شيخة العسم
قال رئيس قسم القانون بالأكاديمية الملكية للشرطة د.خالد الدويري الخبير الدولي المختص في الأخطاء الطبية ، إن الأخطاء الطبية في العالم العربي يصعب حصرها وتفوق الخيال ومن الصعوبة بمكان التوصل لرقم محدد بشأنها، ولكنها كبيرة جداً مقارنة بالدول الأوروبية، وأضاف:» ففي أمريكا تحصد 98 ألف حالة سنوية، وفي بريطانيا 60 ألف حالة فما بالك بالدول العربية».
وأوضح الدويري، في ندوة أقيمت بكلية الحقوق بجامعة البحرين ضمن «الأسبوع القانوني» في نسخته الثانية، تحت عنوان» المسؤولية المدنية للطبيب»، هناك مسؤولية مجتمعية تجاه الطبيب والتي يجب أن يعرف من خلالها ما له من حقوق وما عليه من واجبات وخصوصاً أنه يتعامل مع جسم بشر، وأكد أن تفعيل مشروع قانون المساءلة الطبية ليس ضد الطبيب وإنما هو قانون يحمي الطبيب والمريض في الوقت نفسه.
وعرّف الدويري الخطأ الطبي بأنه كل إهمال يصدر عن طبيب، وليس الإهمال المادي فقط كإجراء جراحة وإنما أيضاً تقديم معلومات غير صحيحة عن المريض ومتابعة العلاج ووصف العلاج غير الصحيح، وقال «هناك معيار دولي في تعريف الإهمال والتقصير وهو عدم اتباع الأصول العلمية المستقرة عالمياً سواء في التشخيص او في مرحلة العلاج او مرحلة متابعة المريض بعد العلاج، وأضاف :» في البحرين للأسف لا يوجد قانون خاص يسأل الأطباء عن اخطائهم وانما يجب الرجوع للقواعد العامة في حين أن الإمارات أولى الدول التي فعلت القانون على مستوى الخليج العربي والسعودية والكويت بصدد تفعيله في حين أن البحرين كانت بصدد تفعيله إلا أنه توقف حالياً».
وعلى هامش الندوة، ورداً على سؤال لـ «الوطن»مفاده أين يذهب من يتعرض لخطأ طبي في البحرين، قال:» ليس له حل سوى الله « وأردف « لا توجد دعاوى ترفع ضد الأطباء في البحرين للأسف الشديد لأن الشخص البحريني معروف بأنه ودود وحبوب، ولعدم وجود قوانين رادعة تأخذ له حقه».
وكشف الدويري أن جمعية الأطباء البحرينية لا تقوم بدورها الرقابي بشكل سليم وكامل، وقال: «بالنسبة لجمعية الأطباء، لديهم صلاحية الرقابة على الأطباء البحرينيين والأجانب، ويراقبون الشهادة ومطابقتها سواء من خارج البحرين أو من جامعة الخليج العربي، ولكن هناك أولوية وجوب تقديم امتحان للأطباء المزاولين للمهنة على أرض المملكة بأن تجري الجمعية امتحان امتياز للأطباء للتأكد من تمكنه من ممارسة الطب، وبالتالي يتقرر الموافقة على مزاولته المهنة من عدمه».
وحول الخلط بين القضاء والقدر والخطأ الطبي، قال الدويري:»نحن في مجتمعات إسلامية تؤمن بالقضاء والقدر وخصوصاً بعد موت الشخص العزيز، وغالباً ما يقال هذا أجله ويومه ولو رفعنا قضية وطالبنا بالتعويض فهل يرجع للحياة، ولكن هذا خطأ ربما للشخص المتضرر لديه عائلة وهناك من يعيله، أيضاً هناك حالة قبل سنتين، تمثلت في دخول طفل 14 سنة لمستشفى السلمانية وفيه «رشح» من البرد وخرج بعد ساعتين وهو متوفى، ولم نستطع الحصول على ملفه الطبي وسبب موته مجهول، وأضاف:» لا نستطيع الحصول بسهولة على على الملف الطبي للمريض من المؤسسات العلاجية، وعند رفع قضية تطلب المحكمة - بطلبات عارضة - الملف من المستشفى فيبدأ التلاعب والتزوير في الملف والمعلومات ليتكتم على الموضوع والسبب هو تعاون الزملاء وانحيازهم لبعضهم البعض وينعدم هنا الضمير خوفاً من أن يدان الطبيب أو أحد مساعديه وهذا يحدث في البحرين وغيرها من الدول العربية وهو أمر خطير للغاية تضيع فيه الحقوق ويهرب الطبيب من المساءلة».
وأكد الدويري عدم وجود محامين متمرسين اختصاصهم فقط الأخطاء الطبية في الوطن العربي كله، وهناك نسبة 95% من القضايا التي ترفع لم تنجح بسبب عدم المقدرة على إثبات الخطأ الطبي، في حين يقوم القضاة بالاستعانة بأكثر من مستشار في حال وجود خطأ فني لحل القضية، إلا إذا كان خطأ واضحاً كترك مقص أو شاش في بطن المريض، وأكد الدويري أن القانون يسأل الطبيب عن الإهمال وليس عن الغلط العلمي في التشخيص، فالغلط العلمي في التشخيص يعتمد على قدرات الطبيب الفنية في تشخيص الحالة وقدراته المهنية والمهارية وهنا لا يحاسب عليها ويحاسب على الإهمال في التشخيص ويأتي من عدم التبصر واليقضة المطلوبة من طبيب حريص كعناية الرجل المعتاد في نفس المهنه اخذين ىعين الاعتبار ظروف الشخص والزمان والمكان .
ونوه الدويري أن الطبيب الخاص أو المستشفى الخاص لا يحاسب على عدم وجود الأجهزة غير المتطورة في علاج المريض ولكن من واجبه التبصير بها للمريض، في المقابل بخصوص طبيب التجميل فإنه يحاسب على النتيجة المرجوة كون العلم فيه متطوراً للغاية ويستخدم فيه أجهزة متطورة وأصبحت عملية معتادة يومية.
وأوصى الدويري بحلول تقلل من الأخطاء الطبية في البحرين، منها: أولاً: تشكيل لجنة طبية للنظر في الأخطاء الطبية غير تابعة للصحة ولا لقسم الشكاوى، وإنما تكون مستقلة، وثانياً: وجود رقابة صارمة ومستمرة من الدولة على المؤسسات الصحية، وثالثاً: تقديم ورش عمل تدريبية للأطباء بشكل مستمر ورابعاً: التأمين الالزامي على عمل الاطباء ضمانه للطبيب وحماية للمريض وذلك اسوة بماهو معمول به في الدول االمتقدمة في هذا المجال.