى أن الساسة الإيرانييين يعلمون جيداً التناقضات الداخلية الكثيرة الموجودة في مجتمعهم والاحتقان الاجتماعي الذي يزداد كل يوم توتراً, وأن الأغلبية الساحقة من جيل الشباب أصبحت في حالة تذمر قصوى من طريقة حكمهم لها, حيث صار الشباب يعيشون في حالة انفصام كبيرة بين خارج المنزل وداخله, إضافة إلى المكونات المتعددة التي يعمل النظام الإيراني على «فرسنتها» منذ عقود طويلة والتي باءت بالفشل.
وبين أن السياسة التوسعية الإيرانية وفتحها للجبهات في دول كثيرة مثل العراق وسوريا واليمن والبحرين وانخفاض أسعار البترول والمصاريف الهائلة التي دفعها النظام من أجل برنامجه النووي أوقعت البلد في أزمة اقتصادية خانقة ما زاد من هشاشة وتصدع البيت الداخلي لإيران والتي ستسارع في انهياره.
وأوضح أن ملالي طهران عملوا دائماً على نقل أزماتهم إلى خارج البلاد لإبعاد الأنظار عما يحصل في داخلها وعلى خلق عدو خارجي من أجل رص الصفوف في داخل المجتمع الإيراني والذي هو خليط كبير من قوميات وعرقيات وديانات مختلفة والتي هي متناقضة ومتناحرة فيما بينها ولو ذكرنا هنا فقط المكونات الكبرى للمجتمع الإيراني فهي إلى جانب الفرس يوجد آذريين (أتراك) والكورد وجيلاك ومازندرانيون وعرب ولور وبختياري وتركمان وأرمن. أغلب هذه المكونات تشعر بأنها مضطهدة وتستنكرالتمييز العرقي الكبير بينها وبين المكون الفارسي والمهيمن على مفاصل القرار والاقتصاد في البلاد, فلهذا نشأت حركات تحرر كثيرة بين مكونات المجتمع الإيراني ضد الاضطهاد الفارسي.
وقال إن السياسة الإيرانية بطبعها عدائية ومبنية على استراتيجية «الهجوم أفضل دفاع» وهي تبحث عن أية ذريعة كانت صغيرة أم كبيرة من أجل التدخل في شؤون البلاد المجاورة وحتى غير مجاورة.
ولو نظرنا إلى إحدى هذه الذرائع التي تسوقها إيران من أجل التدخل في شؤون سوريا الداخلية فهي تزج بالميليشيات الشيعية المقاتلة إلى داخل سوريا وتدعي بأن هدفها هو الدفاع عن «عتبات» أو»مراقد» شيعية مقدسة فقط لدى الطائفة الشيعية بالرغم من أن هذه «العتبات» و»المراقد» ظلت محمية لأكثر من ألف سنة من قبل المسلمين وغير المسلمين.
وكذلك ما تقوم به إيران من أعمال «تبشيرية» ومحاولات «تشيّع» في دول كثيرة وما تقوم به من غزو فكري للعالم العربي يمكن التأكد منه من عدد القنوات الفضائية التي تبث باللغة العربية ومن خلال عدد مراكز البحوث والجرائد والمجلات التي تمولها إيران في تلك الدول, فعلى سبيل المثال لا الحصر, يوجد في القاهرة لوحدها أكثر من 83 دار نشر ومركز دراسات يتم تمويلها من إيران بشكل مباشر.
ونوه إلى أنه إن لم تكف إيران عن سياستها العدائية هذه, فإن دول الجوار ستضطر وخاصة دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وكذلك تركيا إلى أن تطالب بطرد إيران من كل المنظمات الإسلامية وخاصة «مؤتمر التعاون الإسلامي» وأن تفضح انتهاكاتها لحقوق الإنسان وممارستها «للفرسنة» على مكونات المجتمع الإيراني غير الفارسية وأن تقوم بالرد على أعمال إيران بنفس الطريقة التي تستخدمها ألا وهي التحول من استراتيجية الدفاع إلى الهجوم وذلك بالعمل على دعم حركات التحرر الموجودة في داخل إيران ومنها على سبيل المثال «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» وكذلك حركات التحرر الأذارية أو المنحدرة من أصول تركية.
نحن نعلم بأن الفرس هم أقلية في المجتمع الإيراني وأن هنالك مكونات أخرى أكبر من المكون الفارسي عدداً مثل المكون الأذاري وإن أضفنا إليه المكون التركماني والمكونات الأخرى المنحدرة من أصول تركية.
وشدد على أن الطرف التركي يستطيع أن يدعم المكونات المنحدرة من أصول تركية مادياً ومعنوياً ودبلوماسياً وإعلامياً وأما الطرف العربي فيستطيع أن يدعم حركات التحرر الأحوازية وبكل الإمكانات المتاحة له والعمل على منح الأحوازيين مقعداً دائماً في جامعة الدول العربية.
وتستطيع كل حركات التحرر غير الفارسية في إيران أن توحد كلمتها وترص صفوفها لخوض معركة مشتركة من أجل تحررها والحصول على حق تقرير مصيرها.
وأفاد أنه على النظام الإيراني أن يغير استراتيجيته في المنطقة من أجل التعايش السلمي بين شعوبها وأن يعلم بأن الصداقات الدائمة هي التي تتم بين الشعوب وليس بين الطغاة والديكتاتوريات وأًن إرادة الشعوب لا تقهر وأن نظامه أوهن من بيت العنكبوت وأنه لم يجلب معه إلى المنطقة إلى يومنا هذا إلا الخراب والدمار وإن تابع سياسته الرعناء هذه فإن نظامه سينهار عاجلاً أم آجلاً وعليه أن يعلم بأن من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة.