باريس - (أ ف ب): يمارس الغربيون ضغوطاً كبيرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا التي تعد محاوراً لابد منه في المعركة التي يفترض أن يشنوها لمواجهة الخطر المتنامي لتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي في البلاد. واعتبر مارك بييريني المحلل لدى مؤسسة كارنيغي والسفير السابق للاتحاد الأوروبي في تونس وطرابلس، انه بعد الاتفاق الذي أعلن في المغرب بين الاطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة، «يمكن تصور أن نداء للمساعدة سيوجه يوماً إلى الغربيين» لمحاربة تنظيم الدولة «داعش». «لكن الطريق سيكون طويلاً لأن هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بصعوبة هش للغاية» وينص الاتفاق الذي وقع عليه أعضاء في البرلمانين المتنازعين، أحدهما مقره في طبرق شرقاً والآخر في طرابلس، على تشكيل حكومة وحدة وطنية لوضع حد لـ»الصوملة» التي تشهدها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
لكن رئيسي المجلسين المتنازعين رفضا الاتفاق. وما يزيد من الغموض هو أن ممثلين آخرين للمجلسين أعلنوا في 6 ديسمبر الحالي في العاصمة التونسية التوصل إلى اتفاق مبدئي. ولفت المحلل شاشناك جوشي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث في لندن، إلى «أن هناك عدداً كبيراً من الناس الذين يتقاتلون على الأرض وغير موقعين» على الاتفاق.
أما الغربيون وبينهم إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة، والولايات المتحدة فقد وافقوا عليه بدون تحفظ. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بارتياح «إن بإمكان المجتمع الدولي من الآن فصاعداً التعامل مع حكومة واحدة تمثيلية (...) في القتال ضد «داعش» ومهربي المهاجرين». واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في رد فعله أن تشكيل حكومة وحدة وطنية «شرط للقضاء على الإرهاب». وفي حال تشكيل حكومة موحدة ومستقرة ستصبح المحاور الطبيعي والمشروع للغربيين الذين يدرسون خيارات مختلفة لمحاربة متطرفي «داعش».
وتبدي إيطاليا التي رعت مع الولايات المتحدة مؤتمراً لتحضير الاتفاق بين الليبيين قلقها الشديد من تنامي قوة «داعش» والتهديد الذي يشكله على مصالحها الاقتصادية في ليبيا وخصوصاً المصافي النفطية.
وأعلنت استعدادها لقيادة قوة لحفظ السلام على الأرض لكن بعد الحصول على موافقة الطرفين وبتفويض من الأمم المتحدة. وصرح دبلوماسي فرنسي من جهته قبل توقيع الاتفاق «نريد التأكد من عدم سقوط الثروات النفطية بين أيدي الإرهابيين. وإن لم يطبق الاتفاق ينبغي أن نضمن أمننا كما علينا التفكير في العبر الواجب استخلاصها». وفي نوفمبر الماضي قام الجيش الفرنسي بطلعات استطلاعية فوق مدينة سرت المعقل الليبي لـ»داعش» الذي يقدر مصدر فرنسي عدد مقاتليه بنحو 3 آلاف رجل. وفي 11 ديسمبر الحالي صرح رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الذي شهدت بلاده اعتداءات تبناها «داعش» وأوقعت 130 قتيلاً في 13 نوفمبر الماضي «إننا في حرب، لدينا عدو هو «داعش»، علينا محاربته وسحقه في سوريا والعراق وغداً على الأرجح في ليبيا». وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ مطلع ديسمبر الحالي استعداد الحلف لـ»مساعدة» حكومة وحدة وطنية في ليبيا أن طلبت منه ذلك. لكنه استبعد خيار القيام بعملية عسكرية. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي أن الولايات المتحدة «مصممة على أن تقدم لحكومة الوحدة دعماً سياسياً كاملاً ومساعدة تقنية واقتصادية وأمنية وكذلك لمكافحة الإرهاب». ويقتصر نشاطها العسكري على مهمات محددة. وفي منتصف نوفمبر الماضي تم تصفية العراقي أبونبيل وهو من كبار قياديي «داعش» في ليبيا في قصف أمريكي. وفي حادث مثير للغرابة كشفته شبكات التواصل الاجتماعي بالصور وأكده مصدر رسمي أمريكي قام فصيل مسلح محلي بطرد مجموعة من القوات الخاصة الأمريكية لدى وصولها إلى قاعدة جوية ليبية.