منذ اليوم الأول لاستشهاده بمنطقة الديه ضربت عائلة الشهيد الملازم أول طارق الشحي مثالاً للصبر والعزة والفخر بوجود شهيد في العائلة.. مثالاً جسدته مشاعر حب عميق وولاء وانتماء أعمق للوطن بدت واضحة على ملامح والدته وزوجته وإخوته، رغم حجم الحزن وفداحة خسارة عزيز على القلب.
عائلة الشهيد طارق الشحي بأكملها لم تكتف بكونها ضربت مثالاً للصبر على المصيبة، بل وأعطت نموذجاً رائعاً لوحدة الدم الخليجي، وأن من يستشهد بالبحرين بحريني بغض النظر عن جنسيته، وأن الخليج العربي دولة واحدة وأبناء جلدة واحدة.
العائلة، أكدت مراراً من خلال التصريحات لوسائل الإعلام ووكالات الأنباء، أن التربية على الشهادة والتضحية فداء للوطن، أسمى ما يمكن تعليمه للأطفال فضلاً عن الكبار. كما إنها قدمت سبيلاً رائعاً في تربية أطفال الشهيد على الفخر بأبيهم، وترسيخ معنى البطولة في أنفسهم.
والدته أيضاً، أخذت على عاتقها المسؤولية الاجتماعية، بأن تواسي وتعلم عوائل الشهداء، إذ قالت لوالدة الشهيد سيف الفلاسي الذي استشهد في اليمن ما نصه «أكتب إليك لأقول إن السماء ترتجف فرحاً كلما صعدت أرواح فلذات أكبادنا للقاء ربها مطمئنة لتستقبل شهداء الإمارات الذين رفعت أرواحهم عالياً، مستبشرة بما وعدهم الله، فحن ننتظر لقاء الأحبة في جنات الخلد والنعيم، كما وعد من لا يخلف الوعد، بالدموعٍ تحجرت في المقل، فحزننا سيبقى حزناً شامخاً أصيلاً لا يضاهيه أي حزن على الأرض، فسلام على أمهات أثمرت بطونها أبطالاً كتبت أسماؤهم في دفتر المجد شهداء».
أما عوائل الشهداء، غلام مصطفى، وياسر خان، ومحمود فريد، وعلي محمد، وحامد رسول، وناويد أحمد، الذين لم يتسن لـ»الوطن» لقاءهم، فهم بدورهم ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والعرفان، فالعديد منهم مازالوا يعملون في السلك العسكري، بشقيه قوة الدفاع ووزارة الداخلية، ولم يهابوا كما بقية ذوي الشهداء من مواجهة المصير ذاته الذي واجهه أبناؤهم.
هؤلاء الشهداء، وعلى اختلاف أعمارهم، ومسمياتهم، إلا أن ما جمعهم هو حب التضحية، وعدم الخوف من مجابهة الموت، والقدرة على فداء الوطن، وتقديم أروع الأمثلة في الدفاع عن أرضه.
أما عوائل الشهداء، فإنهم وإن اختلف عدد أفراد عائلاتهم، ومستوياتهم المادية والتعليمية، فإنهم جميعاً، يتقاسمون روح الفخر والاعتزاز الممزوجة بألم الفراق، كما تجمعهم القدرة على التضحية مجدداً بالغالي والنفيس، في سبيل الوطن.