حين تعود مقلباً صفحات أيامك عائداً إلى ذكرياتك باحثاً عن ما كرست له حياتك عما صور لك أنه أهم ما في حياتك، وأن في غيابه سوف تفقد طعمها ولونها ومعناها، ذلكم الشيء الذي كان في الماضي يحتل قلبك ويشغل بالك، خسرت لأجله الكثير وعشت لأجله «مرير»، ذلكم الشيء نفسه لا أهمية له فقد مضى وبرحيله تلاشت صورته وظلاله، سيتفاجأ كيف أمضيت أيامك مدافعاً عنه مستميتاً لأجله.
كان ولعك بذاك الشيء يحتل كيانك ووجدانه كلمة عابرة كانت كافية لتوقظ في فيك سيلاً من غضب كبير يقذفه عقله كحمم بركان رهيب، في كل اتجاه هذا كان حالك، وحين تهدأ الجروح وتذبل ألوانها وتبوح بأنها كانت مجرد خيالات نفس واهمة غاضبة متعبة من الداخل ومنهكة، ستكون الدهشة تصيبك ومعها الذهول، الأمر برمته يبدو الآن في منتهى الغموض لماذا فعلت كل هذا؟ كيف آل لهذا المنحدر من وجود؟
افتح قلبك قبل أن تشرق الشمس، إنه مجرد أن يلمسه النور، مجرد مروره بداخله، مجرد عبوره فيه، ستكتشف حقيقته، من تكون؟ وماذا تريد؟ وترى نفسك تفقد أهمية كل ما هو سيفنى ويخسر قيمته، فتبدو اللحظة التي تلي لحظته خالية من كل شيء وكأنه ما كان، وكأنه لم يمر أبداً حدث على صفحات الأيام.
علي العرادي
اختصاصي تنمية بشرية